داخل مباحثات وقف الحرب... متاهة المفاوضات وأمل هش

7 فبراير 2024 10:00 م

بعد مشاورات مكثفة مع قادة فصائل المقاومة الفلسطينية داخل غزة وفي الخارج، أعطت «حماس» رداً وصف «إيجابياً» على الاقتراح الإسرائيلي الذي تناول وقف إطلاق النار (وليس الحرب) وتبادل الأسرى، وإعادة الإعمار ومضاعفة الدعم الإنساني.

وقد تسلّمت قطر ومصر رد الحركة، خلال وجود وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الدوحة، لضمان دوره في المفاوضات المباشرة خلال وجوده في إسرائيل.

وتضع إجابة «حماس»، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موقف صعب يُجبره على الرد حتى ولو مع تحفظات متوقعة بعد التشاور مع المسؤولين في حكومته والقادة الأمنيين، مما يُشير إلى استمرار الحرب على غزة خلال المفاوضات.

وكان سبق لرئيس جهاز «الموساد» ديفيد برنياع نقل اقتراح إسرائيل لتبادل الأسرى ووقف موقت لإطلاق النار. إلا أن نتنياهو أعلن بعدها تصميمه على «الانتصار الكامل وتغيير الحكم في غزة بعد السيطرة على القطاع بالكامل».

وقد هدّد في إجراء عسكري، باحتلال رفح إذا رفضت «حماس» اقتراحه. فردت الحركة «دعه يجرب» بثقة، لأنه خلال 113 يوماً من الحرب لم يستطع جيش الاحتلال تحقيق أهدافه المعلنة.

ويواجه نتنياهو تحديات أساسية:

1 - قضية الأسرى الـ136 والذي قتل منهم 31 بنيران الجيش الإسرائيلي مما تسبّب بتظاهرات عارمة تضغط على رئيس الوزراء للعمل على إطلاقهم.

2 - الفشل في استهداف وقتل قادة «حماس» وتدمير مقدرات المقاومة خصوصاً بعدما أعلن الجيش أنه دمر 10 إلى 20 في المئة من الإنفاق فقط.

3 - التحديات الشخصية والقانونية، إذ يسعى نتنياهو للحصول على ضمانات تبقيه في الحكم ليبقى على رأس الدولة ويتجنب المحاسبة بالإخفاق واتهامات الفساد.

4 - التنافس داخل حزبه، حيث يسعى وزير الدفاع يوآف غالانت لتحدي قيادة نتنياهو داخل الليكود.

وقد هدّد وزيرا الحرب بيني غانتس وغادي ايزنكوت، بمغادرة الحكومة إذا ما رفض نتنياهو التفاوض مع «حماس» لإطلاق سراح الأسرى لأن الأعمال العسكرية لن تؤدي لتحقيق الهدف.

وأمل رئيس الوزراء بأن ترفض «حماس» العرض ليلقي اللوم على الفلسطينيين. إلا أن الحركة أجرت مراجعة شاملة، بعد التشاور مع شركائها في المعركة، أعادت الكرة إلى الملعب الإسرائيلي.

وطلبت «حماس»، أن تكون روسيا وأميركا وقطر ومصر وتركيا، ضامنة لتنفيذ الاتفاق لعدم ثقتها بالولايات المتحدة بسبب موقفها من الحرب على غزة وعدم أهليتها لتكون طرفاً محايداً.

واقترحت الحركة نهجاً منظماً لوضع حد للأعمال العدائية مقسماً إلى ثلاث مراحل، كل مرحلة تمتد إلى 45 يوماً، مع أهداف محددة لكل مرحلة قبل الانتقال إلى المرحلة الأخرى.

وتدعو المرحلة الأولى إلى وقف شامل وفوري لإطلاق النار مما يسمح لحركة غير مقيدة لجميع سكان غزة في أنحاء القطاع بينما تنسحب القوات الإسرائيلية من المناطق المدنية المأهولة.

كما يدعو للسماح بما لا يقل عن 500 شاحنة بدخول القطاع كما كان يحصل قبل الحرب، إضافة إلى الأدوات والرافعات اللازمة لإزالة الركام ومعدات الإنقاذ وفرق طبية لانتشال الجثث بعد إزالة الركام، وإعادة تأهيل المستشفيات والاعمار في مدة لا تتعدى الثلاث سنوات.

كما تطلب تسهيل خروج 11 ألف جريح لتلقي العلاج في الخارج، فضلاً عن تسلم 60 ألف منزل جاهز و200 ألف خيمة لإيواء ما يقدر بسكان 350 ألف منزل هدموا في الحرب.

وتدعو لاستعادة ضخ المياه والكهرباء إلى القطاع واستئناف نشاط ودعم منظمة «الأونروا» والمنظمات غير الحكومية التي توقف الدعم عنها وجمدت نشاطها بسبب الحرب.

وقد وافقت «حماس» على إطلاق 45 سجيناً إسرائيلياً مع إعطاء الأولوية للأطفال والمسنين والصغار في العمر ومَنْ يحتاج لرعاية طبية بما في ذلك الأشخاص الذين خرجوا من الخدمة العسكرية.

وطلبت إطلاق سراح 1500 سجين فلسطيني كدفعة أولى منهم 500 من الذين حكموا بسنوات أبدية، ومنهم مَنْ حاولوا الفرار من سجن جلبوع وآخرين أعادت إسرائيل اعتقالهم بعد صفقة جلعاد شاليت عام 2011.

وتُصر «حماس» على إعادة الوضع كما كان عليه في القدس عام 2002 لمنع المستوطنين الذين يشجعهم وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، على زيادة التوترات والتحريض على قتل الفلسطينيين خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان المبارك.

وتريد الحركة إعادة الإعمار مع دعم دولي يهدف لإنهاء الاحتلال رغم الدمار الفظيع الذي أصاب القطاع والأرواح التي زهقت. وهي مستعدة لمواصلة القتال لأن الضرر الأكبر قد وقع. وتالياً فإن استيفاء الشروط التي تضعها «حماس» مهمة لضمان أمن سكان غزة.

ولغاية اليوم، لم تدعو أميركا لوقف إطلاق النار الشامل بل لهدنة موقتة، وهذا ما لا يُرضي الحركة. وتم اقتراح «وقف إطلاق النار» ليستطيع نتنياهو النزول علن الشجرة.

إلا ان «حماس» أصرّت على موقفها. ومن الطبيعي ان تصف إسرائيل طلبات الحركة بـ «المستحيلة وغير الواقعية»، ومن المتوقع الرفض الأولي مصحوب بكلمة «نعم ولكن» لكي لا تظهر إسرائيل هي المعرقلة. وهذا رد متوقع خلال مفاوضات صعبة بين الأعداء، حيث نادراً ما يتم الاتفاق بعد جولة واحدة من تبادل المقترحات.

ولذلك يجد نتنياهو نفسه في موقف صعب لا يمكنه رفض الشروط في شكل كلي ومباشر أو قبولها بالكامل مما يعكس الطبيعية المعقدة والصعبة لهذه المفاوضات. وفي هذه الأثناء، تستمر الحرب ومعها التفاوض الصعب.