«سنة المجلس» في تاريخ الكويت تشير إلى عام 1938، عندما تم تشكيل أول مجلس تشريعي في الكويت. وقد شهدت الكويت آنذاك فترات عصيبة لعل أهمها محاولات الوكيل السياسي البريطاني في الكويت النقيب جيرالد سمبسون ديغوري، محاولاته للضغط على السلطة الكويتية لتحقيق مكاسب اقتصادية في مفاوضات استخراج النفط لصالح بريطانيا، وبالطبع حدثت آنذاك تدخلات للاستفادة السياسية ومن ضمنها استغلال (إذاعة الزهور) بالعراق، استغلال الوضع لبثّ برقية مزورة لإظهار الخلاف بين السلطة وبين فعاليات سياسية كويتية، كما تم الاستعانة بموظف إيراني في مكتب القنصلية الانكليزية في الكويت لتوزيع بيانات تحريضية بين مكونات الشعب الكويتي الواحد.
اليوم تتشابه الأحداث وإن كانت بصورة أخفّ، فالإدارة الأميركية الجديدة ذات توجه اقتصادي تبحث عن علاقات تدرُّ على الخزانة الأميركية أموالاً تساعد الحزب الحاكم على تنفيذ وعوده الداخلية، لقد أحدثت تصريحات وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، خلال لقاء مُتلفز، أحدثت لغطاً سياسياً بعيداً عن محتواه الاقتصادي، وكعادة فضائنا الإعلامي تسابق البعض للتحليلات السياسية والبحث عن مواقف الوزير الأميركي وربط هذا التصريح بالتفاعلات السياسية في الشرق الأوسط؛ وكما حدث في الماضي تطلّ علينا أصوات محلية تسعى إلى تأجيج الوضع في الكويت ودفع الموقف الأميركي ليكون أكثر عدائية.
هذه الأصوات بعضها يستمّد تعليماته من الخارج لزيادة أعداء الولايات المتحدة في منطقتنا حتى لو على حساب مصلحة الكويت؛ وبعض تلك الأصوات تبحث عن قوى عالمية تُساندها في تحقيق أجندتها السياسية داخل الكويت حتى، للمرة الثانية، حتى لو كان هذا على حساب مصلحة الوطن.
الولايات المتحدة لها أيادٍ بيضاء في تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم ومن مصلحتنا زيادة التعاون والتنسيق معها في مجالات عديدة، هذا التعاون وتلك العلاقة، هي علاقة هامة لصالح استقرار بلادنا، القنوات السياسية بيننا وبين الولايات المتحدة هي قنوات واسعة وحميدة وتربط البَلدان مواثيق واتفاقيات لا تؤثر فيها كلمة هنا وتصريح هناك، عبر تلك القنوات سيتم التأكد من المقصد الحقيقي لتصريحات وزير التجارة الأميركي.
لا شك عندي أن القنوات السياسية الكويتية ستتعامل مع هذا التصريح كما تعاملت مع تصاريح مماثلة من قوى أميركية سابقة، تتعامل معها بالحكمة نفسها وتقديم المصلحة الوطنية، أما أولئك الباحثون عن الإثارة وتحقيق أهدافهم الداخلية أو الاقليمية على حساب الوطن فسيجدون لا شك شعباً كويتياً عاقلاً أفشل مخططات قديمة ونجح في عبور كارثة الغزو العراقي الغاشم بوحدته وتقديم مصلحة وطنه فوق كل اعتبار.