إنشاء محكمة ونيابة وشرطة خاصة لفرض السطوة التي هدرت

هل تستعيد البلدية هيبتها المفقودة؟

1 يناير 1970 09:45 م
| كتب تركي المغامس |

فقدت البلدية هيبتها، وعانت على مدى السنوات الماضية من الاهمال والفساد والتطبيق الخاطئ للقانون ما قلل من سطوتها أمام المواطنين والوافدين على حد سواء، لدرجة أن مخالفاتها لم تعد لها قيمة، حيث ان معظمها يسقط من خلال الواسطة أو المحسوبية أو أن تتبخر أوراقها بين أروقة البلدية ومكاتب التحقيقات ولا يصل الى المحكمة الا النذر اليسير، فتلغى القضية أو يحكم ببراءة المخالف.

وبعد صدور قرار مجلس الوزراء بتفعيل قانون العمل البلدي لم تتمكن البلدية من استعادة هيبتها وازالة المخالفات الجسيمة على أملاك الدولة مثل المباني والديوانيات والشاليهات وغيرها، فاتجه مجلس الوزراء الى فرض هيبة القانون باسمه الخاص لا باسم البلدية وشكل لجنة ازالة التعديات على أملاك الدولة والتي تعمل تحت مظلة مجلس الوزراء وعمدت على ممارسة عملها وازالة الكثير من التعديات وما زالت تعمل على ذلك.

وتزامنا مع ذلك فكرت بلدية الكويت في استعادة هيبتها مجددا من خلال مشاريع عدة منها أن تكون لها شرطة خاصة بالاضافة الى أن تحال جميع مخالفاتها الى النيابة العامة لا الى ادارة التحقيقات في وزارة الداخلية وأن تكون لها محكمة خاصة بالشؤون البلدية لكي تتمكن من فرض هيبتها كجهاز تنفيذي وأن تستطيع تحمل العبء الذي ستتركه لها لجنة الازالات في حال تم انتهاء عملها.

وفي هذا الصدد قال نائب المدير العام لقطاع التخطيط والتطوير الاداري المهندس احمد المنفوحي «ان انشاء محكمة خاصة بالبلدية سيساعد على سرعة انزال العقوبة على المخالف، ويضمن وصول هذه المحاضر المخالفة الى أصحاب الشأن، ونحن لا نسعى فقط لانشاء محكمة للبلدية بل نعمل على تحويل المحاضر للنيابة العامة أسوة بوزارة التجارة وهذه نقطة مهمة جدا لنا في هذه الأثناء عندما نحيل جميع المحاضر للنيابة سنضمن أن جميع المحاضر صحيحة، لان النيابة لا تقبل منا رقما مدنيا غير صحيح أو خطأ ولا تقبل أن يكون التسلسل للمخالفات خاطئاً بمعنى ان محضر ستة وسبعة وبعدها تنتقل لعشرة فالنيابة لا تقبل ذلك».

واضاف «فما يحصل في الادارة العامة للتحقيقات مع البلدية أن معظم هذه المحاضر تضيع في دهاليز اما الجهاز التنفيذي داخل المحافظة أو عن طريق الادارة القانونية أو عن طريق وزارة الداخلية ممثلة بالادارة العامة للتحقيقات ومن الممكن أيضا بسهولة أن ترفض القضية نظرا لخطأ في الرقم المدني أو لعدم الحصول على صورة من البطاقة المدنية لصاحب الشأن».

وذكر المنفوحي «أما عندما يذهب محضر المخالفة الى النيابة العامة، فهي عندها القدرة على ضبط الشخص واحضار بطاقته المدنية اذا كان يرفض احضارها وعندها القدرة على مراجعة الرقم المدني والتنسيق مع البطاقة المدنية للتأكد من مطابقة الاسم مع الرقم المدني ولديها القدرة على اتخاذ العقوبة الرادعة والسريعة وعندما ترفع المحضر الى المحكمة سيكون مطابقا للاشتراطات والقوانين ونكسب معها عنصرا مساعدا داخل المحكمة وهذا أمر مهم جدا لتطبيق قرارات البلدية».

