مُخطئ مَن يعتقد أن ديموقراطيتنا محدّدة ببناء ذات أسوار وبوابات، عند إغلاقه تنطفئ جذوة هذه الديموقراطية! لم يقرأ تاريخ الكويت ونشأتها ونظامها السياسي... لم يعلم بأن أهل الكويت جُبلوا على الحوار والمصارحة مع أولي الأمر... لم يعلم بأن الديموقراطية لنا كالغذاء والهواء لا غناء عنهما، نمارسها في بيوتنا ودواويننا ومراكز أعمالنا... نظامنا الديموقراطي ارتضيناه حكاماً ومحكومين... مخطئ من يتهكم على تجربتنا البرلمانية متناسياً أو متجاهلاً تطور الديموقراطيات في العالم الحر.
يعيشون في بريطانيا ولا يعلمون بأن الديموقراطية الإنكليزية بدأت مع الماغنا كارتا في القرن الثالث عشر، وظلت تتطور حتى منح المرأة حق التصويت في القرن العشرين وما بعد ذلك من توسيع دائرة المشاركة السياسية لكل الطبقات، والأمر كذلك مع الديموقراطية الأميركية والفرنسية وغيرها. فالديموقراطية كنظام سياسي يمر بمراحل يشهد فيها تقهقراً وعراقيل تتطلب وقتاً للمراجعة والانطلاق بقوة ليصل إلى مرحلة النضج السياسي.
وهكذا هي حال الديموقراطيات الناشئة أيضاً والتي نعد تجربتنا الديموقراطية منها، نعم نقر بأن هناك قصوراً في فهم البعض للديموقراطية والواجبات البرلمانية. هناك أخطاء وتجاوزات عديدة وقعت.
نعم سمعاً وطاعة لولي الأمر، والذي لا شك بأنه اتخذ القرار الصعب بمرارة الأب وبمرارة القائد، ولكننا على يقين بأن سموه، حفظه الله ورعاه، قادر على معالجة السلبيات بروح الحكمة وبصلابة الإرادة وعزيمة القيادة... نقولها بكل صراحة إن الاختلالات في تجربتنا الديموقراطية هي نتاج سلبيات مورست لسنوات طوال لم تعالج في حينها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه الآن، ممارسات شاركت فيها حكومات سابقة لم تواجه شراسة البعض من أعضاء البرلمانات السابقة بالمواجهة التي يتطلبها العمل البرلماني بل بشراء الولاءات والإغراءات على حساب المصلحة العامة حتى جعلت من الكرسي الأخضر «مغنماً لا مغرماً» لتتضخم أرصدة من لم يكن لديه سوى راتبه!
مخطئ من يلقي اللوم على أعضاء البرلمان فقط، بل نرى أن جزءاً منهم ضحايا كما هو حالنا، ضحايا لنظام انتخابي جعل النائب تحت سطوة العائلة والقبيلة والطائفة التي أوصلته لقبة البرلمان. ولا بد أن يكون مشرط الجراح على سائر الجسد لبتر الأجزاء الفاسدة لكي يشفي الجسد كاملاً، ليكون المشرط على بؤر الفساد التي أزكمت الأنوف منذ سنوات، ليكون المشرط على من أضاع الفرص ووضع العراقيل لمصلحة متنفذ على حساب مصلحة الوطن، ليكون المشرط على التجاوزات على أراضي الدولة من حيازات وشاليهات وغيرها منحت على غير وجه حق، ليكون المشرط على شهادات مزوّرة، ليكون على تركيبة سكانية أغرقت بالعمالة الهامشية، ليكون المشرط على القوانين المستباحة وعدم احترامها! ليكون المشرط على التعليم الذي تقهقر، ليكون المشرط على النظام الانتخابي برمته لتعديله إلى نظام يتجاوز المناطقية الموجودة حالياً، ليكون المشرط على المحاصصة في المراكز والمواقع القيادية، ليكون المشرط على كل من عبث فساداً بهذه الأرض الطيبة.
... على ثقة من الله سبحانه وتعالى بأن مستقبل هذه الأرض محفوظ بعنايته ولطفه. حفظ الله بلادنا وقيادتنا وشعبنا من كل مكروه.