من ستارة «المسرح الجديد في الكويت»، أطل «الملتقى الثقافي» بموسمه الثاني عشر، ظهر اليوم، مستضيفاً ثلاثة من «فرسان» المسرح الجديد هم المخرج المؤلف عبدالعزيز صفر والفنان المخرج محمد الحملي والفنان خالد المظفر، بحضور عدد من الفنانين وأهل الثقافة والمهتمين بالمسرح، إضافة إلى الإعلاميين.
بعد الترحيب بالحضور، أشار رئيس الملتقى الروائي القدير طالب الرفاعي إلى أن اختلاف موعد الملتقى عن عادته ليصبح ظهراً، أتى نظراً لانشغال الفنان خالد المظفر في عروض عمله المسرحي «الأول من نوعه»، وهي للمخرج عبدالعزيز صفر.
وأضاف «أود أن أوصل رسالة مهمة من أحد أعضاء الملتقى الدائم عبدالعزيز السريع، التي اعتذر فيها عن عدم الحضور بسبب انشغاله في المستشفى. اليوم، جلستنا استثنائية في توقيتها وبحضورها، وبحضور أحد فرسان مسرح الكويت جاسم النبهان، والجميع يعلم أن المسرح في الكويت حاضر منذ الأربعينات (من القرن الماضي)، أيام محمد النشمي وكان مسرحاً مرتجلاً وبسيطاً، ثم جاء زكي طليمات في الخمسينات ونقل وجهة نظره للراحل حمد الرجيب، وقال إن تربية الكويت صالحة ليكون بها مسرح».
وأضاف «ثم تحدث الرجيب مع وزير الإعلام آنذاك الشيخ جابر العلي، وفعلاً تأسست الفرق الكويتية أولها المسرح العربي، ثم أصبحت أربع فرق وشكلت حركة ومنافسة كبيرة، وكانت الكويت تشهد عروضاً آنذاك تستمر إلى شهرين أو ثلاثة شهور».
بعدها، عرج الرفاعي على ما أسماها الانتفاضة التي حدثت للمسرح، «مع غزو دولة الكويت العام 1990، ومن بعد ذلك جاءت عروض كانت تلبي شروط المسرح، ومنها التي عملها الراحل عبدالحسين عبدالرضا، ثم للأسف دخل المسرح الكويتي في موجة عروض هزيلة وبائسة وتعتمد على التفكّه وليس الضحك، والمؤلم أن تلك العروض امتدّت عقدين من الزمن، أي عشرين عاماً تقريباً، وهي خلقت جمهوراً». وتابع «الآن، أصبح شغل كبير للزملاء أن ينتقلوا بالذائقة المسرحية للشباب إلى ذائقة أكبر، وأكثر تعقيداً... أسهل شيء أن تضحك الناس، لكن أن توصل لهم طُعماً داخل العمل يثير تساؤلهم، فهذا شيء صعب».
وأكمل الرفاعي «نحن اليوم نلتقي تحت شعار (المسرح الجديد في الكويت) مع ضيوفنا إخواني أو أبنائي محمد الحملي وخالد المظفر، وأخي العزيز عبدالعزيز صفر الذي عملت معه سابقاً».
بعدها، أفسح المجال لكل منهم، ليتحدث عن الانتقالات التي يطمح إليها.
«عدم الوعي»
كانت البداية مع المظفر الذي قال «منذ صغري أحلم بمثل هذه الملتقيات والجلسات التي تحتوي على نقاش واع من القلب إلى القلب، ودائماً نرى بين الفنانين شداً وجذباً وخلافاً يكبر ويصل إلى (السوشيال ميديا)، والسبب عدم الوعي».
وأضاف «الفن لا يقتصر على الفنان فقط، بل كذلك على الناقد ومهندس الديكور والرسام، الذين ينضوون تحت مسمى فنان، لذلك يجب أن نلتقي ونقترب من بعض لحل كل سوء».
