من الخميس إلى الخميس

المريض يُناشدكم

25 أكتوبر 2023 10:00 م

زرت مريضاً، شافاه الله، في مستشفى حكومي، دخلت الممرضة على صاحبي المريض وأعطته تعليمات باللغة الإنكليزية وصاحبي يهزُ رأسه، وحين خرجت سألتُهُ إن كان فَهِمَ ما قالته الممرضة بدقّة، ابتسم وكأنه خجل من قول إنه لم يفهم معظم ما قالته، كيف لا وقد فُرضت علينا لغة غير لغتنا؛ وأصبح الناس يتفاخرون بالتحدث بغير لغتهم؛ والأمهات تَسعَدُ وهي ترى أبناءها يتكلمون بلغة أجنبية ولا يكادون يعرفون لغة القرآن، وأين؟ في جزيرة العرب.
صاحبي المريض الذي لم يفهم بدقة التعليمات بدا مرتبكاً، فعلى مَن تقع المسؤولية الجنائية والأخلاقية إذا ما تضرر المريض لعدم إدراكه التعليمات الصحية؟ سؤال نحتاج إلى قانونيين للإجابة عنه بدقة، أما أنا فأقول اجتهاداً إن المسؤولية تقع على قيادات وزارة الصحة، تلك القيادات التي لم تُطبّق قراراً قديماً بإلزام الأطباء والممرضين من غير العرب بأخذ دورة باللغة العربية للتفاهم مع المرضى، إنه واجب أخلاقي وإنساني وطبّي، هذه الواجبات تقع على كاهل وزارة الصحة وعلى اللجنة الصحية في مجلس الأمة، إن كل روح تُزهق لعدم الفهم الصحيح للتعليمات، أو للإحباط النفسي الذي يعانيه مرضانا بسبب إرباكهم وعدم فهمهم للحوار الذي تتم مخاطبتهم به، كل روح تُزهق على أصحاب الأمر تحمُّل وِزرَها أمام الله فالمريض إنسان ضعيف، أضعفه المرض، وهو أمانة في أعناق المسؤولين؛ وهو يحتاج إلى من يفهمه ويتخاطب معه أكثر مما يحتاج إلى غرف واسعة رغم أهميتها.
في إحدى المرات كنت جالساً بالعيادة وكان في الغرفة المجاورة طبيب أجنبي لا يعرف كلمة من العربية ويعمل لدينا، سمعت المريضة الكويتية تشتكي له من (حارج) تعاني منه، الطبيب كتب لها دواء وحين خرجت المريضة تبعتها وطلبت منها الوصفة الطبية فإذا بالطبيب قد وصف لها دواءً للتقلصات ليس له علاقة بشكواها، بالطبع أعدتُ الوصفة للطبيب الزميل وشرحت له شكواها وقام بتغيير الوصفة، هذا الزميل وجد دولة لا تهتم بمرضاها فلماذا هو يهتم!
تُرى كم مريضاً ومريضة في مشافينا تم فهمُهُم خطأ؛ أو لم يجدوا أطباء يتحدثون معهم ويفهمون شكواهم ولو بلغة مكسرة؟
أتمنى إعادة إحياء القرارات التي تُلزم كل ممرض وطبيب بأخذ دورة في لغتنا قبل التعامل مع المرضى، إن مرضانا يناشدوكم.