مشاهدات

أهمية إدارة المخاطر والأزمات

4 فبراير 2024 10:00 م

...ولنا من قصص القرآن الكثير من الحكم والعِبر، سنذكر إحداها وهي قصة النبي يوسف، عليه السلام، وكيفية إدارته لأزمة مستقبلية آتية وخطته لكيفية إدارتها.

1. «يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ».

2. «قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ».

3. «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ».

4. «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ».

فمن خلال سماعه لرؤية الملك عَلِم بما سيجري في المستقبل فتنبأ المرور بمرحلتين متتاليتين، الأولى مرحلة الوفرة والرواج لسبع سنوات، وتليها مرحلة الركود والبلاء لسبع سنوات أُخرى، ثم تختتم بمرحلة العزة والرخاء، ومن هنا اتبع النبي يوسف (عليه السلام) خطوات تقشفية حازمة لسنوات عدة ووضع الخطط المناسبة للإنفاق والتوفير لكل مرحلة منها.

وبحسن إدارته للمخاطر تمكن من الحفاظ على أرواح الناس وتجنب هلاكهم بحُسن إدارته للأزمة في زمن الركود والقحط.

ونحن قدوتنا القرآن الكريم، قال الله تعالى:

«لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ».

ونحن نتساءل في ظل هذه الظروف الاستثنائية الخانقة في منطقتنا وفي ظل الوضع الإقليمي الملتهب بما يدور من أحداث متتالية والاعتداء السافر المستمر على أهالينا في غزة الصمود والمقاومة، ومن توافد القوات الأميركية والأوروبية المساندة للصهاينة في منطقة الشرق الأوسط، ومن تداعياتها شن غارات جوية على سورية ولبنان والعراق واليمن، واحتمال اندلاع شرارة الحرب الإقليمية نتيجة لهذه الأحداث الدامية المتصاعدة ما يدعونا إلى الحرص ومراقبة الأحداث في هذا الوضع المتأزم بين جميع الأطراف.

ونتساءل أيضاً، ونقول للمجلسين التنفيذي والتشريعي هل نحن مستعدون؟

هل شكّلنا فريقاً من المتخصصين لإدارة الأزمات والكوارث؟

هل وضعنا الخطط لإدارة البلاد أمنياً وصحياً واقتصادياً وغذائياً ترقباً من وقوع أحداث، لا سمح الله إن تطورت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه؟

وماذا أعددنا لمواجهة تلك التحديات؟

كل ذلك يدعونا أن نفكر جدياً بأوضاعنا لأننا لسنا بمنأى عن هذه الأزمة بتداعياتها ونتائجها، فماذا أعددنا حقاً لها؟ هل يكفي الانتظار للأمر الواقع؟ أليس من المفترض اتخاذ قرارات استباقية لتوفير ما يلزم من احتياجاتنا لسنوات مقبلة؟

من الواضح جلياً بأن القادم أصعب من المتوقع، وأن المنطقة على صفيح ساخن لن يمر هذا بسلام في ظل هذه الظروف المعقدة.

-إدارة الأزمات فن وعلمُ تظهر قدرة وإمكانات وإستراتيجيات من يديرها خلال الأزمات المتعددة (الاقتصادية -الوبائية - الكونية -الاجتماعية -المناخية...) والعمل على تقليل الضرر وتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، أي بمعنى أوضح الخروج من الأزمة بأقل تكلفة...

ختاماً،

- حسن اختيار القيادات فن وعلم، فإن تمت الاستعانة بأصحاب العلم والفكر والكفاءة تمكنا من حل الأزمات المتعددة التي قد تطرأ علينا مستقبلاً.

- التركيز على الأمن الغذائي في الداخل بتفعيل ومتابعة كل المزارع والجواخير للتأكد من قيام أصحابها بالدور المطلوب من حيازتهم لها حسب الشروط التي وضعتها لهم الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية.

- أن تكون الأولوية العمل على توفير وتخزين المواد الغذائية الرئيسية تحسباً للظروف الطارئة.

وأخيراً، فإن عالمنا العربي والذي جعلت منه الظروف عرضة لمخططات محكمة ومسرحاً للأزمات والكوارث المستمرة ما يحتم علينا المبادرة إلى إنشاء مركز عربي لإدارة الأزمات لنواجه به مراكز صناعة الأزمات الصهيونية التي لا همّ لها إلّا صناعة أزماتنا المحلية والإقليمية والدولية وحياكة المؤامرات ضدنا بشتى أشكالها السياسية والاقتصادية والعسكرية والفكرية، وتحاول فصلنا عن إخوان لنا في العقيدة والدين وأصدقاء لنا في مشرق الأرض ومغربها حتى نظل شعب أزمات ما إن يخرج من أزمة حتى تتلقفه الأخرى، كي يظل دائماً غارقاً فيها، يجب أن نكون يقظين لمواجهة هذه الظروف الصعبة والوقوف أمامها بصلابة.

وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي

فَما لِحَوادِثِ الدُّنيا بَقاءُ

اللهمّ اشغل الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بين أيديهم سالمين،

اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة والحمد لله ربّ العالمين.