في خضم أجواء التفاؤل التي تسود مع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد الصباح، سادت حالة من الأمل والتطلع في قطاع صيد الأسماك، ولاسيما أن أهل هذا الميدان يعانون من مشاكل مزمنة تبحث عن حلول جذرية لإنقاذ قطاع الصيد من الغرق.
«الراي» حضرت جلسة لأهل القطاع في ديوانية الصيادين بالفحيحيل، وتلمست آمالهم غير المحدودة مع الحكومة الجديدة، معبرين عن سعادتهم بتولي سمو الشيخ محمد الصباح رئاسة الوزراء، ومباركين لسموه ثقة صاحب السمو.
وقال عدد من أصحاب رخص الصيد، إن سمو رئيس الوزراء رجل وطني، يعرف مصلحة البلد، آملين أن تتحقق طموحات المواطنين من خلال الحكومة الجديدة، وطالبوا بالوصول إلى حلول جذرية بخصوص عدد من التحديات التي تواجه قطاع الصيد، والتي من أهمها قضيتا الديزل المدعوم وأجهزة التتبع المطلوبة لعملية الإبحار.
الديزل
أشار خالد العازمي إلى أن «أزمة الديزل المدعوم تسببت في توقف الكثير من قوارب الصيد، وهجرة العمالة الفنية المدربة إلى دول الجوار»، مناشداً الحكومة الجديدة «رفع الظلم عن الصيادين وإلغاء قرار تخفيض حصة الديزل المدعوم إلى النصف، وإعادة الحصة كاملة كما كانت في السابق، ولاسيما أن نصيب اللنج من الديزل المدعوم 4 آلاف ليتر شهرياً، تكفي فقط لطلعة واحدة في البحر، وبعض اصحاب اللنجات يقومون بطلعتين، في حين الحصة السابقة كانت تكفي أربع رحلات صيد».
وأشار العازمي إلى أن «الصيادين يرفضون تعبئة اللنجات بديزل غير مدعوم، بسبب ارتفاع سعره وعدم جدوى رحلات الصيد بتكلفة مرتفعة، ما يتسبب في استمرار الخسائر. فكل أصحاب الرخص مدينون للبنك الصناعي ومكاتب الدلالة، وقد أثقلتهم الديون، لدرجة أن البعض يبيع رخصته حالياً ولنجاته بنصف السعر، وكأنهم يتبرعون بها ليخلصوا من تفاقم الديون»، متسائلاً «ألم يرَ المسؤولون قلة الأسماك المحلية بسبب القرارات غير المدروسة؟».
وبيّن أن «بقاء أزمة الديزل بلا حل سيقضي على قطاع الصيد ويدمره ويشله تماماً، في ظل غياب الدعم الحقيقي للصيادين، بينما دول الخليج الأخرى توافر وزارة الداخلية بها أجهزة التتبع للصيادين كدعم منها لمن يوفرون الأمن الغدائي».
وذكر أن «أجهزة التتبع تم فرضها على الصيادين فقط، فلماذا لم يتم فرضها على جميع اليخوت والقطع البحرية المختلفة؟»، لافتاً إلى أن «المهلة الممنوحة ضيقة جداً وهناك احتكار والسعر مبالغ فيه. والمفروض توريد أجهزة تتبع مناسبة للسفن الصغيرة، لكن الحاصل هو فرض نوع واحد للسفن الصغيرة والكبيرة، فلماذا يتم تركيب أجهزة تتبع السفن الكبيرة التي يزيد طولها على خمسين متراً للنجات لا تزيد عن 14 متراً، وإذا هجم السلابة على قارب الصيد وسرقوا جهاز التتبع هل الدولة تعوضنا عن ذلك؟ للأسف السعر مبالغ فيه والكفالة سنة واحدة فقط، ولا ندري من الذي يسعى لدمار مهنة الصيد».
رسوم كبيرة
من جانبه، قال وليد الجاركي «في السابق لم تكن تطبق علينا رسوم كبيرة لاستقدام العامل، أما الآن فأصبحنا كصيادين نعامل مثل كبرى الشركات، وأصبحنا ندفع على العامل الواحد ما يزيد على 165 ديناراً، هذا بالإضافة إلى انعدام الدعم، ونأمل من الحكومة أن تغيّر نظرتها لمهنة الصيد، وتعاملها على أنها مهنة حرفية مهمة وتساهم بقوة في منظومة الأمن الغذائي للبلد».
وأضاف أن «رأس مال الصياد لا يتعدى 70 ألف دينار، وللأسف مسحوا الدعوم وهذا خطأ، لأن المنتج المحلي هو الذي يحافظ على الأسعار، ولذلك يجب الحفاظ عليه كونه الأفضل والأكثر أماناً، وأثبتت أزمة كورونا أهمية المنتج المحلي بعد توقف الاستيراد أثناء الأزمة، وكان الصيادون في الصفوف الأولى يعملون ويكدون لتوفير الأمن الغذائي المستدام».
