بحكم عملي في وزارة الكهرباء والماء لمدة تجاوزت 32 عاماً، عملت خلالها في محطات القوى الكهربائية وتقطير المياه، ومحطات ضخ المياه ومن ثم شؤون المُستهلكين، أُدرك جيداً مدى الجهد الكبير والعمل الدؤوب الذي يبذله زملائي السابقون، من معالي الوزير إلى أصغر موظف وخاصة في محطات القوى الكهربائية وشبكات النقل والتوزيع، الذين يبذلون جهوداً مضاعفة ويواصلون الليل والنهار من أجل توفير واستمرار خدمتي الكهرباء والماء، فلهم كُلّ التحية والتقدير على هذا العمل الوطني.
يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) وكذلك في سورة أخرى (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) صدق الله العظيم.
الكهرباء والماء يعدان شريان الحياة ولايمكن الاستغناء عنهما، والإسراف والتبذير في استخدامهما سلوك سيئ، يخالف تعاليم ديننا الحنيف ويُعد تصرفاً غير تربوي وغير وطني، فحتى تستمر خدمة الكهرباء والماء لابد من تغيير سلوكنا وتبدّل ثقافتنا الاستهلاكية وسنّ بعض القوانين التي تحدّ من ذلك التبذير.
فلعلّ الكثير لا يُدرك أن تكلفة إنتاج الكهرباء وتقطير المياه، تعتبر عالية جداً وتستهلك الكثير من الوقود والأيادي العاملة والجهد والمعدات وصيانتها وتشغيلها، فهي تُكلّف الدولة الكثير من الأموال الطائلة.
بالأمس طالعتنا الصحف بأحد القرارات الشعبية الجيدة التي نحتاج لمزيد منها، تمثل في أن قرار مجلس الوزراء الموقر خلال اجتماعه السابق، بشأن تكليف كُلّ الجهات الحكومية، التنسيق مع وزارة المالية لإعادة النظر بأسعار الخدمات التابعة لها، بما يتناسب مع تكاليفها، خلال شهرين، لن يشمل تسعيرة، الكهرباء والماء والبنزين، وأن الرسوم وأسعار الخدمات التي تدخل في معيشة المواطن لن تُمس، وهذا التصريح يُؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك بالتزام الحكومة ومحافظتها على الدستور الكويتي الذي حث على توفير كل سُبل العيش الكريم والرفاهية، فنحن مُطالبون بتغيير ثقافتنا الاستهلاكية وترشيد استهلاك الكهرباء والماء، لكي نحافظ عليهما وندعم ونقدر تلك الجهود التي تساهم في استمرارهما، فمن أجل بلدنا والمحافظة على ثرواتها وأموالها لابد أن نساهم بشكل كبير في تخفيف الأحمال الكهربائية وذلك بعدم الإسراف حتى تدوم النعم، والله من وراء القصد.
mesferalnais@