ربيع الكلمات

المطاحن... وقهاوي المشاريع الصغيرة

16 أبريل 2025 10:00 م

«الناس لا يشترون لأسباب منطقية يشترون لأسباب عاطفية»

زيغ زيغلر

بعد استقلال دولة الكويت سنة 1961، تم تأسيس العديد من المؤسسات والبنوك، ومن المؤسسات المميزة وجوهرة الشركات هي شركة مطاحن الدقيق الكويتية التي اندمجت مع شركة المخابز الكويتية عام 1988، بعد ذلك تم إنشاء المصانع المختلفة وتوزيع المخابز على مناطق الكويت.

وفي عام 1994، استحوذت شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية على شركة لها أهمية كبرى في مجال خدمة المواطنين، هي (الشركة الكويتية للتموين) المنوط بها توفير وتوريد المواد التموينية والإنشائية المدعومة من قبل الحكومة وفقاً لسياسات وقرارات وزارة التجارة والصناعة.

وفي الفترة الأخيرة قامت شركة المطاحن مشكورة، وضمن خطة توسع من الواضح أنها كانت مدروسة بتوفير القهوة في مجموعة من الفروع بأسعار تنافسية وهذا يدل على إدارة حصيفة في شركة المطاحن، وسط مؤيد ومعارض لتوجه المطاحن الجديد، فالمؤيد يرى أن أسعار القهوة مبالغ فيها لدى القهاوي وأسعار القهوة لدى المطاحن جيدة. أما المعارضون فيرون أن هذا فيه ضرراً على أصحاب المشاريع الصغيرة.

وأعتقد أن وجهتي النظر في محلها، فمن حق المستهلك أن يحصل على سعر مناسب، وصاحب المشروع الصغير كذلك يريد أن يربح لأن لديه إيجارات ورواتب موظفين وسداد أقساط البنوك. والمسألة أعمق من سعر القهوة، وهو يمثل جبل الجليد وهو انعكاس لمشكلة كبيرة تحتاج إلى حل جذري.

فصاحب المشروع الصغير يحتاج إيجارات معقولة حتى يستطيع أن يقدم خدمات بأسعار مناسبة، إضافة إلى دعم مالي بأرباح معقولة، وبيئة أعمال صحية يستطيع المبادر أن ينهي الإجراءات المطلوبة في أيام وفي مكان واحد وليس أشهر..!

السوق الكويتي يستوعب قهوة المطاحن بأسعار مناسبة، وكذلك قهوة المشاريع الصغيرة التي لديها نكهات متنوعة، وديكور مميز، لذلك توفر تجربة عاطفية مميزة. والمطلوب هو دعم المشاريع الصغيرة... ولكن لماذا؟

لأن أكثر من 60 في المئة من المشاريع والاستثمارات في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، كلها عبارة عن مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر، كما أن هذه المشروعات الصغيرة كانت نقطة مهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول، مثل اليابان والهند، بينما هذه النسبة تقل في دول الخليج ولا تكاد تذكر، والدول عاجزة عن توظيف الخريجين كافة في القطاع الحكومي، لذلك، لابد من دعم هذه المشاريع الشبابية، وهذه المشاريع ستوفر وظائف كبيرة في ظل العجوزات المالية المقبلة، إضافة إلى مساهمتها في اقتصادات البلدان العربية والخليجية.

وما يميز المشاريع الصغيرة أنها سريعة النمو، حيث هناك العديد من الشركات الفردية التي تم تأسيسها خلال الأعوام القليلة الماضية، تم بيعها بمالغ كبيرة تصل لأضعاف رأس مال تأسيسها، ولكن هذه المشاريع الجريئة والريادية تحتاج مناخاً مناسباً لتنمو فيه وتشجيع الشباب والكفاءات الكويتية للانخراط فيه، وهي تمثل خياراً إستراتيجياً لأغلب الدول إن لم أقل جميعها.

المشروعات الصغيرة تعتبر أصل النشاط الاقتصادي الذي بدأ بمشروعات صغيرة قبل الكبيرة، وطوق النجاة والسلامة للخروج من الأزمات الاقتصادية والتذبذبات التي تحدث.

أعتقد أن الشاب الكويتي جاد في العمل الخاص والحر والمشاريع الصغيرة إذا توافرت الفرص الإيجابية. ولعل نظرة على العاملين في القطاع الخاص تبين الفرق الشاسع بين الشاب الذي يعمل في الخاص ونظيره الذي يعمل بالجهات الحكومية من خلال التحديات والإنتاجية في العمل.

وإذا كنا جادين في دعم المشاريع الصغيرة فيجب توفير بيئة أعمال صحية، يستطيعون من خلالها ممارسة أعمالهم بكل حرية وانسيابية وبدون عقد من خلال الشراء والدعم، والتمويل والتدريب، وفتح الأسواق لهم، لأن المشاريع الصغيرة مدخل لدعم الاقتصاد.