أعدت دراسة عن المرض تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط
الفريح: «السيلياك»... مرض صعب التشخيص آتٍ من القمح والدقيق
1 يناير 1970
09:47 م
|كتب ناصر الفرحان|
صدرت اخيرا اول موسوعة متخصصة في الشرق الاوسط تستعرض اعراض مرض «السيلياك» والمعروف بحساسية القمح، والامراض المرتبطة به وطرق الوقاية منه ومن بعض انواع السرطان تحت عنوان «قصتي مع السيلياك» وهي موسوعة من اعداد المستشارة سعاد فهد الفريح.
ويعد الكتاب ذا قيمة علمية كبيرة كونه يتضمن جميع البيانات المتعلقة بالنواحي الطبية والصحية والتغذية التي تهم مرضى «السيلياك» وسبل علاجهم من قبل الاطباء واخصائيي التغذية، فضلا عن عرضه انواع ومواد الغذاء التي تحتوي على مادة «الجلوتين» المسببة لهذا المرض والتي تتواجد في القمح والشعير والشوفان والجاودر.
وخلصت الفريح إلى التأكيد على ان «السيلياك» مرض نادر وصعب التشخيص ويسبب حساسية واضطرابات في عملية امتصاص الامعاء للغذاء بفعل مكون «الجليدين» الذي تفرزه مادة الجلوتين ويعمل كمولد مضاد ينتج عنه مناعة معقدة في الغشاء المخاطي المبطن للامعاء، مؤديا إلى تكدس الخلايا اللمفاوية الميتة، وهذا بدوره يسبب تلف الاهداب وتكاثر الخلايا الخفية وبالتالي لا يحدث الامتصاص المطلوب للغذاء ومن ثم يطلق على المصاب بهذا الداء انه مريض بـ«السيلياك» وهذا المرض غالبا ما يصيب الاطفال في مرحلة الفطام لأنها الفترة المرتبطة ببدء تجرية الطعام وايضا قد يتعرض له كبار السن، وغالبا ما يتم تشخيص المرض على انه مرض معوي او نزلة برد او قولون عصبي.
ويحوي الكتاب كل ما يتعلق بهذا المرض سواء الاعراض او الفئات المستهدفة وطرق الوقاية والعلاج والنصائح العامة وهو متوافر في جميع المكتبات.
وباستعراض بعض فصول الكتاب فإن الباحثة تشير إلى ان مرض حساسية القمح هو مرض نادر صعب التشخيص واسمه العلمي مرض السيلياك ويسمى الداء الزلاقي (وكذلك يسمى الدابوق واحيانا حساسية الغراوية). وهو نوع من الحساسية الخطيرة ينتج لدى البعض عند تناول دقيق القمح ومنتجاته بكافة انواعها بسبب حساسية الجسم الدائمة لمادة الجلوتين وهو البروتين الموجود في بعض الحبوب كالقمح والشوفان والشعير والجاودر.
وهذا المرض يظهر غالبا لدى الاطفال في مرحلة الفطام لانها الفترة المرتبطة ببدء تجربة الطعام، وكذلك في مرحلة المراهقة المبكرة وان كانت هناك حالات اصابة في اعمار مختلفة في اي عمر فبعض الحالات اكتشفت في سن السبعين.
ومن الضروري معرفة ان اول اصابة يلحقها السيلياك بجسم المريض تكون في الاغشية المبطنة لجدار الامعاء فيصيبها اصابة مدمرة فتتليف وتصبح غير قادرة على امتصاص الطعام ومن هنا تنجم الخطورة، فيعاني المريض من نقص في احتياجات جسمه من كل المواد كالبروتين والكالسيوم والحديد وغيرها ويقل وزنه عن الطبيعي بصورة واضحة وتنتفخ بطنه بشكل مبالغ فيه نتيجة لسوء الهضم الشديد الذي يتعرض له، ويصاب الطفل في تطور سريع لظهور الاعراض بلين العظام وتأخر ظهور الاسنان واصابته بأنواع شتى من الامراض وبصفة دائمة نظرا لانهيار جهازه المناعي.
ان التشخيص المبكر والتزام الامهات بالامتناع تماما عن ادخال اغذية القمح للطفل في الاشهر الاولى يشكلان ركنا مهما في خطوات العلاج.