وأكد المنفوحي «أن انشاء محكمة البلدية جائز دستوريا، حيث أنها تتبع وزارة العدل وتخضع الى قوانين القانون والدستور الكويتي المعتمد في أروقة المحاكم الكويتية، حيث ان لا فرق لدينا في موقعها حيث ان البلدية على استعداد لتخصيص موقع لها، حيث ان هذا كان معمولا به في السابق حيث كانت هناك دائرة خاصة في المحاكم تختص في قضايا البلدية وكانت القضية لا تطول أكثر من شهرين والآن القضايا تطول الى خمس سنوات في بعض الأحيان وهذه مدة طويلة جدا، وهذا الأمر يقلل الردع هذا ان لم يكن من قام بالمخالفة

سافر وترك العمل في دولة الكويت».

وبدوره، قال نائب رئيس المجلس البلدي شايع الشايع «نحن مع أن تكون للبلدية محكمة خاصة في النظر بقضايا البلدية تتبع لمجلس القضاء الأعلى وأن تحال مخالفات البلدية الى النيابة العامة حيث ان هذا الأمر سيسهل على الجهاز التنفيذي تطبيق اللوائح والاجراءات القانونية ويصبح هناك تنظيف في ادارة العمل ونرفض ان تكون للبلدية شرطة خاصة بها حيث ان هذا يولد ردة فعل لدى المواطن ونحن لا نقبل بان تكون هناك دولة داخل دولة».

وأكد الشايع «على أن هذا الأمر سيعطي البلدية قوة وهيبة أكثر من ذي قبل حيث انها مقبلة على مشاريع تنموية كبيرة ومنوط بها أن تساهم في اظهار المنظر الحضاري لدولة الكويت حيث ان لجنة الازالة ستسلمها مسؤوليات كبيرة في حال انتهت من عملها».

ولمعرفة الرأي القانوني في هذا الجانب، قال رئيس قسم القانون العام بجامعة الكويت الدكتور احمد الفارسي «كرجال قانون نحن نطالب دائما بتوحيد جهة المحاكم، ولا يجوز أن يكون لدينا محاكم استثنائية مثل محكمة للبلدية ومحكمة عسكرية ومحكمة امن دولة وغيرها، فدائما نحن نسعى لان تكون لدينا جهة واحدة للمحاكم، وكل القضايا تنظرها هذه المحاكم، فانا ضد أن تكون هناك محاكم خاصة للبلدية».

ورفض الفارسي «بان تكون للبلدية شرطة خاصة بها»، مبينا «ففي الدول الأخرى هناك (بوليس بلدي) وهذا يكون خاصا بالدول التي يكون فيها حكم محلي فهذا الأمر ليس خاصا بادارة البلدية بل هو خاص بالمقاطعة ككل، والتي هي تتمتع بحكم محلي وهذا الأمر مختلف نهائيا فالشرطة لبلدية الكويت أمر لن نقبل به نهائيا».

وبدوره، قال أستاذ القانون الدكتور ابراهيم الحمود «أن بلدية الكويت تختلف عن بلديات العالم حيث انها تشمل كل اقليم دولة الكويت، ولها اختصاصات على سبيل الحصر في القانون ومنها القيام بالمخالفات البلدية من ناحية وأيضا التنظيم الاداري من ناحية أخرى، وهذا يدخل من ضمن القواعد العامة في القانون ويفضل في دولة مثل الكويت أن يكون فيها نظام قضائي واحد حتى تتوحد الأحكام القضائية وتكون المسائل واضحة للجميع»، مشيرا الى «أن وجود محاكم خاصة في البلدية في دولة مثل الكويت مرفوض، لأنها تختلف عن غيرها من الدول الأخرى ففي الدول الأخرى البلدية تقوم بوظائف أخرى ولديها ميزانيات ضخمة ومستقلة، فميزانية بلدية الكويت مستقلة ولكن ليس لديها ايرادات كافية لمصروفاتها».

