المحامي رضا الشمري: جنوس الكويت ليسوا متشبهين بالنساء بل مغيرين لخلق الله

1 يناير 1970 07:07 ص
| حاوره ناصر الفرحان |

مطالبات الجنس «سعاد» لوزارتي الداخلية والعدل في لقائها مع «الراي» بتاريخ 13 يناير 2008، كانت الشغل الشاغل ومحور الاهتمام للعديد من رجال الدين والقانون في الكويت وغيرها ما فرض تساؤلات عدة ابرزها ما موقف «الجنوس» شرعاً وتشريعاً؟

وهل يحق للمرء تحويل جنسه من ذكر إلى أنثى أو العكس، وما رأي الشريعة الإسلامية والتشريع المنبثق منها في هذه الحال؟!

ففي 24 ابريل من العام 2004 أصدرت المحكمة الكلية في الكويت حكماً شهيراً يقضي بأحقية مدع في تغيير جنسه من ذكر إلى انثى، ولاقى الحكم في ذلك الوقت ردود فعل متباينة بين اوساط المجتمع الكويتي حتى صدر حكم آخر من محكمة الاستئناف برفض الدعوى، واستمر الجدل حتى صدر القانون رقم (36) لسنة 2007 بتعديل المادة (198) من القانون رقم (16) لسنة 1960 بإصدار قانون الجزاء في انه من اتى اشارة او فعلاً مخلاً بالحياء في مكان عام بحيث يراه او يسمعه من كان في مكان عام او تشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تتجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

حول التحول الجنسي شرعاً وتشريعاً كان لـ «الراي» حوار مع  المحامي رضا الشمري، اليكم تفاصيله:

• بداية هل يدرك المتحولون جنسياً حقيقة ما يفعلونه؟

- الحقيقة ان الموجع في الموضوع اولاً هو عدم ادراك هؤلاء المتحولين جنسياً او ما يطلقون على انفسهم (جنس) لحقيقة الجرائم التي يرتكبونها والتمسك بحجج وأوهام الأمراض النفسية وعلى الخصوص (مرض اضطراب الهوية الجنسية) وثاني الأوجاع هو قصور المشرع الكويتي اذا جاء النص التجريمي قاصراً على الدراسة والبحث حتى صار هو الآخر مخالفاً للقانون.

• وما موقف الشريعة الإسلامية من تغيير الجنس؟

- أجازت الشريعة الإسلامية حالتين فقط لجراحة تغيير الجنس وهما: الحالة الأولى: هي ان ينظر الطبيب إلى الغدة التناسلية وفق فحوصات خاصة فإن كانت الغدة مبيضاً والأعضاء التناسلية الظاهرية ذكرية فهي خنثى (أنثى كاذبة) وحينئذ يتدخل جراحياً لإظهار الأعضاء التناسلية الأنثوية الحقيقية ويحدث ذلك نتيجة افراز هرمون الذكورة من الغدة الكظرية فوق (الكلية) فتتجه الأعضاء التناسلية الظاهرية نحو الذكورة فينمو البظر نمواً كبيراً ويصبح على شكل قضيب ويلتحم بالشفرين الكبيرين ما يجعلهما يشبهان كيس الصفن والفرق بينهما ان كيس الصفن يحتوي على الخصيتين بخلاف هذا فإنه يحتوي على زوائد دهنية وحينما تولد الأنثى يظن انها ذكر ولكن سرعان ما تظهر علامات البلوغ الأنثوية وبعد الفحص الطبي الدقيق يتبين ضرورة اجراء جراحة لاصلاح الوضع بإعادته إلى اصله.

وقد عرف الفقهاء رحمهم الله تعالى الخنثى بتعريفات متقاربة ومنها: قال الكايساني (من أئمة الحنفية): «الخنثى من له آلة الرجال والنساء والشخص الواحد لا يكون ذكراً أو أنثى حقيقية فإما ان يكون ذكراً وإما ان يكون انثى».

قال الموصلي: «الخنثى من كان له آلة الرجل والمرأة».

وقالت مجموعة من الأطباء في الخنوثة الكاذبة لا يوجد بجسم الشخص المصاب بها سوى نوع واحد من الغدد التناسلية الجنسية ولكن تكون بجسمه اعضاء تناسلية تتسم ببعض مميزات الجنس الآخر وأسبابها اختلال التوازن بين الهرمونات الذكرية والأنثوية.

الحالة الثانية: ان يشتمل الجهاز التناسلي على خصية ومبيض وهي ما يطلق عليها الأطباء الخنثى الحقيقية (المشكل) وهي حالة نادرة الوجود ولم يسجل الطب قيام الخنثى الحقيقية بدور مزدوج كامل مع وجود اعضاء ظاهرية إما لأنثى او لذكر او لكليهما معاً وغالباً ما تكون الغدة التناسلية (الخصية او المبيض) مندثرة او هامدة، وحكم هاتين الصورتين من الجراحة الطبية فقط هما الجائزتان شرعاً.

