توقّع نمواً اقتصادياً بين 4 إلى 5 في المئة في 2025 - 2026

«الوطني»: دور خليجي مهم في سد فجوة التمويل الخارجي لمصر بـ 10-12 مليار دولار

30 أبريل 2025 10:00 م

أشارت إدارة البحوث الاقتصادية في بنك الكويت الوطني، في تقريرها حول آفاق الاقتصاد الكلي 2025 - 2026 في مصر، إلى أن الالتزام المصري بمرونة سعر الصرف والانضباط المالي، تجلى بشكل أكثر وضوحاً من خلال تسجيل تراجع محدود في الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، واستمرار العمل على إصلاح منظومة الدعم.

وذكر التقرير أن شهر أبريل شهد انطلاق دورة جديدة من التيسير النقدي، مدفوعة بانخفاض حاد في معدل التضخم، إذ من المتوقع أن يُساهم استمرار خفض سعر الفائدة في دعم الاستثمار وتقليص تكاليف خدمة الدين.

ويتّجه النمو الاقتصادي نحو التعافي، ليصل لنطاق يتراوح بين 4 في المئة و5 في المئة، بدعم من زيادة استخدام الطاقة الإنتاجية وتحسّن آفاق القوة الشرائية. وعلى الرغم من توقع تباطؤ وتيرة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر مقارنة بالمستويات الاستثنائية المسجلة خلال العام الماضي، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الاستثمارات الخليجية ستكون كافية لسد الفجوة الخارجية المقدرة بنحو 10 إلى 12 مليار دولار على أساس تراكمي خلال العامين المقبلين.

صرف العملات الأجنبية

بعد مرور أكثر من عام على تخفيض قيمة الجنيه المصري في مارس 2024، بدأت سياسة نظام صرف العملات الأجنبية الأكثر مرونة تترسّخ بشكل أعمق حتى في ظل التحديات الاقتصادية الكبرى الناجمة عن الرسوم الجمركية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة فيما يطلق عليه «يوم التحرير»، وعمليات بيع أدوات دين الأسواق الناشئة، واستمرار الصراع الإقليمي. كما شهد صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي تراجعاً محدوداً خلال الفترة الماضية (وهي الأصول التي كانت تستخدم سابقاً كأداة لتحقيق استقرار العملة). ويُعد الالتزام بسياسة مرنة لتداول العملات الأجنبية أمراً بالغ الأهمية، خاصة مع اقتراب برنامج صندوق النقد الدولي من نهايته (عام 2026). وفي موازاة ذلك، واصلت الحكومة تنفيذ إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة، إذ رفعت أسعار الوقود بنحو 17 في المئة، مع الحفاظ على التقدم رغم الضغوط الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عالمياً. وفي خطوة لدعم بيئة الأعمال، أعلن وزيرا المالية والاستثمار أخيرا عن حزمة من التدابير الجديدة تشمل تحسين السياسات الضريبية، ومناخ الأعمال، وتعزيز حركة التجارة.

تراجع التضخم

بدأ البنك المركزي دورة تيسير السياسة النقدية في أبريل، إذ قام بخفض سعر الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس إلى 25.5 في المئة بعد تراجع معدل التضخم إلى 13.6 في المئة على أساس سنوي في مارس (مقابل 24 في المئة في يناير). ومن المتوقع أن يبقى التضخم في حدود 14-16 في المئة خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، مما سيوفر مساحة لأسعار الفائدة لمزيد من الانخفاض، إذ نتوقع أن تنهي العام في حدود 21-22 في المئة.

وفي 2026، يتوقع أن يصل معدل التضخم إلى 12 في المئة في المتوسط، ما يسمح بخفض أسعار الفائدة بنسبة 4-5 في المئة. وستساهم هذه البيئة الجديدة في تعزيز تدفق الائتمان إلى القطاع الخاص بما يدعم قدرة الشركات على الحصول على التمويل وتحفيز إقبالها على الاقتراض. بالإضافة إلى ذلك، سيساعد هذا التوجه في كبح جماح مدفوعات الفائدة المتضخمة التي تستهلك أكثر من 50 في المئة من إجمالي النفقات العامة. وأخيراً، نتوقع أن يؤدي تراجع أسعار الفائدة إلى تحسّن تقييمات معظم الشركات، ما يمنح برنامج الخصخصة دفعة قوية.

