د. وائل الحساوي / نسمات / حلم الملك فيصل

1 يناير 1970 05:11 ص
أسمعني أحد الإخوة الأعزاء تسجيلا صوتيا لكلمة الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - عندما حرق اليهود المسجد الاقصى عام 1969، فكانت خطبة عصماء مؤثرة كاد ان يبكي فيها وهو يتحسر على واقع الأمة الذي لم يترك فيه اعداء الامة اي حرمة لمقدسات المسلمين واستضعافهم الى درجة التعرض لأعظم مقدساتهم دون حياء ثم التباكي امام العالم على التهديد الذي يلاحقهم من اولئك الوحوش العرب الذين يريدون استئصالهم من الوجود، ثم يبين الملك فيصل حلمه بأن يصلي في المسجد الاقصى وقد تحرر من اليهود.

ولم يكتف الملك فيصل بالكلام لكنه أعقبه بتشكيل مؤتمر الدول الاسلامية الذي كان له كلمة مؤثرة في السابق، لكن للأسف تم إجهاضه كما أجهضت جميع المبادرات الجادة.

وفي عام 73 استكمل الملك فيصل خطواته الجادة للتصدي للعدوان الصهيوني وذلك عن طريق التهديد بتفعيل سلاح المقاطعة النفطية الذي أصاب الغرب بما يشبه سكرة الموت، وكنت حينها أدرس في الولايات المتحدة فشاهدت طوابير السيارات تصطف امام محطات الوقود - من فرط الهلع، والاعلام الغربي يهاجم السعودية.

قرر الصهاينة وقتها بأن هذا الملك قد اصبح عبئا ثقيلا وقد آن الأوان للتخلص منه وهو ما حدث في عام 1975.

لقد ضربت مثلا بقائد معاصر لم يملك اكثر من بعض المبادرات للتعبير عن غضبه مما يفعله اعداء الأمة بشعبه، وعندما شعروا بإخلاصه وتجرده وبوقوف الملايين من الشعوب المسلمة معه تخلصوا منه من دون تردد.

اليوم تتكرر المهرجانات الخطابية ورسائل الاستنكار والشجب والمؤتمرات والندوات والتوصيات، لكن العدو الصهيوني يدرك بأنها ليست الا وسيلة للتنفيس عن الغضب ولا يعقبها عمل، لذلك فهو لا يهتم بردات الفعل العربية والاسلامية بل يضحك عليها، ويسابق الزمن في تنفيذ مؤامراته.

ومن الواضح ان هدم المسجد الاقصى قد اصبح مسألة وقت فقط وأن اعتبار المسجد الابراهيمي ومسجد بلال آثارا يهودية هي خطوة في هذا الطريق، كما ان الحفر تحت المسجد الاقصى ومنع صغار السن من الصلاة فيه ثم الاقتحام المتكرر له وضرب المصلين وإيذاءهم هي خطوات لترويض المسلمين للاستعداد لتلك المرحلة.

والذين يراهنون على ان اسرائيل لن تجرؤ على تلك الخطوة يعيشون في ماضٍ سحيق وأحلام وردية، فهل ننفض عن انفسنا تراب الذل والمهانة لنحقق حلم الملك فيصل في تحرير الأقصى؟!

يَقُولونَ: «صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خَافِتٌ

وسمعَ طغاة الأرض «أطرشُ» أضخم

وفي صَيْحَة ِ الشَّعْبِ المُسَخَّر زَعْزَعٌ

تَخُرُّ لَهَا شُمُّ العُرُوشِ، وَتُهْدَمُ

ولعلةُ الحقّ الغضوضِ لها صدى ً

وَدَمْدَمَةُ الحَربِ الضَّروسِ لَهَا فمُ

إذَا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ

يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ

(للشاعر أبي القاسم الشابي)





د. وائل الحساوي

[email protected]