أعرب الرئيس الفخري لمجلس تعزيز الفرانكفونية في الكويت (CPFK)، سمو الشيخ ناصر المحمد، عن أمله في رؤية المزيد من التعاون الثقافي بين الكويت ودول الفرنكوفونية، مشدداً على أن «الفرنكوفونية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل حاملة لتراث ثقافي هائل».
وفي كلمة ألقاها بالفرنسية، في حفل أقيم برعاية سموه، مساء الأربعاء الماضي، بمقر إقامة السفير الفرنسي لدى البلاد، بمناسبة اختتام فعاليات الاحتفال بشهر الفرنكوفونية 2025 (13 - 30 أبريل)، عبّر الشيخ ناصر المحمد، عن اعتزازه بالمشاركة بالمناسبة، تقديراً للدور الثقافي الذي تمثله الفرنكوفونية.
تبادل المعرفة
وشدد المحمد على حرص الكويت على توفير كل التسهيلات اللازمة لدعم الفرانكوفونية، مشيراً إلى أن الكويت لطالما كانت حاضنة للثقافة والفنون في المنطقة، وستظل أبوابها مفتوحة لتبادل المعرفة والتعاون الثقافي مع مختلف دول العالم الناطقة بالفرنسية.
ولفت إلى المساهمة المتميزة للفرنكوفونية في ثقافة العالم المعاصر، ودورها في تعزيز الحوار والتنوع الثقافي، في ظل عالم يسير بخُطى متسارعة نحو العولمة.
وقال إن اللغة الفرنسية تحتل مكانة رفيعة في عالم الفكر والثقافة، لما تمتاز به من وضوح ورقة ودقة منطقية، مشيراً إلى أن هذه الخصائص جعلت منها لغة محببة في مجالات الفلسفة والقانون والدبلوماسية، ومدعومة منذ القرن السابع عشر بالجهود الأكاديمية الفرنسية لتقنين اللغة.
وأضاف أن الفرنسية لغة موسيقية راقية، ارتبطت بفنون الشعر والغناء والرواية، وساعدت على التعبير عن الأفكار الفلسفية المعقدة بلغة مفهومة، ما سهّل انتشارها خلال عصر التنوير.
إثراء «العربية»
وأشار المحمد، إلى أن الفرنكوفونية أدت دوراً مميزاً في إثراء الثقافة العربية، خصوصاً مع كون الفرنسية اللغة الرسمية للثقافة الأوروبية من القرن السابع عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر.
وقال إن النخب الفكرية والسياسية والدبلوماسية استخدمت الفرنسية وسيلة للحوار والانفتاح، وأن ملوكاً وسفراء ومفكرين غير ناطقين بها استخدموها، على رأسهم فلاسفة التنوير مثل فولتير، وروسو، وديدرو، ومونتسكيو، وباسكال.
وأضاف أن اللغة الفرنسية لعبت دوراً رئيسياً في نشر مفاهيم العقلانية والسياسة وحقوق الإنسان، وأسهمت بوضوح في بروز مفاهيم الحداثة مثل العقد الاجتماعي، والحرية الفردية، وفصل السلطات، مؤكداً أن هذه المفاهيم صيغت أولاً بالفرنسية قبل أن تترجم إلى بقية لغات أوروبا.
واختتم المحمد، كلمته بنقل مشاعر الود والاحتفاء، إلى جميع الشعوب الناطقة بالفرنسية، مقدماً شكره لسفراء الدول الأعضاء في المنظمة الفرنكوفونية على مشاركتهم في الاحتفال، ومشيداً بنجاح تنظيم الأمسية.
احتفال استثنائي
من جهته، قال السفير الفرنسي لدى البلاد أوليفييه جوفين: بفضل الجهد الجماعي لأعضاء مجلس تعزيز الفرانكفونية (44 سفيراً وسفيرة) وشركائنا، أقمنا احتفالاً استثنائياً يتزامن مع إعلان الكويت عاصمة للثقافة والإعلام العربي.
وأكد السفير أن الفرنكفونية تُبرز قيم المشاركة والتنوع الثقافي، وأن اللغة الفرنسية، التي يتحدث بها أكثر من 320 مليون شخص في 130 دولة، بينهم 500 ألف في الكويت، تمثل أداة لبناء جسور بين الثقافات وتعزيز الحوار والتبادل.
وأشار جوفين إلى أن نحو 50 ألف طالب في المدارس الحكومية بالكويت يتعلّمون اللغة الفرنسية سنوياً، ما يعكس الاهتمام المحلي المتزايد بها.
واستشهد بقول الأديب الفرنسي جان ماري غوستاف لوكليزيو، الحائز جائزة نوبل: «الفرانكفونية هي فضاء للحوار والتبادل، ومكان تلتقي فيه الثقافات».
الأدب الفرنسي أكبر حاصد لـ «نوبل»
قال سمو الشيخ ناصر المحمد إن اللغة الفرنسية أنتجت أدباً عالمياً غنياً، يتوزع بين الرواية كما في أعمال بلزاك وفلوبير، والمسرح كما في أعمال موليير وكورنيي، والشعر كما في قصائد بودلير ورامبو، مشيرًا إلى أن الأدب الفرنسي حصد أكبر عدد من جوائز نوبل، وله حضور بارز في الفنون والموضة والسينما، بدءاً من المدرسة الانطباعية في الرسم، وصولاً إلى السينما الفرنسية الرائدة.
لغة العقل والجمال
وصف المحمد اللغة الفرنسية بأنها «لغة العقل والجمال»، لما تحمله من أناقة صوتية ومفردات فلسفية وشاعرية، ولا تزال تستخدم في المحافل الدولية ومراكز التشريع الفكري والقانوني، وعلى رأسها الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للفرانكوفونية.
وقال إن اللغة الفرنسية، بتاريخها العريق، حاضرة في جميع قارات العالم، من آسيا إلى أفريقيا، ومن كندا شمالاً إلى هايتي جنوباً، وحتى كاليدونيا الجديدة وتاهيتي في المحيط الهادئ، وسان بيير وميكلون في المحيط الأطلسي، متمنياً لها مزيدا من الانتشار والازدهار حتى تبلغ القطبين الشمالي والجنوبي.