ما أسباب تأثر المغرب بالزلازل؟

9 سبتمبر 2023 10:00 م

قبل كارثة 9 سبتمبر 2023، لم يشهد المغرب زلازل مدمرة كثيرة خلال العقود الماضية، رغم وقوع جزء منه على خط زلزالي في منطقة البحر المتوسط.

ومقارنة بدول البحر المتوسط الأخرى، يتأثر المغرب بنشاط زلزالي «معتدل»، يرتبط إلى حد كبير بالتقارب بين الصفائح التكتونية في أفريقيا وأوراسيا.

وبحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن منطقة البحر المتوسط تنشط زلزالياً بسبب التقارب الشمالي بين الصفيحة الأفريقية مع الأوراسية، الذي بدأ منذ نحو 50 مليون سنة، وارتبط بإغلاق بحر تيثس الموجود في حقب الحياة القديمة.

ويعتبر البحر المتوسط الحالي هو ما تبقى من «تيثس» الذي كان محيطاً في عصور ما قبل التاريخ خلال معظم عصر الدهر الوسيط وعصر حقب الحياة الحديثة المبكر.

وأعلنت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، أن مركز زلزال المغرب، يقع بالقرب من بلدة إغيل في ولاية الحوز، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب مراكش.

وأضافت أن قوة الزلزال بلغت 6.8 درجة عندما وقع الساعة 11:11 مساء بالتوقيت المحلي (22:11 بتوقيت غرينتش)، مع هزة استمرت لثوان.

ولفتت إلى أن مركز الزلزال كان على عمق 18 كيلومتراً تحت سطح الأرض، في حين حددت وكالة الزلازل المغربية مركزه على عمق 8 كيلومترات، وفي كلتا الحالتين، فإن مثل هذه الزلازل السطحية أكثر خطورة.

وتابعت الهيئة الفيديرالية «الزلازل بهذا الحجم في المنطقة غير إشاعة ولكنها ليست غير متوقعة والعديد من المساكن في منطقة زلزال المغرب معرضة للاهتزاز».

وتابعت «منذ عام 1900، لم تكن هناك زلازل بقوة 6 درجات على مقياس ريختر وأكبر في نطاق 500 كيلومتر من هذا الزلزال. كما لم تحدث سوى 9 زلازل بقوة 5 درجات وأكبر» خلال الفترة عينها.

وأضافت «من المعروف أن الزلازل الكبيرة في جميع أنحاء منطقة البحر المتوسط تنتج تسونامي كبيرة ومدمرة، وأحد الزلازل التاريخية الأكثر بروزا داخل المنطقة هو زلزال لشبونة في الأول من نوفمبر 1755، الذي قدر حجمه من البيانات غير الآلية بنحو 8.0».

وتابعت: «يعتقد أن زلزال لشبونة عام 1755 قد وقع داخل أو بالقرب من صدع تحويل جزر الأزور وجبل طارق، الذي يحدد الحدود بين الصفائح الإفريقية والأوراسية قبالة الساحل الغربي للمغرب والبرتغال».

وتوقعت الهيئة الأميركية «احتمال حدوث أضرار كبيرة ومن المحتمل أن تكون الكارثة واسعة النطاق»، مشيرة إلى أن العديد من الأشخاص في المنطقة يقيمون في مبانٍ «مهددة بشدة خلال الاهتزازات الزلزالية».

في السياق، أكد مسؤول في المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، أن الهزات الارتدادية التي أعقبت أو ستعقب الزلزال، أقل قوة وقد لا يشعر بها السكان.

وأوضح ناصر جابور، وهو رئيس قسم في المعهد، أن الزلزال التي بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر وحدد مركزه 80 كيلومترا جنوب غربي مراكش، شعر به سكان العديد من المدن المغربية في محيط بلغ 400 كيلومتر.

أضاف أن «الهزة الرئيسية تلتها مئات من الهزات الارتدادية بلغت أقواها نحو 6 درجات»، مشيراً إلى أن «الهزات الارتدادية عموماً تكون أقل قوة من الهزة الرئيسية».

