لم يهدأ القتال ولا القصف المدفعي والغارات الجوية، حتى في وقت السحور مع حلول شهر رمضان المبارك، أمس، في قطاع غزة، وسط عدم قدرة الجوعى على الحصول على طعامي الإفطار والسحور، بينما استمرت أعداد الشهداء بالارتفاع مع وصول العشرات منهم إلى المستشفيات.
وفيما صدحت التكبيرات في العديد من دول العالم، إيذاناً بصلاة التراويح لأولى ليالي رمضان مساء الأحد، حُرم «مئات آلاف» الفلسطينيين من أداء الصلاة، بعدما هدم الجيش الإسرائيلي «أكثر من 500 مسجدٍ، بينها 220 مسجداً هدمها بشكل كلي، و290 مسجداً بشكل جزئي وصارت غير صالحة للصلاة».
«لا شيء على الفطور»
وفيما يخيّم شبح المجاعة الوشيكة على القطاع المحاصر الذي يُعاني معظم سكانه من نقص الماء والطعام والوقود، وفق الأمم المتحدة ومقاطع فيديو وروايات يومية من القطاع المدمّر، أعلنت وزارة الصحة في غزة، أمس، أن «عشرات الأطفال يتوفون أسبوعياً بسبب سوء التغذية والجفاف من دون أن يصلوا المستشفيات».
وقال عوني الكيال (50 عاماً) النازح في رفح لـ «فرانس برس»، «بدأ رمضان حزيناً ومتشحاً بالسواد وطعم الموت والدم وأصوات الانفجارات والقصف. سمعت صوت المسحراتي وهو شاب متطوّع يجول بين الخيم واستيقظت في خيمتي البسيطة وصرت أبكي على حالنا».
ويضيف «فجأة سمعت دوي القصف. ضربوا بيتاً بحي الجنينة، ورأيت سيارات الإسعاف تنقل شهداء وجرحى».
وأفادت وزارة الصحة في القطاع، بان غارة استهدفت وقت السحور منزل عائلة بركات بحي الجنينة في رفح وخلّفت أربعة شهداء بينهم ثلاث نساء وعدد من الجرحى.
وأضاف الكيال «الاحتلال لا يريد لنا أي فرحة برمضان. لا نملك أي طعام للفطور. زوجتي قدّمت للأولاد بعض الجبنة والفول من المساعدات التي تصلنا وهي قليلة، وخبزاً قديماً. لم نجد حتى شاي لنعدّه لهم».
وقال جمال الخطيب في رفح، «لا يوجد أصلاً طعام، فكيف سنفطر في رمضان؟ كيف سنفرح ولا مأوى ولا كهرباء ولا ماء والأسوأ لا شيء على مائدة السحور أو الفطور في خيام النازحين المنكوبين».
وأضاف أحمد خميس (40 عاماً) «رمضان حزين جداً هذا العام... لا طعم له. حرب قذرة ودموية، حرب إبادة، ولا طعام ولا شراب».
وقالت مها، أم لخمسة أطفال، والتي كانت عادة تملأ منزلها بالزينة وثلاجتها بالإمدادات اللازمة لوجبة الإفطار «لم نقم بأي استعدادات لاستقبال رمضان، لأننا صيام منذ خمسة أشهر».
ويأتي رمضان بالنسبة على سكان غزة «مع انتشار الجوع الشديد واستمرار النزوح والخوف والقلق وسط تهديدات بعملية عسكرية على رفح».
لكن شبكة «سي إن إن»، ذكرت أمس، أن واشنطن لا تتوقع أن تبدأ إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح «في المستقبل القريب».
قافلة الشهداء
وصباح اليوم الـ 157 للحرب، أفادت وزارة الصحة، أمس، عن 85 شهيداً و130 جريحاً سقطوا خلال الساعات الـ 24 الماضية.
وتابعت ان العديد من الضحايا مازالوا تحت الركام وفي الطرق، واتهمت الجيش الإسرائيلي بمنع طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول اليهم.
وذكر مكتب الإعلام الحكومي التابع لـ «حماس»، أن الجيش الإسرائيلي «شنّ أكثر من 40 غارة جوية» ليل الأحد - الإثنين، طالت مناطق في خان يونس (في جنوب القطاع) وحي الزيتون وتل الهوى في مدينة غزة... واستهدف القصف المدفعي المكثف مناطق في شرق رفح في أقصى الجنوب على الحدود مع مصر.
وأفاد الجيش من جانبه، بأن قواته تخوض «في وسط قطاع غزة مواجهات قريبة وتستعين بالقنّاصة وبالضربات الجوية».
وارتفعت حصيلة الحرب منذ خمسة أشهر في قطاع غزة، وفق أرقام وزارة الصحة في غزة، إلى 31112 شهيداً و72760 جريحاً «72 في المئة منهم من الأطفال والنساء».
وشكّك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية نشرت الأحد، في حصيلة الشهداء المدنيين. وقال إن العدد «ليس 30 ألفاً ولا حتى 20 ألفاً وهو أقلّ من ذلك بكثير»، مدعياً أن الجيش قتل «ما لا يقلّ عن 13 ألف» مقاتل.
وأعلنت الهيئة العامة للمعابر والحدود التابعة لـ «حماس» الإفراج عن «56 أسيراً» كان الجيش الإسرائيلي اعتقلهم في مناطق مختلفة من غزة «خلال الأسابيع الماضية، وتظهر عليهم آثار تعذيب».