كلمة الأمير صرخة شعب

11 مايو 2024 10:00 م

أعلنها صاحب السمو أمير البلاد في خطابه الموجه للشعب الكويتي مساء أول من أمس الجمعة 2024/5/10، والذي شخّص فيه أوجه القصور والسلبيات التي لازمت العمل السياسي البرلماني خلال السنوات الماضية وما شابها من غُيوم رعدية هدّدت الأمن الوطني، الأمر الذي أدى إلى اتخاذه قراراً تاريخياً بحكم مسؤوليته الوطنية في حماية أمن البلاد والعباد، والتي بدايتها الإعلان عن حل مجلس الأمة لمدة أربع سنوات، ووقف بعض مواد الدستور ليواكب العصر الحالي.

من خلال رصدي لردود الأفعال حول الخطاب فقد وجدت ترحيباً شعبياً واسعاً وكأن هماً أُزيح من صدور الشعب.

إن اتخاذ مثل هذا القرار هو الخطوة الأولى لبداية انقشاع الغبار السياسي الذي كتم على أنفاس الشعب الكويتي خلال السنوات السابقة تمهيداً لتصحيح الأوضاع المقلوبة واسترجاع الهوية الوطنية التي زوّرت خلال السنوات الماضية بسبب الفساد السياسي والاجتماعي الذي مارسه بعض المتنفذين والنواب.

إن هناك الكثير من أبناء الشعب ينظرون إلى الوطن والنظام السياسي حضناً آمناً لهم ولذرياتهم، وأنا مؤمن بأنهم سيكونون خط الدفاع الأول في حال الخطر كما حدث أيام الغزو والاحتلال العراقي الغاشم لوطننا في وقفة الشعب البطولية والتمسك بشرعية نظامه السياسي.

لا يخفى بأن هناك قلقاً ألمسه لدى الكثير من أبناء هذا الشعب خصوصاً من ذوي الفئات العمرية من 15-30 الذين يعيشون حالة صدمة وقهر لما يرون من مسائل فاضحة لحجم الفساد من تزوير في ملفات الجنسية وسرقات كبيرة انتشرت من قبل الكثير من القيادات المعروفة من خلال استغلال مراكزهم سواءً أكانوا حكوميين أو نواباً أو متنفذين، الأمر الذي أدى إلى صدور الكثير من الأحكام القضائية بهذا الصدد.

وهنا، فان اتخاذ أقصى الإجراءات لحفظ أمن هذا البلد وشعبه والتصدي لمحاربة أوجه الفساد كافة هو واجب وطني على كل فرد في دعم توجه القيادة السياسية في تصحيح الأوضاع المقلوبة حتى لا تكون هناك فرصة لأي مخرّب طامح في العبث بأمن ومقدرات هذا الوطن وزعزعة النظام السياسي في محاولته الحصول على الامتيازات دون وجه حق.

إن الأمر الآن يحتاج إلى الوقفة الوطنية للشعب في دعم توجه القيادة السياسية في محاربة الفساد دون أي مجاملات لأحد أو غض الطرف عن آخر، أياً كان موقعه أو صفته كما أعلن عن ذلك صاحب السمو في خطابه.

إن على المخلصين حقاً من أبناء هذا الشعب الوفي الالتفاف مع قيادته السياسية لقطع دابر أي مخرّب أو فاسد يحاول إثارة البلبلة والقلاقل في سبيل اجتثاث الفساد تمهيداً لاستقرار الوضع السياسي الداخلي فالألف ميل تبدأ بخطوة.

من المعلوم ان العمل السياسي البرلماني قد تحول في الكويت تدريجياً إلى الشخصانية ما تسبب في إحباط لجموع الشعب، خصوصاً ممن توسم فيهم الخير وانتخبهم حيث إن إنجازهم الوحيد أنهم أوصلونا للإحباط من العملية الانتخابية برمتها، كما أنهم أضروا بالمصلحة العليا للوطن كما أشار صاحب السمو الأمير، حفظه الله، في نطقه السامي أمام أعضاء مجلس الأمة 2023.

إن الوطن لا يحتمل أي إخفاقات قد تسبب المزيد من التشرذم، وهناك من القوى الحاقدة والحاسدة سواءً كان داخلياً أو خارجياً ممن يتربص بنا.

وفي هذا الصدد فإن هناك أولويات ملحة يتشارك فيها العديد من المواطنين الغيورين على مستقبل هذا البلد. والتي تتلخص بالآتي:-

- أهمية الإسراع في تشكيل لجنة نزيهة من أصحاب الخبرة والسمعة والأخلاق الحسنة والأمانة والشرف لوضع أُطر للإصلاح على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومنها تعديل بعض مواد الدستور للأفضل لتواكب العصر، إضافة إلى وضع قانون انتخاب جديد.

- مراجعة الشوائب التي ادخلت على قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959 وخاصة القانون رقم 1994/44 حمايةً للهوية الوطنية من العبث.

-التأكيد على الثوابت الوطنية في محاربة الفساد والمفسدين من خلال اتخاذ خطوات سريعة نحو الإصلاح وإبراز قوة النظام السياسي المستمد من الدستور والالتفاف الشعبي تجاه قيادته.

- التأكيد على استرداد الأموال المنهوبة وبالأرقام لبث الطمأنينة وجدية مصداقية التحرك الحكومي.

- توجيه الاهتمام بصورة كبيرة وجدية إلى الفئة العمرية الشبابية لانهم يشكّلون الغالبية الكبرى، وذلك من خلال برامج متقدمة تكنولوجياً ورقمياً حتى يمكنهم من المساهمة الفعالة في اقتصاد البلاد وإشغالهم بما هو منتج.

- الاهتمام بإعطاء أهمية قصوى لأولويات الحكومة في معالجة العجز المالي للدولة بصورة مهنية وعلى مستوى عالمي في أسلوب المعالجة.

ختاماً، فإننا نقول لسمو الأمير اذهب أنت وربُّك فقاتلا إنا معكما مقاتلون.

والله المستعان.