ولا يستغرق الامر سوى اسبوع على الاكثر حين الاتجاه الى البدائل الغذائية الاخرى فتبدأ بعد ذلك حالة المريض في التحسن ويستعيد وزنه وطاقته نسبيا.
واكتشاف هذا المرض يكون غالبا بملاحظة الام لهزال طفلها وعدم استجابته لجميع انواع العلاجات التي يتلقاها، حيث تكون الاعراض في صورة قيئ واسهال قد يصاحبه دم وألم وانتفاخ بالبطن، وعلى المدى البعيد ومع تكرار النوبات يصاب المريض بالهزال، ونقص معدلات النمو، واضطرابات نفسية وعصبية ولكن التشخيص الدقيق للمرض لا يعتمد على هذه الاعراض التي كثيرا ما تحدث نتيجة امراض أخرى كثيرة، ولكنه يعتمد على اجراءات عدة أخرى مثل: الكشف عن اجسام مضادة في دم المريض، وكذلك اخذ سلسلة من العينات بالمنظار من امعاء المريض، ويتم اجراء نوعين من التحليلات، احدهما للتأكد من اصابة الطفل بالمرض، والاخر لاستنتاج ما اذا كان عرضة للاصابة به في فترة مقبلة من حياته.
ان التشخيص الدقيق سيترتب عليه في حالة التأكد من حدوث المرض منع كل الاطعمة التي تحتوي على القمح والشعير والشوفان وذلك مدى الحياة حتى وان اختفت الاعراض الظاهرة، وذلك لان الاعراض غير الظاهرة المتمثلة في حدوث ضمور في الغشاء المخاطي المبطن للامعاء الذي يترتب على حدوثه ضعف في امتصاص المواد الغذائية المهضومة، ما يؤدي الى تأخر نمو مزمن، وهذه الاعراض غير الظاهرة تستمر مدى الحياة طالما ان المريض يتناول هذه الحبوب في طعامه.
اعراض مرض حساسية القمح (السيلياك) هي تقلصات في الامعاء، انتفاخ البطن وقلة الشحوم في المؤخرة، ازدياد الشهية او نقصانها، حموضة المعدة، كثرة الغازات، آلام الظهر، الإمساك، الإسهال (لون الخروج اقرب الى الرمادي وذو رائحة غريبة)، تأخر تجلط الدم عند النزف (الجروح)، الجفاف، التورم، الضعف الشديد، قلة الطاقة والاجهاد، تشقق اللسان حتى يصبح مثل الخارطة، تورم الاقدام وتنميلها، تقلصات في العضلات خصوصا القدمين والساقين، جفاف الجلد وتحسسه، العشى الليلي (عدم القدرة على الرؤية ليلا)، الصداع النصفي، فقر الدم غير المفسر، التغير في المزاج والعادات، بعض الامراض العصبية الاخرى، الاكتئاب والتوتر، امراض اخرى تتعلق بالجهاز العصبي كبطء التعلم، تأخر النمو لدى الاطفال، الاجهاض المتكرر.
ومن المهم ملاحظة ان اعراض المرض قد لا تكون واضحة في البداية بشكل ملحوظ او قد يتم احيانا ربط اعراضه بأمراض اخرى كما ذكرنا سابقا ولكن ظهور المرض في مراحله الاخيرة يكون صعبا على المريض والاعراض تكون شديدة وقاسية لأن الامعاء تكون مدمرة وتحتاج الى وقت اطول للعودة الى طبيعتها.
وتزداد نسبة احتمال الاصابة بالسليياك للاقارب الذين يعانون من احد الامراض المناعية الذاتية السابقة الذكر بـ 25 في المئة.
وقد اشارت دراسة حديثة اجريت على 3325 طفلا دانماركيا اجراها د. وليام ايتون في جامعة جون هوبكنز ان الاطفال الذين تحمل امهاتهم جينات الامراض المناعية التالية: مرض السكر نوع 1، الروماتويد، السليياك، وهؤلاء يكونون عرضة للاصابة بمرض التوحد بما يعادل ثلاثة اضعاف الامهات العاديين، وقد اشاد بالدراسة الدكتور اتلادوتر من جامعة (University of Aarhus in Denmark)، مشيرا الى انها تدعم النظرية القائلة بأن التوحد هو مرض وراثي.
