بعد أكثر من أربعة عقود من حمله السلاح ضد الدولة التركية خلّفت أكثر من 40 ألف قتيل، أعلن «حزب العمال الكردستاني»، في قرار تاريخي، حل نفسه وإنهاء تمرده المسلح، ما يعزز موقع الرئيس رجب طيب أردوغان، في انتخابات 2028 بمواجهة معارضة منقسمة.
واعتبر الحزب في بيان نقلته «وكالة فرات» للأنباء المقرّبة منه، أنه أنجز «مهمته التاريخية» و«أوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل عن طريق السياسة الديمقراطية».
وأكّد أن مؤتمره الثاني عشر الذي عُقد في جبال قنديل بشمال العراق بين الخامس والسابع من مايو، «اتخذ... قرارات بحل الهيكل التنظيمي لحزب العمال الكردستاني وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح وإنهاء الأنشطة» التي كانت تمارس باسمه.
وأوضح أن حلّ نفسه «يوفر أساساً قوياً للسلام الدائم والحل الديموقراطي»، داعياً البرلمان «إلى لعب دوره بمسؤولية تاريخية».
وقال عضو اللجنة التنفيذية للحزب دوران كالكان للمندوبين «هذه ليست النهاية، بل هي بداية جديدة».
ويأتي الإعلان تلبية لدعوة أطلقها في 27 فبراير، مؤسس الحزب عبدالله أوجلان المسجون على جزيرة إيمرالي قبالة اسطنبول منذ 1999 حض فيها مقاتليه على نزع السلاح وحلّ الحزب.
وفي الأول من مارس، أعلن الحزب الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون «منظمة إرهابية»، وقف إطلاق النار بأثر فوري.
ورحّب حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، بما اعتبره «خطوة مهمة نحو جعل تركيا خالية من الإرهاب».
وقال الناطق عمر جليك «يجب تنفيذ هذا القرار وتطبيقه بكل أبعاده»، معتبراً أن «إغلاق كلّ فروع الحزب وامتداداته وهياكله غير القانونية سيشكّل نقطة تحول».
من جهته، أكد مدير الإعلام في الرئاسة فخرالدين ألتون، أنه «سيتم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تقدّم العملية بشكل صحي وسلس»، فيما أشاد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بـ«مرحلة تاريخية ومشجّعة» تجعلنا «نفتخر كثيراً ببلدنا».
بدوره، أكّد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني «استعداد» إقليمه «الكامل للاستمرار في تقديم أي نوع من المساعدة والتعاون لإنجاح هذه الفرصة التاريخية».
واعتبر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن «الاتفاق» يشكل «لحظة فارقة» على صعيد استقرار المنطقة.
وفي وسط مدينة دياربكر (جنوب شرق) وحيث غالبية السكان أكراد، قوبل الإعلان بالفرح والرقص الشعبي والموسيقى، بحسب لقطات بثتها وسائل إعلامية محلية.
«مسؤولية تاريخية»
ولا يعرف حتى الآن ماذا سيكون مصير أوجلان (76 عاماً)، غير أن مسؤولا في حزب العدالة والتنمية لمح إلى أن نظام اعتقاله «سيُخفّف»، من دون أن يتطرّق إلى إمكان إطلاقه، بحسب «صحيفة تركيا» الموالية للحكومة.
ولفت إلى أن الزعيم الكردي، الذي يحظى بتقدير كبير لدى أنصار حزبه، يخشى على حياته في حال خرج من السجن و«يعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج».
«تعزيز سلطة» أردوغان
وترى مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط غونول تول أن «المحرّك الأساسي (لهذه العملية) لطالما كانت رغبة اردوغان في تعزيز سلطته»، مشيرة إلى أنه قد يترشح من موقع قوة في انتخابات 2028 في مواجهة معارضة منقسمة.
وتشير إلى أن أكراد تركيا لم ينضموا إلى تظاهرات المعارضة التي نددت بتوقيف رئيس بلدية إسطنبول المُعارض أكرم إمام أوغلو منذ 19 مارس، وهو مرشح حزب الشعب الجمهوري المؤيد للأكراد، للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأطلق الحزب الذي تأسس في العام 1978، تمرداً مسلحاً ضد أنقرة عام 1984 لإقامة دولة للأكراد الذين يشكّلون نحو 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وفي شمال العراق، تقيم تركيا منذ 25 عاماً قواعد عسكرية لمواجهة مقاتلي الحزب الذين يتمركزون في معسكرات في إقليم كردستان.