الزراعة درس ثمين أتمنى أن تتم إضافته «كدرس عملي» متواصل في مناهج المراحل الدراسية الابتدائية والمتوسطة، حيث تُعلم التلاميذ منذ الصغر على العِبر والدروس العديدة المستفادة من «الزراعة» فهي درس بمفهوم الصبر، بأن لكل شيء ثمين في الدنيا وقتاً يدفع لكي تحصل عليه، ومثال بليغ «للاستحقاق» فكل شيء نصل عليه هو نتاج مراحل من المثابرة والانتظار والمحاولة والخطأ... والتجربة من جديد، ولعل أهم درس يأتي بعد الصبر هو «العطاء»... فلكي تأخذ وتحصل على ما تريده من الثمار، لابد أن تقدم شيئاً من العطاء المطلوب للوصول إلى مرحلة جني الثمار، من وقت وغذاء وسقي واهتمام ورعاية لكل نبتة، من مرحلة غرس البذرة مروراً في امتداد الجذور انتهاءً في جني الثمرة عند نضوجها.
كما تعلم أن الزراعة قبل كل شيء هو اختيار التربة الخصبة الطيبة الصالحة للزراعة، لئلا تهدر وقتك وجهدك على أرض قاحلة عقيمة رديئة، وهو الأمر الذي بلا شك ينعكس على الاختيار في العلاقات والعمل وتضييع الوقت، واختيار الأصدقاء والأنساب، كما تعلم الصبر على ما تحب وعلى ما لا تحب، في تربية الأبناء وفي تجاوز الأزمات، وفي احترام الاستحقاق، وبأن لكل مجتهد مثابر مخلص في عمله... نصيباً ولو بعد حين يصل فيه إلى ما يستحقه، فالجميع سواسية في ذلك بناء على درس الزراعة، ويجب تقبله، وبأن يدك ستجني ما ستتركه من أثر ولو بعد حين من خير أو شر.
درس تعلمته بالصغر بكل فخر أثناء الغزو عام 1990، مع أبناء الجيران، بدأ كتسلية وأصبح كحاجة، زرعنا في حدائق منازلنا في منطقة مشرف الطماطم والجزر والفجل والبقدونس والاشبنت بصبر وحب وفرح.
أتمنى من وزارة التربية أن تضيف درس الزراعة للطلبة في حدائق مدارسهم، وأيضاً في حدائق كل منطقة، بحيث يأتي الطالب أو الطالبة بعد سنوات طويلة بعد أن يصبحا آباءً ويشيرا لأبنائهما نحو الزاوية التي شاركا مع زملائهما تحت اسم السنة واسم الصف، تجسيداً لمشاركة المواطنين من أهالي المنطقة في تشجير مناطقهم ورعاية حصادهم.