• هل هناك ادلة على ذلك؟

- نعم، الأدلة تتمثل في الآتي:

- ان هاتين الصورتين تعتبران مرضاً من الأمراض التي اباحت الشريعة الإسلامية معالجته بعموم الأدلة الدالة على جواز التداوي والمعالجة الطبية والجراحة الطبية من انواع العلاج الجائز.

- انه يجوز فعل هذه الجراحة كما يجوز فعل غيرها من انواع الجراحات بجامع وجود الحاجة الداعية اليها.

- انه ليس في هذا النوع من الجراحة وفي هاتين الصورتين تغيير لخلق الله لوجود الموجب للتدخل الجراحي وهو وجود الحاجة فوجب حينئذ استثناء هاتين الصورتين من النصوص الدالة على تحريم التغيير لخلق الله.

- ان في بقاء هاتين الصورتين على حالتهما ضرر بالغ ومشقة عظيمة على الانثى والشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح ودرء المفاسد للقاعدة الفقهية القائلة «الضرر يزال»، و«المشقة بجلب التيسير».

انه ليس في اجراء الجراحة في هاتين الصورتين تدليس او تغرير او تزوير لأن مقصود الجراحة هنا الرجوع إلى الخلقة الأصلية السوية لبلوغ علاج مجاز شرعاً.

• هل هناك مجامع فقهية أجازت اجراء جراحة لإزالة التشبه سواء بالنساء او الرجال؟

- نص المجمع الفقهي الإسلامي في مكة المكرمة على جواز اجراء الجراحة المناسبة بهدف ازالة  الاشتباه في الانثى لتصبح سوية كبقية النساء (قرار المجمع الفقهي الإسلامي في مكة المكرمة، الدورة الحادية عشرة، القرار السادس عام 1409 هـ).

اما ان يتم تحويل الذكر إلى انثى باستئصال العضو الذكري والخصيتين فهو محرم قطعاً تغييراً لخلقة الله عز وجل.

قال تعالى: (ولآمرنهم فليُبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا) (119) سورة النساء.

• وما حقيقة ما يفعله «الجنوس» في هذه الحال؟

- ان ما ترتكبه هذه الفئة هو ليس التشبه بالنساء وحسب بل هو في حقيقته تغيير في خلق الله والعبث بما قدر لهم من رجال او نساء بإزالة اعضاء الذكورة لديهم واصطناع مظاهر انثوية ثديين وما يماثل الفرج وقناة تناسلية وهي بالإضافة إلى مناعتها لا تصل إلى التحويل الكامل للقيام بوظائف الأنثى كما انها لا تغير الوضع الصبغي للمريض علاوة على ما يتضمنه من محظورات شرعية عديدة كفعل الجراحة دون وجود حاجة طبية معتبرة وكشف العورة والاطلاع عليها ولمسها واطلاع الرجال على النساء والعكس دون موجب شرعي يبيح ذلك.

• هل أورد المشرع عقوبات للمتحولين جنسياً؟

- جاء نص المادة (198) من قانون الجزاء المذكور لتعاقب التشبه بالجنس الآخر بأي صورة من الصور دون وضع آلية لحفظ حقوق من ابتلاهم الله (الخنثى، المشكل).

وإن كنا دائمي التمني بوضع تشريع حازم لمعاقبة هذه الفئة التي ماانزل الله بها من سلطان الا ان تلبية النداء جاء قاصراً على عجل من دون دراسة تستأهل حجم هذا الموضوع وما هو ظاهر على السطح حتى نستطيع التمييز بين ما هو يستحق الرحمة والشفقة وبين المتجرئ على خلق الله واتباع  الشياطين فلم يجعل المشرع (للخنثى والمشكل) مخرجاً فهل يعقل ان نترك هذه الفئة المعترف بها شرعاً من دون تنظيم قانوني مثلما عوقب المتحولون والمغيرون لخلق الله فما يعترف به شرعاً يجب ان يعترف به قانوناً فكان أجدر على المشرع ان يعامل الحالات المعترف بها بطريقة منضبطة قانوناً كأن يترك لهم فرصة طلب التغيير من القضاء بعد عرضه على لجنة طبية متخصصة تحدد مركزه القانوني من الناحية الشرعية واما أن يتجاهل النص القانوني للحالات الشرعية فلا ريب انه خطأ قانوني يجب النظر فيه.

• هل يمكن ان يكون بين هذه الحالات (المتشبهين) من تنطبق عليه الشروط الشرعية لتغير الجنس (خنثى او مشكل)؟ وما هو حكمهم قانوناً؟ وكيف سيتم التمييز بينهم وبين العابثين بخلق الله؟

- في الحقيقة ان أسئلة وتساؤلات كثيرة تدور حول هذا النص العاجل والتي لا نجد لها الاجابة التي تتفق مع صحيح القانون وجل ما نخشاه ان يكون دواؤنا للعابثين مضراً بالمرضى والمبتلين.