وتابع الحمود «عن احالة المخالفات البلدية الى النيابة، فاليوم يطلق على مخالفات البلدية جنح بلدية وهي بالأصل كان على النيابة العامة أن تحقق في كافة الجرائم، ولكن أكثر ما لدى البلدية مخالفات ولا ترقى الى أن تكون جريمة، فنحن في الكويت ليس لدينا تمييز بين المخالفات والجنح والجنايات، فهذه المخالفات تعتبر اقل وطأة من الجنح فبعض المخالفات لا تستحق أن تعرض على النيابة، فلو تنشأ في الكويت محكمة للمخالفات يكون أفضل من ذلك ويكون هناك اختصاص في الجنح والجنايات والمخالفات لكي تكون الأحكام فيها سريعة».

وأكد الحمود «على انه لا يجوز أن يكون في دولة الكويت شرطة خاصة بالبلدية، فرجال البلدية لديهم ضبطية قضائية تكفيهم، أما بالنسبة للشرطة يجب أن تتبع وزارة الداخلية ففي الدولة الأخرى الوضع يختلف جدا فالبلدية لديها ميزانيات ضخمة ولديها ضرائب تجبى من جهات كثيرة ففي الكويت ليس لديها قدرة على تحمل أعباء شرطة خاصة، ولكي لا تكون دولة داخل دولة».

المواطنون الذين استطلعتهم «الراي» بشأن انشاء محكمة للبلدية، لم يقتنعوا بأفكار البلدية.

يعقوب الكندري قال «ان البلدية تسعى من خلال هذه الأفكار الى أن تغطي على الفساد المستشري فيها، فباستطاعة البلدية أن تفرض هيبتها من خلال القانون الحالي ولا حاجة الى محاكم أو شرطة وغيرها فهذه لجنة الازالات لم تنشأ محاكم ولم تعتقل احدا ولم تؤسس شرطة خاصة بل طبقت القانون بحذافيره دون محاباة لأحد واستعانت في بعض الحالات بوزارة الداخلية لوقف المعارضين لتطبيق القانون»، موضحا «أن ما تسعى اليه البلدية ما هو الا عبث لتغطية مواطن الفساد فيها».

ورفض احمد العنزي «ما يطرح بخصوص انشاء محكمة خاصة بالبلدية أو تكوين شرطة خاصة بالبلدية فالكويت أكثر دولة فيها قوانين ولكنها تحتاج الى من يطبقها لا أن نزيد من هذه القوانين والتي بالتالي ستتعارض مع بعضها البعض وسيكون الخاسر الكبير هي الدولة وسيستشري الفساد بشكل اكبر فالقانون اذا تم تطبيقه بشكل صحيح وسليم لن نحتاج الى مثل هذه الأفكار».

وقال سعود العازمي «أمرها مضحك البلدية، لتطبق القانون الموجود أولا وبعد ذلك تبحث عن مثالبه وتطالب في محاكم وشرطة وتغليظ العقوبات، فالموطن يخاف من لجنة الازالة كما يخاف السجن ولا يرى البلدية في عينه شيء لأنها هي من نزعت هيبتها من قلب المواطن فالقانون اذا طبق على الجميع دون مجاملات سيكون له وقع السيف».

 

اقتراح البلدية الخاص بتفعيل القرارات والأنظمة



جاء في خطة البلدية لفرض بعض الاجراءات لتفعيل قرارات وأنظمة البلدية والمقدمة من قطاع التطوير والتدريب في البلدية ما يلي: يلاحظ دائما بأن البلدية غالبا ما تكون عرضة لكثير من النقد والاتهام بوجود تقصير في أداء الخدمات المكلفة بها الا انه أحيانا ما يكون هذا النقد غير متناسب مع ما قد يكون موجودا من قصور، وهذا بالأساس قد يرجع الى أن معظم مهام البلدية ذات صلة مباشرة بالمواطنين وتمس حياتهم المعيشية سواء من ناحية الاسكان والغذاء ونظافة البيئة وغيرها من النواحي العمرانية والتنظيمية وهذا يعد من أسباب النقد لأنهم يريدون من البلدية الكمال والمثالية في أداء خدماتها.

