في قلب جبال الهيمالايا... «الخطر الدائم» بين الهند وباكستان

11 مايو 2025 10:50 م

- خط السيطرة بين الجارتين النوويتين ليس مجرد فاصل جغرافي بل منطقة عسكرة تسكنها البنادق أكثر من البشر

في قلب جبال الهيمالايا، وعلى ارتفاع لا صوت يعلو فيه فوق صوت الرياح والرصاص، رسم القرن الماضي بين الهند وباكستان في إقليم كشمير المتنازع عليه، خط نار فوق الجليد وسُمّي «خط السيطرة LoC» وهو أخطر حدود غير مرسّمة في العالم.

خط السيطرة بين الجارتين النوويتين ليس مجرد فاصل جغرافي، بل منطقة عسكرة تسكنها البنادق أكثر من البشر، خط لم يهدأ بين بلدين منذ أن استقلا عن بعضهما البعض في العام 1947.

فالحروب بين إسلام أباد ونيودلهي لا تنتهي بتوقيع اتفاق، غالباً، بل هدنات قابلة للاشتعال، كما حدث خلال الأيام الماضية من اشتباكات واسعة بأسلحة مختلفة بدأت من خط السيطرة حتى وصلت إلى عمق البلدين.

طبيعة الحدود

يمتد خط السيطرة لمسافة تقارب 740 كيلومتراً، وهو خط غير معترف به من الجانبين، على عكس الحدود الدولية شبه الهادئة بينهما.

هذا الخط رسمته الأمم المتحدة عقب الحرب الباكستانية - الهندية الأولى عام 1949، وكان أول ما سمي به هو «خط وقف إطلاق النار»، في إطار إنهاء الحرب التي استمرت بين الجارتين المنفصلتين حديثاً لأكثر من عام.

هذا الاتفاق لم يكن رادعاً لأي طرف، لأنه كان موقتاً، حتى توقيع معاهدة «شيملا» عام 1972، والتي أطلقت على الحدود المتنازع عليها اسم «خط السيطرة».

ويعيش بالقرب من خط السيطرة، مدنيون في قرى ومناطق جبلية وعرة، لكنه يشكل خطراً عليهم بسبب كثرة الألغام الأرضية والاشتباكات الحدودية المستمرة.

الانتشار العسكري

يعتبر خط السيطرة أكبر منطقة تمركز عسكري دائم في العالم، حيث تحتفظ الهند بأكثر من 500 ألف جندي فيه، أما باكستان فتنشر ما بين 150 إلى 200 ألف جندي.

هؤلاء الجنود يقفون على أهبة الاستعداد مدجّجين بالأسلحة، وتحيط بهم المدرعات والدبابات، وحتى الطائرات، وكأن الحرب تبدأ بعد ثانية، وهذا ما يجعل من كل اشتباك احتمالاً لكارثة إقليمية وحرب شاملة، ويسبب قلقاً دولياً.

الهدنة القابلة للاشتعال

رغم وجود اتفاقيات عدة لوقف إطلاق النار، من أبرزها اتفاقية ما بعد الحرب الأولى عام 1949 وشيملا 1972، إلا أن كل هذه الاتفاقيات بين الطرفين شهدت انتهاكات لعشرات المرات.

ويرى الهنود والباكستانيون أن أفضل اتفاقية لوقف إطلاق النار صمدت لفترة طويلة، هي التي لم تكن مكتوبة في 2003، بل كانت تفاهماً عسكرياً ميدانياً بين الجيشين، في أعقاب تصاعد التوترات والاشتباكات المتكررة على خط السيطرة.

التفاهم العسكري عام 2003 ساهم في خفض التوترات على الحدود غير المعترف بها، حتى تصاعدت الانتهاكات تدريجياً عام 2016.

ووصلت الاشتباكات إلى حد غير مسبوق في 2017، حيث ذكرت وسائل إعلام في البلدين، أن العام 2017 شهد 971 انتهاكاً لوقف إطلاق النار، وتسبب بمقتل 31 شخصاً وإصابة 11 آخرين، بمعدل ما يقارب 3 انتهاكات يومياً.

أما في 2020 بلغت الخروقات ذروتها، حيث كان خط السيطرة شاهداً على ما يقارب 5 آلاف خرق لوقف إطلاق النار، أي بمعدل 14 انتهاكاً للاتفاقية غير المكتوبة، في يوم واحد.

لكن المؤسستين العسكريتين قررتا تدارك الأمر خوفاً من الانزلاق لحرب والوصول لطريق مسدود، ففي فبراير 2021 أكدتا على تجديد الالتزام باتفاقية 2003، وأصدرتا بياناً مشتركاً - في سابقة لم تحدث منذ 1972 - جاء فيها ان البلدين «اتفقا على الالتزام الصارم بكل الاتفاقيات والتفاهمات المتعلقة بوقف إطلاق النار على طول خط السيطرة والمناطق الأخرى».

لذلك أعاد التصعيد خلال الأيام الماضية على خط السيطرة، شبح الحرب، بعد اشتباكات وصلت إلى عمق البلدين.

لذلك تحركت الوساطات الدولية في أكثر من 30 دولة، بحسب مسؤولين باكستانيين، وفي مقدمها السعودية والولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمة، والتي نجحت بدورها وساهمت في خفض التصعيد بينهما والاتفاق على وقف إطلاق النار، ظهر العاشر من مايو الجاري.

لكن يشدد مراقبون على ضرورة الوصول إلى اتفاقية شاملة وملزمة للطرفين، تتضمن آلية مراقبة دولية مشتركة، تضمن على الأقل الحد من الخروقات المتكررة وتفرض استقراراً فعلياً ومستداماً على الأرض.