ربيع الكلمات

هل أنت مستعد للتقاعد؟

30 أبريل 2025 10:00 م

سؤال مهم لك شخصياً، خاصة وبعد الإحالات للتقاعد التي نشاهدها ونسمع عنها يومياً في الصحف، والبعض يكون مستعداً لهذا اليوم ومرتباً أموره وحاله لما بعد التقاعد وهم قلة بسبب أن المجتمعات الشرقية غير متعودة على التخطيط، والبعض الآخر كأنه متفاجئ لا يعلم أن الذي يخدم سنوات مع عمر معين يُحال للتقاعد بحسب قانون التأمينات الاجتماعية، لذلك التقاعد يحتاج إلى التخطيط مبكراً سواءً من الجانب المالي، أو الصحي، أو طريقة استغلال الوقت وعدم الجلوس بلا فائدة.

وهي مرحلة من أجمل مراحل الحياة والأكثر استقراراً وتوازناً إذا تمت الاستفادة منها، لأن الشخص في هذه المرحلة يكون لديه استقرار أسري ومالي، ولديه خبرة امتدت لسنوات من حياته، ويمكنه أن يكون مفيداً لنفسه وأسرته ووطنه، لذلك لابد من وضع أهداف محددة، تعلّم منها المتقاعد من مدرسة الحياة والتي ساهمت في بناء شخصيته، والأفعال والعادات التي كان يقوم بها الإنسان قبل التقاعد لاشك أن لها تأثيراً كبيراً على باقي الحياة، ولا ننسى النظام التعليمي والتنشئة الاجتماعية التي تكوّن الاتجاهات ومسار الحياة، والعلم فإن عليه التعلم والقراءة هي عملية مستمرة مدى الحياة، خاصة في عصر الذكاء الاصطناعي.

والأيام تمر ولا تتوقف وهذه سُنة الحياة، والحياة تسير سواء خططنا لها أم لا، ولكن قلة هم الذين يخططون لحياتهم، أو نادراً ما تسمع في مجتمعاتنا عن الذين يخططون لمستقبل أيامهم ولمرحلة التقاعد، والذين يخططون يحققون ما يريدون في هذه الحياة، لأن القاعدة تقول ما تفكر فيه تحصل عليه، وحياتك من صُنع أفكارك، وحالياً المعلومات أصبحت متوافرة تستطيع الحصول عليها بسهولة.

والإنسان خاصة الذي على وشك التقاعد يحتاج إلى أن يحدد أدواره ويضع لنفسه رؤية ورسالة، ويسأل نفسه ما هي أهدافه بالحياة، سواءً كانت على المستوى العملي أو العائلي أو الشخصي أو العملي أو الصحي، لأنه ما فائدة الحياة إذا كنت لا تستطيع أن تستمع فيها، وقد يمر بمواقف عديدة، ولكن تبقى هناك نقطة تحوّل في حياة الإنسان أو المنعطف الذي ساهم مساهمة فعّالة في تغيير حياته وسلوكه وفكره، وهي تختلف من إنسان إلى آخر، ولكن الإنسان الذي يخطط لا يترك نفسه للمواقف ولكنه يصنعها لأن الحياة صناعة حالها حال الصناعات الأخرى.

قبل أن تتقاعد اسأل نفسك: ماذا أريد من حياتي، وما طموحاتي، وإلى أين أريد أن أصل؟ قم بالإجابة عن هذا السؤال بكل شفافية، صدّق أنك بحاجة ماسة إلى شيء من الهدوء كي تضع خطة واضحة لمدة أيام، ولكنها ستحدث فرقاً كبيراً في إنجازاتك وتحقيقك للأهداف التي وضعتها، لا تماطل لأنها حياتك وهي تستحق أن تفكر فيها وتعمل وتجتهد لأجلها.

والتخطيط خاصة للمتقاعدين له فوائد كثيرة منها تقليل الإحباط من خلال تحقيق تقدم ملموس عبر الانجازات، وتعزيز الثقة بالنفس مع كل إنجاز يتم تحقيقه، وتحسين إدارة الوقت والتوازن بين العمل والحياة. ويقول ستيفن كوفي: «لكل جهد منظم عائد مضاعف».

ومن نافلة القول نذكر أن التقاعد سُنة الحياة موظف يأتي ويذهب، ويقول الدكتور غازي القصيبي: «دورة الحياة مستمرة وكل موظف يأتي ويذهب ثم يأتي غيره لكي يكمل الدور ويضيف لبنة أخرى إلى هذا البناء، وهذه الدورات ضرورية حتى يتمكن الموظف وهو يدخل مرحلة جديدة أن يهتم بأموره الخاصة بعد أن توفّر له الوقت كي يعتني بما لم تمكنه الوظيفة من العناية به».

والخلاصة هي أن مرحلة التقاعد هي بداية جديدة تحتاج إلى استعداد، والتخطيط مهم لهذه المرحلة في الجوانب كافة، ولا تنسى أنك تستطيع أن تستمتع مع العائلة أكثر والأصدقاء وجميع الذين كانت الوظيفة تمنعك من الجلوس وقضاء الوقت معهم.