وحسب المسؤول، فإن الهزات الارتدادية تفقد قوتها كلما ابتعدنا عن مركز الزلزال.

وقال رئيس قسم الرصد والإنذار الزلزالي في المعهد الوطني للجيوفيزياء لحسن مهني إن الزلزال هو أقوى زلزال تم تسجيله في المنطقة الجبلية على الإطلاق.

زلازل شهدها المغرب
تعرض المغرب خلال العقود الماضية لسلسلة من الزلازل تفاوتت في قوتها، وتسبب بعضها في دمار هائل وخسائر بشرية كبيرة بلغت آلاف القتلى.

وتتوزع أهم هذه الهزات بين شمال المغرب في منطقة الحسيمة الجبلية المطلة على البحر المتوسط، ووسط المغرب فوق جبال الأطلس المتوسط في مدن أزيلال وبني ملال وخنيفرة، ثم الجنوب في منطقة أغادير الشاطئية المطلة على المحيط الأطلسي.

وفي ما يلي تسلسل زمني لأبرز الزلازل التي شهدها المغرب في العقود الماضية:

زلزال أغادير عام 1960

كان الأكثر فتكاً وتدميراً في تاريخ المغرب، حيث دمر مدينة أغادير الجنوبية المطلة على المحيط الأطلسي، وبلغت قوته 5.7 درجة على مقياس ريختر، وأسفر عن مقتل نحو 15 ألف نسمة (نحو ثلث سكان المدينة في ذلك الوقت) وجرح 12 ألفاً آخرين، فيما ترك ما لا يقل عن 35 ألف شخص من دون مأوى.

زلزال الحسيمة 1994

شهدت الحسيمة ونواحيها عدداً من الزلازل، من بينها زلزال عام 1994، وقد بلغت قوته ست درجات على مقياس ريختر، ووقع قرب الحسيمة، وأسفر عن مقتل شخصين وجرح العشرات.

زلزال الحسيمة 2004

يعتبر هذا الزلزال من أقوى وأعنف الزلازل التي شهدها المغرب، ووقع في 24 فبراير 2004، وأدى إلى مقتل 628 شخصاً وجرح المئات وتشريد أكثر من 15 ألفاً، وخلف خسائر مادية كبيرة، واعتبر إحدى أقوى الكوارث الطبيعية التي شهدتها المملكة.

زلزال الحوز

وهو الأحدث ضمن هذه السلسلة، وقد وقع ليل الجمعة - السبت.

ويرى خبراء أن وجود المغرب في بؤرة جيولوجية مفصلية لصفيحتين هما الأفريقية والأوروآسيوية يجعله بالضرورة في مركز الاهتزازات الناجمة عن تقارب هذه الصفائح المتحركة.

أقوى الزلازل
أكبر الزلازل التي وقعت خلال القرن الماضي، هو زلزال تشيلي عام 1960 والذي وصل تقريباً إلى 9.5 درجات على مقياس ريختر، ثم زلزال ألاسكا عام 1964 وبلغت شدته 9.2 درجات، وزلزال سومطرة في إندونيسيا عام 2004، وتوهوكو في اليابان عام 2011 وتجاوزت قوتهما تسع درجات أيضاً.

لكن الزلزال الأكبر لا يعني أنه الأكثر ضرراً، إذ يرتبط هذا بالكثافة السكانية في موقع الزلزال، فزلزال تانغشان في الصين والذي قدر عدد ضحاياه بـ300 ألف كان الأكثر ضرراً بالبشر، والثاني في الصين أيضا زلزال هايوان برقم ضحايا مقارب، ثم زلزال سومطرة بما يزيد على 200 ألف قتيل.

وكان أعلى الزلازل تكلفة على مستوى العالم في اليابان، حيث قدرت خسائر زلزال توهوكو عام 2011 بـ360 مليار دولار، وبعده هانشين العظيم عام 1995 وقدرت خسائره بـ200 مليار دولار.