د. عبداللطيف محمد الصريخ / زاوية مستقيمة / العقول ثلاثة

1 يناير 1970 05:00 م
العقول ثلاثة: الأول يحلق في عالم الأفكار، والثاني يحوم في عالم الأشياء، والثالث يعيش في عالم الأشخاص، هذه بالضبط كانت محاور لقاء للدكتور طارق سويدان في إحدى الفضائيات، وقد أعجبني الموضوع الذي يطرحه، وأحببت أن أشارككم ما استمتعت به من فوائد، والدال على الخير كفاعله.

كتاب الأعمدة كذلك ثلاثة (هذه من عندي): أولهم من تكون همته متعلقة بالأفكار والقناعات، وكيفية تغييرها، ففي قناعته أن التغيير يبدأ من الداخل، ومن الصعب أن يتغير الإنسان من الخارج إن كان يرفض هذا التغيير، على رغم قناعته أن تغيير الإنسان من خلال الأفكار يأخذ وقتا طويلاً، إلا أنه يصر على المضي قدماً على التركيز في أغلب مقالاته على هذا المحور، علماً بأن عموم الناس لا يستسيغ ذلك، وتقفز عيناه بعيداً عن هذه النوعية من المقالات بحثاً عن النوع الثاني أو الثالث منها.

النوع الثاني من كتاب الأعمدة: هو من يركز على الأشياء والعمليات والأحداث بعيداً عن الأشخاص، فهو يبحث دائماً عن الخلل في الخدمات والأشياء لتكون مادة دسمة لمقالاته، ومفكرته دائماً مليئة بالمواضيع الحساسة، وينتظره دائماً طابور طويل في البريد الإلكتروني من شكاوى وأحداث في طول البلاد وعرضها، وهكذا (يقزرها) علينا ذلك الكاتب دون عمق في الطرح، بعيداً عن الصداع الفكري والطرح العميق.

أما النوع الثالث من الكتاب: فالأشخاص وتصريحاتهم ومقالاتهم وأقوالهم هي مادتهم الأساسية التي يسودون بها أعمدتهم الصحافية، فلا فكر يطرح، ولا مادة تناقش، يعيشون على التناقضات، ويقتاتون على الجيف، تصريحاً أحياناً، وتلميحاً أحياناً أخرى، يفتعلون الصراعات حتى يبقوا في دائرة الضوء، لا يهمهم إن كانوا على الحق أو الباطل، المهم أن تبدأ المعركة التي رسمها بنفسه أم خطط لها غيره، وما عليه سوى أن يفتح جيبه للمزيد من الأموال التي تغدق عليه من هنا وهناك.

هذه الأنواع الثلاثة من الكتاب موجودة في كل زمان ومكان، وعلى من امتطى صهوة القلم أن يرتقي بما

يطرح، فيختار من الألفاظ أحسنها، ومن العبارات أرقها، ومن الكلمات أرقاها، فهي انعكاس لذاته، ومرآة لروحه ونفسه.



د.عبداللطيف الصريخ

مستشار في التنمية البشرية

[email protected]