وأكمل المظفر «لصناعة مسرح جديد من وجهة نظري البسيطة، لا يمكن أن يكون هناك مسرح من دون وعي. اليوم، بعض نجوم مسرح العقدين لديهم قلة وعي وثقافة. مثلاً أقول له (هاملت)، فيقول من هو (هاملت) ولا يعرف شخصيات عالمية، وهذا الشيء أثر على الذوق العام، وأصبح السائد العمل المسرحي الهزلي الكوميدي وله ضحك فقط».
وأردف «لم تكن موهبتي فقط التي أبرزتني، بل رضا الله ثم الوالدين، ومن ثم المخرج عبدالعزيز صفر الذي التقيته وأنا عمري 13 عاماً في العام 2009، وعلّمني مدارس الفنون، وأعطاني قصة مسرحية (بيت الدمية) وطلب مني أن أقرأها ونتناقش في ما بعد. ثم أعطاني روايات عالمية ودخلنا بمدارس المسرح ونمّى في داخلي الثقافة، واليوم وصلنا أنا وعبدالعزيز صفر إلى الهدف ومن تلك الأهداف (الأول من نوعه) عملنا الحالي، ولم نصل إلى الهدف الذي وصلناه إلا من خلال سلاح العلم والثقافة».
«المسرح مثل الأكل والشرب»
بعدها، أعرب المخرج صفر عن سعادته بتواجده في الملتقى، وأضاف «أتت فترة للمسرح، الكل يهرب منه، سواء المثقفون أو العائلات وغيرهم. وكنت أحلم أن يجمع المسرح الجميع، وألا يقتصر على فئة، وألا يكون المسرح مجرد ضحك بصوت عال وأحياناً ضحك مزعج. فحبي للمسرح منذ الصغر، ووالدي كان لديه مكتبة كبيرة بها إرث مسرحي».
وأردف «لاحظت أنني أتعلق بمسرحيات الكبار، وعرفت القصص وترتيب أحداث العمل، وكبر هذا الحب، وشعرت بأن المسرح لابد أن يكون شيئاً موجوداً عند الناس مثل الأكل والشرب».
وأكمل صفر «هناك فترة، الجميع انزعج من المسرح بسبب أنه لا يوجد فيه انضباط وأن هناك إيحاءات. وعندها عملت فترة ورشاً فنية مسرحية وارتجالاً صامتاً، وهنا وجدت طفلاً صغيراً اسمه خالد المظفر محباً للفن. ومنذ ذلك اليوم، أصبح صديقي، وفعلاً كوّن لنفسه شعبية وكلّمني عن المسرح وتناقشنا عن مدارس المسارح وعن الذي نطمح إليه، وكبرنا وقررنا أن نعمل أعمالنا المسرحية التي عرضناها منذ أعوام، وهنا فعلاً أخذنا أعمالنا بالترتيب، وكانت من بينها (مطلوب) و(كومبارس) وغيرها. وحتى الجمهور أعدناه كما نريد إلى مسرح جديد، ولكن بصعوبة، حيث اعتاد على مسرح فترة وتغير بعد فترة».
«سرقناه بحب»
والتقط الفنان المخرج محمد الحملي طرف الحديث، فقال «أنا تلميذ للمخرج عبدالعزيز صفر، ومازلت ألجأ إليه، وتاريخ المسرح الكويتي نحن سرقناه بحب وكل ود من الرواد».
وأضاف «تابعت طريق الفنانين القدامى والأخطاء والمشاكل التي وقعوا بها كي لا أعيدها، ودائماً أحرص على التواصل مع الفنانين الكبار أو أن يكونوا معي في العمل المسرحي، ورحلتي كانت منذ مسرح الشباب، وفي بداياتنا عانينا كي يلتفت لنا مؤلف أو مخرج وكنا نبحث عن أي فرصة فنية، ولم نكبر وبيدنا ملعقة من ذهب».
