برنامج «أنت كفو» هو برنامج إنساني يُعرض على تلفزيون الكويت يومياً خلال شهر رمضان المبارك، ويهدف البرنامج إلى تسليط الضوء على شخصيات كويتية قدّمت إسهامات إيجابية ومبادرات خيرة في المجتمع، مما يجعله منصة لتكريم الأفراد الملهمين الذين أثروا في محيطهم بأعمالهم النبيلة، وخلال الفترة الماضية تم تكريم العديد من الشخصيات، ووضع عليها المجاهر لتقديمها للمجتمع كقدوات، في عصر طغت الماديات على الناس بسبب ما يعرض في وسائل التواصل الاجتماعي، فجاء البرنامج ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، ويقول للأبناء والأحفاد هؤلاء هم القدوات.
والقنوات الفضائية تزدحم فيها البرامج في شهر رمضان الكريم، فجاء برنامج «أنت كفو» وخطف الأضواء بشكل لافت، وبات حديث الناس في البيوت والدواوين ووسائل التواصل، وهذا أمر إيجابي يعود نفعه على الوطن والناس، وهذا يعكس طبيعة الشعب الكويتي المحب للخير والمتفاني في خدمة الآخرين.
وعرفت الكويت حكاماً ومحكومين مساعدة الآخرين وتقديم الخدمات للمجتمع والعمل الإنساني منذ نشأتها ودون مباهاة، منذ أكثر من 300 سنة، ووصلت خيراتها إلى شتى بقاع العالم، وفي عهد الشيخ جابر الأول بن عبدالله، حاكم الكويت من عام 1814 إلى 1859، والذي اشتهر بجابرالعيش حيث كان يساعد الفقراء والمحتاجين، وكذلك وقفية الشيخ محمد بن عبدالرحمن العدساني، سنة 1783، والتي كانت خير شاهد على أن العمل الخيري ومساعدة الفقراء والمحتاجين مترسخة ومتجذرة في قلوب ووجدان الكويتيين.
والمدرسة الأحمدية تم إنشاؤها في عام 1921، وقد تأثرت المدرسة بنقص الموارد المالية في البداية، فقد قام سلطان إبراهيم الكليب، بحملة تبرعات لصالح هذه المدرسة، وبلغ إجمالي التبرعات آنذاك نحو 13 ألف روبية يتم تجميعها كل عام، كما تعهّد أمير دولة الكويت آنذاك المغفور له الشيخ أحمد الجابر الصباح، بسداد ألفي روبية كل عام واستمر بسداد هذا المبلغ لفترة تقترب من 15 سنةً، حتى جرى تكوين مجلس المعارف، وذلك في عام 1936. وتم تأسيس اللجنة الشعبية لجمع الترعات من ثلة من خيرة تجار أهل آلكويت عام 1954.
وبدأت مرحلة جديدة للعمل الخيري بعد تاريخ 1961، حيث استقلت الكويت وتأسست المؤسسات وجمعيات النفع العام حيث كان له دور مهم في الارتقاء بالعمل الخيري والإنساني، وتم تأسيس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في عام الاستقلال نفسه في عهد الشيخ عبدالله السالم الصباح، وهو صندوق مالي كويتي يهدف إلى إدارة المساعدات المالية والتقنية للدول النامية، وتأسست الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية عام 1961م، وجمعية الإصلاح الاجتماعي عام 1963م، والتي كانت امتداداً لنشاط جمعية الإرشاد الإسلامي التي تأسست عام 1954. وقامت الحكومة كذلك بتأسيس العديد من المؤسسات الإنسانية، مثل بيت الزكاة الذي تأسس عام 1982م، والأمانة العامة للأوقاف عام 1993م.
والكويت بلد صغير عاشت على التسامح والعمل الخيري والإنساني وحل مشاكل القريب والبعيد عن طريق الديبلوماسية التي تتمتع بها، لها نفوذ حول العالم أكبر بكثير من حجمها، لديها أدوار مختلفة والجميع يقبل بوساطتها، ولا يستطيع أحد السيطرة على قرارها، تتميز بالحكمة والاتزان وعدم صنع الأزمات، ورصيدها الإنساني حافل منذ قديم الزمن وحتى قبل النفط عندما كانت السفن تجوب العالم بحثاً عن لقمة العيش.
تاريخ الكويت لم يكن حافلاً بالورود دوماً، فهناك العديد من المصاعب التي مرّت بها وعلى مختلف العصور سواءً السياسية أو الاقتصادية أو الإنسانية، ولكنها السياسة الخارجية الحصيفة المتزنة والمتوازنة هي التي صنعت وأحدثت الفارق، وعبرت بالكويت إلى بر الأمان منذ أكثر من 300 عام وستعبر بإذن الله وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر».