رأي قلمي

متعة لا توصف...!

1 مارس 2025 06:00 م

عندما نتحدث أو نكتب عن النفس فحديثها ذو شجون، والكتابة عنها ذات دقة وتفاصيل، وذلك كله مهم، ولكن! الأهم منه هل تعرف نفسك؟! لتكتب وتتحدث عنها بكل ثقة وشفافية وإنصاف؟! قد يقول قائل: ومن منّا لا يعرف نفسه؟! نرد عليه ونقول: الكثيرون منا لا يعرفون أنفسهم، ولم يحاولوا أن يتعرفوا عليها.

ابحث عن نفسك وتعرف عليها، حتى تستطيع أن تستثمر مهاراتك في شهر رمضان. هل تعرف اهتماماتك؟! فاهتمامات الإنسان لا تعبر عن عقله فحسب، وإنما تعبر عن خلاصة توجهه في الحياة، وعن تفاعله مع المبادئ والقيم السامية وطريقة فهمه لها.

من الممكن للإنسان أن يتعرف على ذاته من خلال الأمور التي تسيطر على تفكيره، وتوجّه سلوكه ومواقفه، وتنظم ردود أفعاله، فإذا وجد أن الفوز برضوان الله -تبارك وتعالى- وانتشار الفضيلة وغلبة الحق هي التي تستحوذ على جل اهتماماته، فهذا يعني أنه من الصنف النبيل الذي يرجو الخير لنفسه ولأمته، وما عليه إلا أن ينمي ويطور المهارات التي وهبه الله -جل جلاله- إياها بما ملّكه من قدرات وإمكانات، ومن ثم يستثمرها في حياته عامة، وفي شهر الخير والبركات خاصة.

لا يمكن أن نعوض ما فات من الوقت، فعلينا احتساب الأجر من الله -سبحانه وتعالى- على كل كلمة وهمسة ورمشة وفي كل لحظة، وخصوصاً إذا كنا في شهر تكثر فيه النفحات والرحمات والعطايا من رب البريات التي لا حدود لها ولا انتهاء. فنحن بحاجة لمهارة قراءة القرآن في رمضان، كما أننا بحاجة لمهارة التفكر والتأمل، ومهارة الاتصال والتواصل مع الآخرين خصوصا الأقرباء منهم، وغيرها من مهارات...

البعض يتساءل ويقول لماذا نخص هذه المهارات بشهر رمضان فقط؟! نحن بحاجة لها مادمنا أحياء ونمتلك الصحة والعافية، نجيب عن سؤالهم ونقول: لأن شهر رمضان الأجر فيه مضاعف، وفيه ليلة خير من ألف شهر «ليلة القدر» فعلينا استغلال كل ما لدينا من مهارات لنفوز بهذه الليلة، وأي عوائد وأرباح ستعود علينا من استثمار وقتنا في رمضان، لذا علينا ألا نفرّط في أوقاتنا التي هي حياتنا، ونستغل البركات والرحمات والعطايا الربانية في شهر القرآن بما ينفعنا في الدين والدنيا.

وقبل الختام ننوه للقراء الكرام بأنه ليس المقصود من التعريف بالنفس هو التعريف الشخصي، المكتوب في الهويات الشخصية من اسم وعمْر ووظيفة وما يتبعها لتعريف الشخص بهويته، إنما ما قصدناه هنا التعريف الذاتي الذي يكشف لك عن نفسك ويعريها أمامك، لمعرفة سلبياتك وإيجابياتك، عيوبك وحسناتك، قدراتك وإمكاناتك، لتعرف كيف تتعامل معها وتزكيها بين الحين والآخر.

حقاً، إنها متعة لا توصف بالكلمات عندما نتعرف على أنفسنا ونتقبلها كما هي وننسجم معها ونكون في تصالح وسلام دائمين ونتعاون على التغيير الإيجابي والتجديد والتطوير بلا حدود، ومن ثم التخطيط والإدارة والإنجاز.

[email protected]

mona_alwohaib@