وأشار الجاركي إلى أن «الصيادين حقوقهم مهضومة ونأمل من الحكومة الجديدة أن تهتم بالمنتج المحلي وتدعم أجنحة الأمن الغذائي الدعم المناسب، وخصوصاً الصيادين الذين ظلموا على مدار سنوات طويلة، نريد إنهاء أزمة الديزل أولاً، ثم حل مشكلة أجهزة التتبع، وبناء قرية حديثة للصيادين تتوفر فيها جميع الخدمات، من مستشفى صغير ومصنع ثلج وسكن للصيادين ومخازن لمعدات الصيد، ومحطة وقود وغيرها من خدمات»
وأوضح أن «جميع دول الخليج فيها قرى حديثة للصيادين، والكويت ساهمت في دولة البحرين الشقيقة بقرية للصيادين، ونأمل أن تقوم الدولة بتوفير قرية للصيادين بعد أن هدمت قريتهم عام 2000 بوعود أن هناك قرية بديلة»، لافتاً إلى «ضرورة الانتهاء من الموقع الذي حددته الدولة لبناء نقعة في الفنطاس. فمهنة الصيد لها متطلبات، أهمها سكن العمال خاصة أنه لا يسمح لهم بالسكن في البنايات العادية بسبب رائحة السمك».
استقدام
بدوره، قال محمد العازمي إن «مهمتنا المساهمة في توفير الأمن الغذائي، وكان اللنج يدخل إلى البحر قبل أزمة الديزل أربع مرات، أما الآن فيدخل مرة واحدة، ما تسبب في نقص حاد في السمك المحلي وارتفاع أسعاره بسبب التكلفة العالية، واذا استمرت هذه القرارات فسوف يتدمر قطاع الصيد بالكامل».
وطالب العازمي بفتح استقدام العمالة الفنية المدربة، مؤكداً «أهمية فتح تصاريح استقدام عمالة من دولة مصر الشقيقة، وخاصة أن الصيادين المصريين هم عمالة ماهرة جداً في البحر، ويتحملون مشقة الصيد وتحدياته، فمهنة الصيد مهنة شقاء وتعب. كما نطالب بتوزيع أجهزة تتبع للسفن مجاناً نظراً لأسعارها الكبيرة».
وأضاف أن «أصحاب الرخص يصرفون على العمال من مسكن ومأكل من جيبهم الخاص، رغم أن رحلة الصيد الواحدة كل شهر لا تفي بمتطلبات كل من الصياد والعمالة، ما جعل الديون تتراكم ورغم ذلك نحاول إرضاء العمالة حتى لا يسافرون لأنهم لو سافروا فلن يعودوا».
إنقاذ
وقال طلال الحديد إن «الصيادين بين نارين، ومعاناتهم تأتي من كل حدب وصوب، ويجب مراعاة الوضع الاقتصادي لهم وأنهم يعيلون أسرهم، كما يقومون بدفع الكثير من الالتزامات، ما اضطر بعضهم لبيع لنجاتهم بمبالغ ضئيلة جداً بالنسبة لأسعارها، بسبب العقبات الكثيرة التي تواجه مهنة الصيد»، مطالباً المسؤولين بإنقاذ قطاع الصيد من الغرق، وداعياً وزارة الداخلية إلى توفير أجهزة التتبع للصيادين، وتأجيل قرار تركيبها على سفن الصيد بسبب عدم جهوزيتها في الوقت الحالي.
حلول سريعة
من جهته، تساءل عبدالله السرهيد عن «كيفية العمل في توفير الأسماك كقطاع صيد، والمسؤولون في الوقت ذاته يمنعون عنا الديزل لأسباب غير معلومة، فهل هي محاربة من بعض التجار للمنتج المحلي من أجل مكاسب شخصية والتحكم في السوق؟، فإذا نجحوا في ذلك فسوف يفرضون كتجار السعر الذي يريدونه».
وأشار السرهيد إلى أن «حصة الصياد حالياً 4 آلاف ليتر يشتغل بها 10 أيام ويتوقف الصياد 20 يوماً، ولا ندري كيف يتم التعامل مع القرارات السابقة، ولمصلحة من تصدر مثل هذه القرارات التي تلغي حقنا في الديزل المدعوم؟». ودعا المسؤولين إلى «وضع حل سريع، إما حل المشكلة من جذورها وجعلنا نقوم بواجبنا الوطني في تحقيق الأمن الغذائي، وإما تثمين القطاع وإعطاء أصحاب الرخص ثمنها وإلغاء قطاع الصيد بالكامل».