وأكمل الحملي «أول خطة فنية، انشأت فرقة خاصة بي، وأولى الخطط فك لغز الصراع بين المسرح الأكاديمي والنخبوي والجماهيري، ولأني تربيت على الأعمال التي قدمت في الثمانينات، وهو مسرح الراحل محمد الرشود مثل (لولاكي) و(انتخبوا أم علي) وغيرها، قررت عمل مسرح واحد شامل كل أنواع المسارح، وذهبت إلى بريطانيا، وفعلياً كل عام أدفع مبلغاً وقدره كي أثقف نفسي، وأريد أن أطوّر الثقافة في الكويت».
«نقطّ من جيبنا»
بعد ذلك، طلب الرفاعي من الفنان القدير جاسم النبهان أن يتحدث عن المسرح الكويتي، فقال «كم نتمنى وجود المسارح الأهلية كما كانت في السابق، حيث كنا نلتقى أسبوعياً ونتبادل الأفكار والحواجز، وكان هناك معنا مسؤولون وأدباء ونقاد وغيرهم معنا».
وأضاف «أتحدث عن المؤسسين للحركة المسرحية، الذين كانوا يأملون في مستقبل مسرحي ونجوم مسرح. والذي كان محفزاً للفرق الأربع سابقاً وزارة الشؤون حين كانت مسؤولة عن هذه المسائل، وماذا ستقدمون هذا الموسم ويطلبون التنوع بأعمالنا، وكنا نقدم أعمالاً بها تنافس شريف وفيها حب لهوايتنا والتي لم نكسب منها بل (نقطّ من جيبنا) وحققنا جوائز، ولكن من بعد الغزو الغاشم تغيّرت كل الأمور للأسف».
وختم النبهان «أعلم أن الشباب تعبوا الكثير لأجل المسرح، ونحتاج دور عرض مسرحية للشباب وأن تبدأ العجلة من جديد وتظهر وجوه جديدة وأيضا كتّاب جدد».
مداخلات
شهدت الجلسة عدداً من المداخلات، وكانت البداية مع عبدالله المظفر، والد خالد المظفر، الذي قال «حرصت على التواجد وأنا متابع للجميع، وكنت أسعد حين أتابعكم. واليوم، أشكر الرفاعي على هذه البادرة».
من جانبها، قالت الدكتورة في المعهد العالي للفنون المسرحية سعداء الدعاس «غالباً، أنصح الجميع، وحتى طلبتي، بان يعملوا بصمت. فالعمل بصمت أفضل، وأهم شيء أن ندعم شبابنا بحضور أعمالهم، وكل إنسان يقدم عملاً، يريد أن يرى ردة الفعل».
من جانبها، اعتبرت الناقدة ليلى أحمد أن «المسرح الكويتي مرّ بمرحلتين فاصلتين مهمتين، مرحلة النشأة ومرحلة النهضة، وتحوّل المسرح إلى مشروع واضح وثابت، وأصبح شركات خاصة تنتج، ويعجبني في الشباب الثلاثة الذين أمامي (الحملي وصفر والمظفر) أنهم مؤمنون بالقراءة لأنها تنمي الذات».
ورأى الفنان الدكتور فهد العبدالمحسن أن «المسرح هو للناس ولعموم المجتمع ويلقى الجدل الفكري، والهم الذي يشعر فيه، وأن المسرح هو الذي يموّل نفسه بنفسه».
أما الدكتور نبيل الفيلكاوي، فقال «أحيّي الفرسان الثلاثة المتواجدين اليوم، وأحب عطاءهم، ولا أنكر جهد وإنجاز محمد الحملي الذي عانى لأجل المسرح».
جيل يسلّم جيلاً
قال خالد المظفر في ختام كلمته «نحن جيل ينقل جيلاً وجيل يسلم جيلاً، ولابد من دور للمعهد العالي للفنون المسرحية والورش المسرحية والأكاديميات لتعزيز وعي الفنان. البعض أصبح اليوم مشهوراً، ولكن لا يعلم خطورة الشهرة، ومُحاسَب.
«لا يوجد جديد»
أشار محمد الحملي خلال حديثه، إلى أنه «لا نقول اليوم الفن جديد، لا يوجد فن جديد... هو نفسه القديم والجديد، لكن نغير (التكنيك)».