ووجدت الدراسات انه يعاني معظم مرضى السيلياك، إلى جانب حساسية القمح من احد الأمراض التالية:
- أمراض الكبد.
- الروماتويد.
- حساسية الحليب (الكازيين - اللاكتوز):
قد تكون هذه الحساسية موقتة بسبب الخلل في الفيلاي التي تمتص اللاكتيز (انزيم الحليب) ويتحسن الامتصاص بسبب تحسن الفيلاي بالتدريج لدى الالتزام بالحمية الخالية من الجلوتين او تكون الحساسية دائما وليس لها علاقة بالسيلياك.
- مشاكل في التنفس.
- خلل في الغدة الدرقية.
والغدة الدرقية هي واحدة من أكبر الغدد الصماء في الجسم، ومن اهم مهامها: مراقبة مدى سرعة الجسم في حرق الطعام، وتوليد الطاقة، والاشراف على عمل البروتينات والهرمونات. وتشارك الغدة الدرقية في هذه العمليات من خلال انتاج هرمونات الغدة الدرقية وتنظيم معدل الايض، وهو الذي يؤثر على معدل النمو وعلى وظيفة كثير من الانظمة الأخرى في الجسم.
كما تنتج الغدة الدرقية هرمون (calcitonin) الذي يلعب دورا في توازن الكالسيوم.
تشخيص مرض حساسية القمح (السيلياك) قد يصعب بسبب تشابه أعراضه مع الكثير من الأمراض وهو عادة يتم بطريقتين:
-1 سحب عينة من الدم لقياس مستوى مضادات مادة الجلوتين، وهي دقيقة بنسبة تتجاوز 90 في المئة بالاضافة إلى بعض التحاليل التي قد تكون مؤشرا إلى احتمالية الاصابة بالمرض مثل صورة الدم لتقييم نسبة الحديد فيه. ويجب على المريض تناول طعامه بصورة عادية- عدم الامتناع عن القمح- قبل التحليل حتى لا تكون نتيجة الاختبار خاطئة بسبب الحمية.
-2 ويتم تأكيد التشخيص عن طريق اخذ عينة (Biobsy) من الامعاء الدقيقة عن طريق منظار للجهاز الهضمي (Endoscopy).
ومن المهم جدا لمعرفة وجود مرض السيلياك الابقاء على نوعية الطعام العادي للمريض دون اللجوء للحمية (من دون جلوتين) حتى يستطيع الطبيب المعالج مشاهدة الفيلاي على طبيعتها لانها بالحمية تعود طبيعية.
ويمكن علاج السيلياك باتباع التالي:
- اتباع نظام غذائي خال من الجلوتين مدى الحياة حيث ان الالتزام بحمية خالية من الاغذية التي تحتوي على الجلوتين يخفف من التهاب الامعاء ويجعلها تعود إلى حالتها الطبيعية خلال أسابيع عدة.
وان تكون الحمية الخالية من الجلوتين اسلوبا معيشيا لدى المريض وذلك لمنع تطور المرض وحدوث مضاعفات، حيث ان الاعراض قد لا تكون في بعض الاحيان واضحة، ما يجعل المريض يعود إلى تناول الاغذية التي تحتوي على الجلوتين، والتي بدورها ستحدث ضررا كبيرا على المدى البعيد.
- المتابعة مع دكتور متخصص في الجهاز الهضمي.
- مراجعة اخصائي تغذية متمكن.
- تكون مجموعة من المرضى للتآزر والتشجيع والاطلاع على المستجدات.
- مع ملاحظة ان الشفاء التام يحتاج قرابة ستة أشهر وأحيانا قد يمتد إلى سنتين او ثلاث في كبار السن.
وقد وجدت الدراسات ان التخلص من اعراض مرض السيلياك بعد الحمية يحتاج إلى 6-12 شهرا حتى تعود الفيلاي إلى الحجم الطبيعي ويصبح الهضم طبيعيا.
كما وجدت الدراسات ان الاصابة بالسيلياك هو جيني وراثي إلى جانب كونه يحدث لأسباب بيئية تختلف بحسب النمط اليومي لحياة الإنسان.