تحليل / الاقتصاد الأميركي في عنق الأزمة المصرفية: تشديد الائتمان يزيد الركود... وتسهيله خطر

1 يناير 1970 07:31 م

نيويورك، واشنطن- رويترز- تشدد البنوك الأميركية التي تضررت من ديون معدومة بمليارات الدولارات معايير الاقراض مما يزيد من كلفة الاقتراض على الشركات والمستهلكين الذين يمثلون الامل في حماية الاقتصاد من الانزلاق الى حالة من الكساد.

وتتزايد مخاوف الاقتصاديين من أن يؤدي تخاذل البنوك عن الاقراض وقلق المستهلكين الى كارثة اقتصادية وحتى الخفض الحاد في أسعار الفائدة قد لا يكون كافيا لمنع الكساد. وقال رئيس شركة سويفر للاستشارات المصرفية راي سويفر «انها حلقة مفرغة. فمع تشديد البنوك لمعايير الاقراض يصعب الحصول على ائتمان وهو أمر سيئ للاقتصاد ويدفع البنوك لتشديد المعايير بدرجة أكبر».

وأظهر تقرير مجلس الاحتياطي الاتحادي الدوري عن الاوضاع الاقتصادية الصادر الاربعاء أن أنشطة الاقراض لكل من الشركات والمستهلكين تباطأت من منتصف نوفمبر وفي ديسمبر وأعلنت أغلب فروع المجلس الاقليمية عن زيادة شروط الائتمان صعوبة.

ولدى البنوك ما يدعو للقلق بشأن جودة الائتمان وفي الوقت نفسه يجد المستهلكون الأميركيون صعوبة في الحفاظ على قدرتهم على سداد ديون متراكمة.

وقالت شركة «أميركان اكسبرس» التي عادة ما تركز على المستهلكين الاكثر ثراء والاقل عرضة لمخاطر التباطؤ الاقتصادي ان حالات التخلف عن السداد زادت بشكل مفاجىء في ديسمبر.

وقالت «سيتي جروب» التي تسعى لجمع 14.5 مليار دولار لزيادة رأسمالها والتي قررت خفض توزيعات الارباح لتحسين ميزانيتها ان تكاليف الائتمان في الربع الاخير من العام الماضي لقروض المستهلكين الأميركيين قفزت بسبب ارتفاع حالات التخلف عن السداد في مجالات بطاقات الائتمان والرهون العقارية وقروض شراء السيارات والقروض الشخصية.

والمقترضون من اصحاب السجل الائتماني الجيد مازالوا يجدون اقبالا من جانب المقرضين لكن الاموال السهلة التي ابقت على سير الاقتصاد في السنوات الماضية قد نضبت في حين تجاهد البنوك المتضررة من أزمة الرهون العقارية عالية المخاطر لدعم ميزانياتها.

ويقدر دويتشه بنك أن تبلغ الخسائر من قروض الرهون العقارية عالية المخاطر ما بين 300 مليار دولار و400 مليار دولار ربعها تقريبا سيقع على عاتق القطاع المصرفي.

وكتب البنك في مذكرة للعملاء يقول «نحن أكثر تفاؤلا من بعض المراقبين الذين توقعوا أزمة ائتمان كبيرة نتيجة لشطب أصول بسبب قروض الرهون العقارية». وأضاف «وفي الوقت نفسه نحن نتوقع ان تحد عملية تصحيح الميزانيات من ميل البنوك لتقديم قروض جديدة مما يؤدي الى ارتفاع فائدة الاقراض وتشديد معاييره».

وهناك بالفعل دلائل على تشديد شروط الائتمان على المستهلكين وهو ما سيضر بالاقتصاد الأميركي بشكل خاص اذ أن انفاق المستهلكين يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.

وأفاد بحث أعده بنك كريدي سويس أن الشركات التي تصدر البطاقات الائتمانية قلصت ترويجها للبطاقات. وأصدر قطاع البطاقات الائتمانية 595 مليون عرض ترويجي في نوفمبر بانخفاض بنسبة ثلاثة في المئة عن أكتوبر وبانخفاض بنسبة 11 في المئة عن نوفمبر من العام السابق.

ولم تتبع قروض تجار السيارات خطى تخفيضات مجلس الاحتياطي الاتحادي لسعر الفائدة. فمتوسط سعر الفائدة على قروض شراء السيارات كان أعلى في نوفمبر عنه في أغسطس على الرغم من خفض البنك المركزي لسعر الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية خلال هذه الفترة. وخفض البنك المركزي الفائدة منذ ذلك الحين بمقدار ربع نقطة مئوية اضافية.

وتزيد اضطرابات أسواق المال من صعوبة الوضع. ويقول المحلل في كريدي سويس جاري بالتر انه في أسواق الاوراق المالية المضمونة بأصول حيث تجمع قروض المستهلكين وتباع تطلب المؤسسات الاستثمارية تعويضات أكبر لتحمل المخاطر. ويرفع ذلك من تكاليف الاقتراض على الجهات المقرضة التي ستسعى دون شك لتحميل هذه التكاليف على المستهلكين.

وتظهر بيانات مجلس الاحتياط الاتحادي أن ديون الاسر نمت بمعدل سنوي سبعة في المئة الى 13.6 تريليون دولار في الربع الثالث من عام 2007. ومع ذلك تباطأ معدل النمو عن مستواه في النصف الاول من العام فيما يرجع أساسا الى تراجع سوق الاسكان الذي خفض الطلب على الديون المرتبطة بالرهون العقارية.