«إنها أكثر عُرضة إلى التأويل والهجوم»

الجازي السنافي لـ «الراي»: المرأة تُحاكَم على فكرها... حين تختار أسلوباً «لا ببغاوي»

12 مايو 2025 10:00 م

- لا أعتقد أن المرأة ناقصة إطلاقاً... بل محاطة بحواجز تحجب اكتمالها

«المرأة أكثر عُرضة إلى التأويل والهجوم، بل إنها تُراقَب أكثر وتُتهم بشكل أكبر من الكاتب الرجل».

الكلام للإعلامية والكاتبة الصحافية الجازي السنافي، التي أكدت في حوار مع «الراي» على أنها صاحبة رأي حُر، وترفض التكرار، حتى لا تكون ذات أسلوب «ببغاوي» على حد قولها.

وألمحت السنافي إلى أن المرأة ليست ناقصة، بل محاطة بحواجز تحجب اكتمالها.

• لماذا اخترتِ العمل الإعلامي بالتحديد، رغم صعوبة هذا المجال؟

- الصحافة والعمل الإعلامي مجال صعب وأستطيع القول إنه «شائك» ويحتاج إلى تأنٍ ودقة ومتابعة لآخر الأخبار والإلمام بمواضيع كثيرة، ويتطلب كذلك بحثاً وقراءة عميقين. وجدت نفسي أميل إلى تحدٍّ ذاتي بالدرجة الأولى، فالإعلام في نظري ليس مجرد هواية أو «هبّة» موقتة، بل هو صوت ومرآة تعكس الواقع - مهما كان مشوَّهاً - اخترت هذا الطريق رغم صعوبته، لأنني أؤمن بأن الكلمة حين تُقال في وقتها بصدق وجرأة، قادرة على أن تصنع فرقاً. لم أحبذ فكرة أن أكون كاتبة عابرة في وقت يعج بالعابرين ولا كاتبة تجارية، بل صاحبة قلم حر ورأي حر وفكر حر.

• مَنْ هي الشخصية الإعلامية التي تأثرتِ بها؟

- تأثّرتُ بكثير من الأسماء واللا أسماء، لكن إن أردتم الحقيقة، لم تكن هناك شخصية واحدة فقط. تأثّرتُ بكل من كان صادقاً مع كلمته، حرّاً في طرحه، وجريئاً في زمن الخوف والكتابة التجارية المُسيَّرة. أحياناً، أستلهم من صحافية مجهولة كتبت تقريراً جريئاً في بقعة تمنع فيها الكلمة أو الصورة، وأحياناً أستلهم من طفل أبدى رأياً ورغبة من دون خوف من العواقب أكثر مما أستلهم من اسمٍ كبير ولامع. أحاول أن أقرأ بموضوعية، وأحياناً أقرأ المقال قبل الاسم حتى لا أحمل أي تصور أو توقع قبل القراءة، لأنني عندما أقرأ فأنا أبحث عن شيء ما، ولا أقرأ لمجرد القراءة بل أحلل كذلك، وما يوجد بين السطور أهم بكثير مما يوجد على السطور.

• أصبحتِ وجهاً ثقافياً بارزاً في العديد من المحافل والملتقيات الأدبية التي تشاركين بها، فهل يمكننا القول إن المرأة الإعلامية أوفر حظاً من الإعلاميين الرجال؟

- لا أعتقد أن المرأة الإعلامية أوفر حظاً، بل أجرؤ على القول إنها أكثر عُرضة إلى التأويل والهجوم. وهذا اختبرته فعلياً. المرأة تُراقَب أكثر، وتُحاكَم على فكرها وتُتهم بشكل أكبر من الكاتب الرجل، ويُساء فهمها حين ترفض التكرار وتختار أسلوباً «لا ببغاوي». دخول المرأة في عالم الصحافة يعني السباحة في بحر متلاطم الموج وعليها تعلّم السباحة في محيط مليء بالحيتان.

وشخصياً، أحرص على التواجد والذهاب إلى الملتقيات الثقافية باستمرار، وهي التي أعتبرها حرفياً «مواقع التواصل الاجتماعي الحقيقية» لا تطبيقات التواصل المعتادة.

• ما الذي ينقص المثقفة الكويتية في وقتنا الحالي؟

- ما ينقص المثقفة الكويتية اليوم ليس الفكر، فالفكر حاضر، ولا الشجاعة، فهي تُثبتها كل يوم، ولا المهارة فهي متمكنة من ذلك، بل ينقصها المجال الآمن للانطلاق من دون وصاية وإطلاق الأحكام، تنقصها اليد التي تدفعها نحو واجهة تُعبر من خلالها عن واقع، لا عالم مزيف يتوقع نصوص مبرمجة. ينقصها مجتمع لا يربط نضجها الثقافي «بخروجها عن الدور»، ولا يطالبها بأن تكون صورة طبق الأصل من أشخاص معتادين ومُكررين كي تُقبل. لا أعتقد أن المرأة ناقصة إطلاقاً، بل محاطة بحواجز تحجب اكتمالها.

• تتسم مقالاتك الصحافية بالجرأة إلى حدٍ ما، لناحية القضايا السياسية التي تتطرقين إليها، فهل يحق لك ما لا يحق لغيرك من الكتّاب؟

- يحق لنا أن ندوّن قناعاتنا، والجرأة ليست امتيازاً، بل التزاماً مجتمعياً. لا أملك حصانة، لكنني أملك قناعة ورأياً ومبدأ. وما أكتبه ليس لأنني أرى أنه يحق لي ما لا يحق لغيري، لكن يحق لي أن أدافع عن قضيتي وفكري بأسلوبي ووفق قناعاتي. وآمنت بمقولة دوستويفسكي: «إنه عقلي أنا، فلا تبحث فيه عن أفكارك». ربما الفرق الوحيد أنني لا أكتب لأُعجب.

• كيف توفقين بين كتابة المقال الصحافي، وعملك في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب؟

- شخصياً لا أرى بينهما تضاداً، بل تكاملاً. عملي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كمسؤولة إعلامية يمنحني تواصلاً مباشر مع المشهد الثقافي - داخل أو خارج المجلس - بكل تنوعه وتحدياته، أما المقال فهو المساحة التي أستعيد فيها صوتي - من دون قيود - وأعبّر من خلالها عن آرائي ككاتبة، ووجدت أن كثيراً من زملاء العمل والمسؤولين يتابعون ما أكتب وهذا أمر جيد.

• هل تهتم الجازي السنافي بقضايا المرأة الكويتية؟ وهل تجدين نفسك في الصفوف الأولى بالذود عن حرياتها وحقوقها؟

- أؤمن بأن قضايا المرأة ليست هامشاً في حديث المجتمع، بل هي في صميم قضاياه. أنا مهتمة بشؤون المرأة الكويتية من منطلق الوعي والالتزام، لا من باب التحيّز أو المجاملة. المرأة الكويتية أثبتت حضورها في ميادين شتّى: في القانون، في الأدب، في السياسة، وفي العمل، ومع ذلك ما زالت تُحاصر أحياناً بقيود اجتماعية أو قانونية لا تليق بعصرها ولا بمكانتها.

أما عن موقعي، فلا أقدّم نفسي بطلة ولا أدّعي الصدارة، لكنني لا أتراجع عن الكلمة إذا كانت عادلة، ولا أتردد في الكتابة حين يكون الصوت ضرورياً.