روى لي أحد الأصدقاء من أهل دبي، ويعمل في إحدى الهيئات الحكومية هناك قصة حدثت لمدير عام تلك الهيئة مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم... ملخصها على لسان المدير العام لتلك الهيئة، إذ يقول:
زارنا الشيخ محمد بن راشد ذات يوم، وهو يكثر من الزيارات الميدانية المفاجئة كي يطلع عن قرب على مجريات الأمور على طبيعتها من دون مكياج أو كريم أساس. الشاهد... اننا أطلعناه على خططنا ومشاريعنا المستقبلية، وتواريخ البدء والإنجاز... أنصت الشيخ محمد لما قلناه كله، واستحسن خططنا المستقبلية، ووعدنا بزيارة أخرى... حتى الآن تبدو الأمور على خير ما يرام، ولكن عدم معرفتي بطبيعة شخصية الشيخ محمد بن راشد أوقعني في حرج شديد، فماذا حدث؟
يكمل صديقي حديثه الذي يرويه على لسان المدير العام نفسه: تفاجأت في أحد الأيام باتصال من الشيخ محمد منذ الصباح الباكر، وهو يسألني السؤال التالي: أنا الآن في الموقع الفلاني، إذ من المفترض أن يبدأ المشروع العلاني اليوم حسبما سمعت منكم أثناء الزيارة، ولا أرى أي أثر لأي آليات أو عمال أو مشرفين في الموقع!
تلعثمت بالطبع، وحاولت أن أبرر أن الأمر كذا وكذا، وسنبدأ بعد أسبوع أو أسبوعين، ولكن الشيخ قاطعني قائلاً: عموماً أنا مسافر إلى الولايات المتحدة، وخلال أسبوع أريدك أن ترسل لي صور البدء في المشروع من الموقع المحدد نفسه على هاتفي النقال.
يقول المدير العام تعليقاً على هذه الحادثة: ومن يومها وأنا أحاول أن أكون دقيقاً في التعامل مع شخصية مثل الشيخ محمد بن راشد، فهو يعطي الثقة لمن حوله، ولكنه يتابع شخصياً خططهم وإنجازاتهم أولاً بأول من دون الاعتماد على التقارير التي تحرف الواقع في كثير من الأحيان.
أروي هذه القصة هامساً في أذن من يعنيه أمر ثلاثين ملياراً سمعت أنها سوف تُصرف وفق خطة خمسية، أو هكذا يفترض، ويُقال على ذمة الراوي أنها - أي الخطة - مليئة بمشاريع عملاقة كبناء مستشفيات ومشاريع إسكانية ضخمة وجامعات وطرق سريعة وجسور.
أتمنى ممن يعنيه الأمر أن يتابع الأمر بنفسه من دون الاعتماد على التقارير التي تضلل الواقع أحياناً، فقد سئمنا أحاديث المساء، وأعتقد بأننا نستحق المزيد من الإنجازات.
د. عبداللطيف الصريخ
مستشار في التنمية البشرية
[email protected]