ودعا إلى «النظر لأصحاب المهنة هؤلاء الذين يكرسون وقتهم وحياتهم كلها من أجل هذه المهنة لتوفير الأمن الغذائي للبلد، فالمفترض أننا كمواطنين وحكومة نعمل جميعاً لمصلحة البلد. وأطالب الحكومة واتحاد الصيادين العمل على إعادة الديزل المدعوم كالسابق 4 ملايين و200 ألف، فالقطاع تزايد عبر السنوات فكيف ينقص الديزل المدعوم؟».
أعداد مضاعفة
وأشار السرهيد إلى أن «عدد اللنجات في السابق لم يكن يتجاوز 70 لنجاً، والآن أصبح 430 لنجاً، والمفترض تزيد حصة الديزل المدعوم ولا تنقص، فحرام أن يهدموا الرؤية المستقبلية التي على أساسها تأسس قطاع الصيد، ولا يجوز بين ليلة وضحاها أن يقرروا تخفيض الدعم وتعطيلنا عن العمل بهذا الشكل شهرياً».
وأضاف «أعطونا قيمة قواربنا ورخصنا، ونحن نقلب من صيادين إلى تجار، لكننا نأمل أن تعيدوا الديزل المدعوم حتى لا تزيد الأسعار على المواطن والمقيم فالكويت ديرة خير».
من جهته، قال هذال العازمي إنه «إذا استمر هذا التجاهل لمطالبنا المستحقة، فنحن كصيادين مضطرون أن نتوقف عن الخروج للبحر، فليس معقولاً أن نتكبد خسائر بهذا الشكل، ولا يريدون الاستماع لنا. فقد تعبنا من كثرة التحديات، وحقوق الصيادين مهضومة».
7 مطالبات
1 - إعادة حصة الديزل المدعوم كما كانت قبل مايو 2023.
2 - صرف حصة الديزل قبل بداية الشهر، حتى لا يحدث تزاحم وتعطيل.
3 - تشكيل لجنة دائمة من الجهات المعنية لتطوير قطاع الصيد وحل قضاياه أولاً بأول.
4 - توفير أجهزة التتبع للصيادين أسوة بدول الخليج وإعطاء فترة سماح جديدة لتركيبها.
5 - الإسراع في بناء قرية للصيادين تضم جميع الخدمات.
6 - دعم البنزين لأصحاب الطراريد أسوة بدعم الديزل للنجات.
7 - زيادة الدعم السمكي أسوة بالمزارعين ومربي الثروة الحيوانية ومنتجي الألبان، وغيرها من قطاعات الأمن الغذائي.
طراريد الصيد... والنزهة
فيما أكد أصحاب الطراريد أن دعم البنزين «صفر»، عبروا عن الأمل في أن تصرف الدولة الوقود المدعوم لهم أسوة بديزل اللنجات، لافتين إلى ضرورة إيجاد مكان للطراريد خاصة أنهم عندما يضعونها في الساحات تخالفهم البلدية.
وعبروا عن طموحاتهم من الحكومة الجديدة بإنصاف أصحاب الطراريد، مؤكدين أن وضع طراريد النزهة أفضل منهم حتى في الغرامات، لأن غرامة طراد الصيد 500 دينار وغرامة طراد النزهة 50 ديناراً.
وقالوا: للأسف بسبب تزايد الخسائر وتراكم الديون، اضطر عدد من أصحاب الرخص إلى بيع رخصهم وقواربهم وترك المهنة، ويجب وضع حد لمعاناتهم.
استنزاف مادي... ومعنوي
شدد الصيادون على أن لديهم رغبة حقيقية في تركيب أجهزة التتبع، خاصة أنها حماية للنجاتهم من السلابة والتعرض لمخاطر البحر، لكنهم تساءلوا: «من أين لنا بقيمة الجهاز التي تتراوح بين 800 و1000 دينار، وخاصة إذا كان لدى الصياد ثلاثة أو أربعة لنجات؟، هذا بخلاف تكلفة رحلة الصيد من ديزل وطعام للعمالة وصيانة اللنج وقطع الغيار بداية كل موسم، بالإضافة إلى إصلاح الأعطال الطارئة التي تحدث، والتحديات الموجودة في البحر، والخطورة الكبيرة التي تواجههم من أمواج ومطر وغيرها، من أمور تفاجئ الصياد داخل المياه».
وأكدوا أن «الصياد مستنزف ولا يوجد من يرأف به ويستمع لصوت معاناته، ورغم كل ذلك يصبر ويتحمل، ولكن الأمور تفاقمت وزادت عن الحد، ما جعل مهنة الصيد طاردة».