يحبس الشرق الأوسط أنفاسه في انتظار «ساعة الصفر» لرد إيران ومحورها «المدروس جداً والمفاجئ» على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، وما إذا كانت الأمور ستتدحرج إلى ردٍّ وردٍّ مُقابِل، يقود إلى حرب إقليمية شاملة، يبدو أن إسرائيل «مستعدة تماماً لها»، من خلال عمليات اغتيال، «الورقة قبل الأخيرة» لشرارتها، وفق تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» بعنوان «سيناريو الحرب الكبرى مع إيران».
وما زاد من المخاوف، قول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لشبكة «سي إن إن»، ان الشرق الأوسط «يتجه لمزيد من الصراع»، وحض كل الأطراف على عدم اتخاذ إجراءات تصعيدية.
ويرى وزير الخارجية، ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة من أجل «كسر دائرة العنف»، وطالب جميع الأطراف بتبني «الخيارات الصحيحة» في الأيام المقبلة.
كما نقلت «سي إن إن» عن مصدر مطلع، أن بلينكن طلب من رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، هاتفياً الأربعاء، نقل رسائل إلى إيران و«حزب الله» تهدف إلى التهدئة وعدم الرد.
طريقة الرد
وفي طهران، التي شيعت أمس، هنية، أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، أمس، أن طهران تدرس حالياً مع الفصائل الموالية لها طريقة الرد على إسرائيل، بينما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين لم تذكر أسماءهم، أن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي أعطى خلال اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن القومي صباح الأربعاء، الأمر، بضرب إسرائيل بشكل مباشر رداً على اغتيال هنية.
ونقلت وكالة «رويترز» عن خمسة مصادر، أن مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى التقوا ممثلي حلفاء طهران في المنطقة، من لبنان والعراق واليمن وغزة، أمس، «لمناقشة الرد المحتمل على إسرائيل» بمشاركة خامنئي، وقادة في الحرس الثوري.
وأوضح مسؤول إيراني رفيع المستوى مطلع مباشرة على الاجتماع «ستجري إيران وأعضاء محور المقاومة تقييماً شاملاً بعد الاجتماع في طهران لإيجاد أفضل وأكثر الطرق فاعلية للرد على النظام الصهيوني».
وفي جامعة طهران، أمّ خامنئي المصلّين في جنازة هنية، قبل نقل الجثمان لاحقاً في قطر، حيث سيدفن اليوم.
وفي السياق، دعت «حماس» إلى «يوم غضب» شعبي عقب صلاة الجمعة.
وأظهرت مشاهد بثّها التلفزيون الإيراني الرسمي نعشَي هنية وحارسه الذي قتل بالغارة أيضاً، مغطيَين بالعلم الفلسطيني خلال المراسم التي حضرها مسؤولون إيرانيون بارزون من بينهم الرئيس مسعود بزشكيان وقائد الحرس الثوري حسين سلامي.
وتوعد الرجل الثاني في المكتب السياسي للحركة في غزة خليل الحية خلال المراسم، أن «يبقى شعار إسماعيل هنية لن نعترف بإسرائيل شعاراً خالداً»، مضيفاً «سنلاحق إسرائيل حتى اجتثاثها من أرض فلسطين».
وقال رئيس مجلس الشورى في إيران محمد باقر قاليباف وسط هتافات الحشود «الموت لإسرائيل، الموت لأميركا»، «من واجبنا الرد في الوقت المناسب وفي المكان المناسب».
وفي نيويورك، حذّرت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك عبر منصة «إكس» من أن طهران ستنفّذ«عمليات خاصة» ردّاً على اغتيال هنية الذي، «سيثير ندماً عميقاً لدى منفّذه».
استعدادات إسرائيلية
في المقابل، أعلنت إسرائيل إن إيران و«حماس» و«حزب الله» قد تستهدف مؤسسات إسرائيلية ويهودية في الخارج.
ودعا مجلس الأمن القومي حاملي الجنسية الإسرائيلية إلى توخي الحذر الشديد عند السفر إلى الخارج.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن تل أبيب على «مستوى عالٍ جداً من الاستعداد لأي سيناريو سواء دفاعي أو هجومي. سيترتب على أي اعتداء علينا ثمن باهظ جداً (...) أولئك الذين يهاجموننا، سنهاجمهم رداً على ذلك».
والأربعاء، حذر نتنياهو في خطاب متلفز، الإسرائيليين من أن «الأيام المقبلة ستكون صعبة، فمنذ الهجوم في بيروت سمعنا تهديدات من كل الجبهات».
ولم يذكر نتنياهو عملية اغتيال هنية، لكنه قال إن إسرائيل «وجّهت ضربات ساحقة لوكلاء إيران».
ورفع سلاح الجو الإسرائيلي حال الاستنفار في صفوفه إلى الحد الأقصى، بالتنسيق مع قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأميركي «سنتكوم».
وقال قائد سلاح الجو تومِر بار، إن «سلاح الجو بحالة جهوزية، بطائرات مقاتلة ومسيرة، للرد خلال دقائق معدودة على أي سيناريو، وسنعمل ضد أي أحد يخطط لاستهداف إسرائيل، ولا توجد نقطة بعيدة لمهاجمتها بالنسبة لنا».
كما لفت التقرير إلى أنه «في إسرائيل، يأخذون في الاعتبار أنه ستكون هناك مفاجأة».
«الشاباك» يرفع درجة الحراسة على نتنياهو
أصدر جهاز «الشاباك» تعليمات «استثنائية» تحسباً من رد إيراني على اغتيال هنية.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن الجهاز رفع درجة الحراسة الأمنية لرئيس الحكومة والوزراء، كما أصدر تعليمات لأمن بنيامين نتنياهو، منها عدم المشاركة بأي حدث من دون وجود ملجأ ملاصق.
كذلك أوعز رئيس «الشاباك» رونين بار، بأن كل جولة يقوم بها نتنياهو أو الوزراء «ستقتضي بشكل ملزِم الحصول مسبقاً على موافقته الشخصية».