كما أن هناك العديد من العوامل والتأثيرات التي قد تكون قائمة على توجيهات الجهات العليا ويتم في ذلك تحميل البلدية تداعي السلبيات التي قد تحدث بسبب ذلك مثل ايقاف ازالة التعديات على أملاك الدولة أو السماح باستمرار تراخيص بعض الأنشطة أو استعمالات بعض المناطق الحرفية. وانه يجري توجيه اللوم للبلدية بمفردها على الرغم من أن أداء بعض الخدمات ربما يكون من اختصاص البلدية بصفة أصلية مثل ازالة التعديات على أملاك الدولة وفقا للقانون رقم 105 لسنة 1980 حيث أنها في الأصل من اختصاص وزارة المالية ولكن تم تفويض البلدية بها.

ومن الأسباب المؤدية الى عدم تفعيل قوانين وأنظمة البلدية عدم الفورية في توقيع العقوبات والجزاءات المترتبة على مخالفة هذه الأنظمة والقوانين من اجل احداث الزجر للمخالفين لذلك نقترح:

1 - احالة المخالفات الخاصة بالبلدية الى النيابة العامة، لان هذه الاجراءات تعد من أسباب تأخير البت في المخالفات وتوقيع العقوبة بالسرعة المطلوبة وتلافيا لذلك، نرى بأنه من الاصوب بأن يتم استثناء من ذلك بأن تتولى النيابة العامة الدعوى الجزائية في المخالفات المنصوص عليها في اللوائح المشار اليها في المادة 26 من القانون رقم 5/2005»، مبينا «أن هذا سيكون أسوة بما هو متبع حاليا مع المخالفات الخاصة بوزارة التجارة والصناعة الخاصة بقمع الغش وغيرها من المخالفات الأخرى المترتبة على أحكام القانون رقم 32/1969 في شأن تراخيص المحلات التجارية وتعديلاته.

2 - تخصيص دائرة أو أكثر بمحكمة الجنح للفصل في مخالفات البلدية، حيث يقوم الادعاء العام ممثلا في الادارة العامة للتحقيقات باحالة محاضر اثبات المخالفات الخاصة بالبلدية الى محكمة الجنح حالها في ذلك حال سائر القضايا الأخرى المتعلقة بالجنح وهو ما يترتب عليه السير في دهاليز المحاكم واستغراق وقت طويل قد يصل الى سنوات عدة لا يتناسب مع حجم المخالفة وأخذ حيز كبير من جهد ووقت كل من القضاء والبلدية وأصحاب العلاقة، موضحا «أن من شأن هذا المقترح أن يساعد في السرعة في البت في مخالفات البلدية وتوفير الجهد والوقت على أطراف متابعة المخالفات المتمثلة في المحاكم العادية والبلدية والمخالف وسرعة استيفاء البلدية للغرامات المترتبة عليها».

ونوهت البلدية في اقتراحها «الى أن هذا الاقتراح كان مطبقا في السابق حيث كانت توجد دائرة خاصة بمخالفات البلدية وتعقد جلساتها بالبلدية وتصدر أحكامها بسرعة».

3 - تكوين شرطة خاصة بالبلدية، «فتكوين فرق شرطة خاصة لمصاحبة مفتشي البلدية وحملات ازالة التعديات على أملاك الدولة يكون أكثر ملائمة لاعتبارات المصلحة في هذا الصدد ويعطي البلدية هيبة وقوة في تنفيذ الالتزامات الخاصة بها»، منوهين «الى أن هذا الأمر ليس مستحدثا بل هو معمول به في كثير من الدول المتقدمة والنامية».