المنطقة الحرة

بالونات اختبار...!

11 مايو 2025 10:50 م

استاء أحد المديرين التنفيذيين في إحدى الشركات الكبرى من كثرة المعلومات والأخبار التي تصله بشكل يومي عبر هاتفه وبريده الإلكتروني وأصدقائه وحتى زوجته وأبنائه عن أمور داخلية تخص الموظفين العاملين في قطاعه، ويعتبر جزءاً منها افتراءات مغلوطة يهدف ناقلها إلى إظهار زميله أو مديره بصورة سيئة من أجل النيل منه، ما يشغل بال هذا المدير ويهدر الكثير من وقته على أمور سلبية.

في يوم التقييم السنوي للموظفين جمع المدير موظفيه في غرفة الاجتماعات وربط على إحدى الطاولات بالونات على عددهم، ثم طلب منهم أن يأخذ كل واحد منهم بالونه ويربطه على قدمه... وأخبرهم بأن الشخص الذي سيحافظ منهم على بالونه سليماً لمدة نصف ساعة سينال البونص السنوي كاملاً لتقييم هذا العام، وما أن بدأ العد حتى انهال كل موظف على رجل الموظف المجاور له من أجل «بالونه»، وامتلأت الغرفة بالبالونات «المبطوطة» ولم يتبق بالون واحد.

«انشقت» دشداشة أحدهم، و«حاش» أحدهم شداً عضلياً برجله من كثر الدوس على البالونات وساح كحل البنات من الدموع على بالوناتهن «المبطوطة» وانصدم صاحبنا المدير من المشهد وقال لهم: أنا لم أطلب منكم تفجير بالون الآخر؟ فقط... بكل بساطة، لو كل واحد منكم جلس في مكانه لمدة عشر دقائق لنلتم جميعكم البونص السنوي...

ولو أسقطنا هذه القصة، المقتبسة من الأسطورة الماليزية مهاتير محمد، الذي طبقها عام 1974، في إحدى المناسبات قبل أن يصبح وزيراً للتعليم في السنة التالية ثم رئيساً لوزراء ماليزيا عام 1981، ولغاية 2003، والذي كان له دور رئيسي في تقدم ماليزيا بشكل كبير ومن أكثر القادة تأثيراً في آسيا، إذ تحولت من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85 % من إجمالي الصادرات، وتنتج 80 % من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية.

لو أن كل شخص أدرك أنه من الممكن ومن الأفضل أن يحقق نجاحه من دون اتخاذ قرار سلبي ضد الآخر لحقق نجاحه وأهدافه، لو ركز كل شخص بمجال عمله وبمساحته الخاصة لأبرز تميزه من دون الحاجة إلى الإساءة للغير أو الصعود على أكتاف الآخرين، ولكن التفكير السلبي يطغى على عدد كبير من الناس للأسف الشديد الذين يعتقدون أن النجاح يتحقق بالنميمة أو التبلي على الآخرين من أجل الوصول إلى غاياتهم، وكلما أحسنت نيتك وطهرت مقصدك أحسن الله إليك وإكرم مآلك... وكلما تمنيت الخير لغيرك وفقك الله إلى النجاح.

استغرب من انتشار ثقافة «احفر حفرة لزميلك... تصعد على أكتافه وتسبق دوره»! وهي منتشرة للأسف بين الكبار قبل الصغار، واللوم أكثر يقع على بعض المسؤولين الذين لا يسمعون كامل الحقيقة ويرمون بسمعهم للناقل الأول دون النظر عن كامل الصورة وعن أسبابها، أو يلتفتون فقط نحو ردة الفعل ولا يبصرون إلى سابق الفعل الأول، ما يؤجج القيل والقال بين أسوار المؤسسة ويشغل الإدارة عن الإنجاز ووقت العمل على صغائر الأمور.

[email protected]