تحسّن الطاقة الإنتاجية

ولاحظ التقرير مواصلة الناتج المحلي الإجمالي إظهار مؤشرات واضحة على انتعاش قوي، إذ سجل نمواً بنسبة 4.3 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الرابع من عام 2024، مقابل 3.5 في المئة في الربع السابق، مع إمكانية استمرار تحسّنه خلال الربع الأول من عام 2025.

ومن المتوقع أن يُساهم بدء دورة التيسير النقدي (خاصة إذا استمر خفض سعر الفائدة خلال الأشهر الستة المقبلة) في زيادة معدلات اقتراض الشركات مبدئياً، وذلك نظراً لاستمرار انخفاض مستويات استخدام الطاقة الانتاجية بنحو 60-70 في المئة، كما من المرجح أن يتركز هذا الاقتراض على تغطية النفقات التشغيلية.

في المقابل، يتوقع أن تتجه البنوك لضخ المزيد من أموالها نحو إقراض الشركات والأفراد بدلاً من الاستثمار في أذونات الخزانة، مدفوعة باستمرار انخفاض العائدات، إذ يبلغ متوسط العائد حالياً نحو 21 في المئة (بعد خصم الضرائب) مقارنةً بأكثر من 25 في المئة بنهاية عام 2024.

وفي هذا السياق، يرجح أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.66 في المئة خلال السنة المالية 2024- 2025، ليواصل ارتفاعه إلى 4.7 في المئة في السنة المالية 2025- 2026، مقارنةً بنمو قدره ـ2.4 في المئة في السنة المالية 2023/2024.

دور خليجي

وأشار التقرير إلى الصفقة الاستثمارية الإماراتية الكبيرة في عام 2024، متوقعاً أن تلعب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى دوراً مهماً في سد فجوة التمويل الخارجي المتوقعة لمصر، والتي تتراوح بين 10-12 مليار دولار لعامي 2025 و2026. وبالفعل، تم تلقي التزامات بعد جولة الرئيس عبدالفتاح السيسي في دول مجلس التعاون الخليجي في أبريل، إذ تعمل قطر على استثمار 7.5 مليار دولار في مصر (في هيئة استثمارات أجنبية مباشرة جديدة)، بينما ورد أن الكويت قد تقوم بتحويل ودائعها الحالية (البالغة 4 مليارات دولار) لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات بالعملة المحلية.

ويساهم تنفيذ هذه الاستثمارات، التي قد تمتد لتشمل قطاع العقارات، في تعزيز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي المصري، بما يعزّز من ثقة الأسواق العالمية في ديناميكيات التمويل الخارجي. كما يتوقع أن تنخفض قيمة الديون الخارجية مستحقة السداد إلى 14 مليار دولار خلال السنة المالية 2026 - 2027، وإلى 10 مليارات دولار في السنوات التالية، ما يساعد في تخفيف الضغوط التمويلية الكبيرة التي أثقلت كاهل البلاد خلال السنوات الماضية، حين بلغ متوسط الدين الخارجي المستحق نحو 30 مليار دولار سنوياً.

الرسوم الأميركية وتأثيراتها على مصر

رجّح التقرير أن يكون لخطوة رفع الرسوم الجمركية الأميركية تأثير متوسط الأجل على توقعات نمو الاقتصاد العالمي (قد يتباطأ) وأسعار النفط (قد تنخفض).

وقد يؤدي ذلك إلى تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر، خاصة تلك المتعلقة بقطاع الطاقة.

إضافة إلى ذلك، قد يؤثر تباطؤ التجارة العالمية على إيرادات قناة السويس، التي لاتزال في مرحلة التعافي بعد توقف حركة الملاحة في البحر الأحمر في وقت سابق. من جهة أخرى، قد يُساهم تراجع أسعار النفط في خفض تكلفة واردات الطاقة، ما يدعم جهود الحكومة لتحقيق هدفها المتمثل في استرداد كامل تكلفة المنتجات البترولية بنسبة 100 في المئة، دون اللجوء إلى تخفيضات كبيرة في الدعم قد تؤدي إلى تصاعد معدل التضخم.