المذهب المغامسي... بعد مذاهب السنة الأربعة

26 أغسطس 2023 10:00 م

أحدث تصريح الشيخ صالح المغامسي ردة فعل من قبل الكثيرين بعد أن أعلن عن رغبته في تأسيس مذهب إسلامي جديد، حيث اعتبر أن الفقه الإسلامي هو اجتهاد بشري يمكن مراجعته وتحريره، حيث دخلت على الدين أحاديث آحاد من الصعب نسبها إلى الرسول (ص)، وأن القرآن فقط هو الكتاب غير القابل للمُراجعة، وأن الفقه الإسلامي هو صناعة بشرية تخطئ وتصيب وتحتاج رجالاً متجرّدين للحق، والمراجعة لما سلف أمر لا بد منه.

دعوة الشيخ المغامسي قوبلت بالرفض والاستهجان، وهذا أمر يحدث طوال تاريخنا العربي والمحلي لكل دعوة جديدة تمس الجانب الديني.

فعندما طالب قاسم أمين في نهاية القرن قبل الماضي في كتابه «تحرير المرأة»، طالب بتحريرها وتعليمها ثارت ضده ثورة رغم أنه الآن الكل يُطالب بتمكين المرأة ومشاركتها في المجتمع.

وعندما أصدر الشيخ علي عبدالرازق كتابه «الإسلام وأصول الحكم» قامت ضده معارضة شديدة وفُصل من عمله بقوله إنّ الإسلام دين لا دولة، وأن منصب الخلافة غير مُلزم.

وفي الكويت عندما تأسست المدرسة المباركية عارض الآباء أن تُدرّس اللغة الإنكليزية والجغرافيا، كونهما من العلوم الحديثة ويتعارضان مع الدين.

وفي عهد الشيخ أحمد الجابر ثارت ثائرة القوم عندما وضع شخص نصراني مجسّماً للكرة الأرضية في محله، وسبب الثورة اعتراضهم أن الأرض مُسطّحة وليست كروية، وطلب الشيخ من النصراني أن يزيل مجسّمه لدرء الفتنة وأزاله، وهذا المجسّم حالياً يُباع في كل المكتبات.

يذكر أنه في فترة الخمسينات توفي في الكويت رجل ثري، وقبل وفاته كان يعمل معه ابنه إلا أن الابن توفي قبل والده... وعند قسمة التركة كان أبناء الابن المتوفى قبل والده لا يستحقون أي مبلغ وفق قسمة المواريث، وكان المثل الدارج في الكويت آنذاك «اللي يتوفى قبل جدّه خلّه يلطم على خدّه».

لهذا الشيخ عبدالله السالم نظر في الأمر وطلب أي اجتهاد عصري يحل الإشكال ويمنع تقسيم نفس الأسر إلى فقيرة وغنية.

وجاء اجتهاد مُطبّق في مصر وهو اجتهاد «الوصيّة الواجبة» حيث يستحق أبناء الرجل المتوفى قبل والده مبلغاً مستحقاً، وتم تطبيق هذا الأمر بقانون اعتمد لاحقاً في السبعينات من قبل مجلس الأمة، وهذا القانون حمى الكثير من الأسر وهو اجتهاد إيجابي يتوافق مع تطور العصر.

وقبل قرن من الزمان كان أصحاب كل مذهب لا يصلّون مع بعض، حيث كل مذهب يصلّي في ركن مُختلف في الحرم المكي، وفي ذلك الزمان قد يسأل سائل: هل يجوز أن أصلّي خلف شافعي أو مالكي؟ وهذه البدعة استمرت قروناً حتى جاء الملك عبدالعزيز وأبطلها.

لهذا نجد أن دعوة المغامسي لاقت الهجوم من شيوخ الدين وغيرهم. وهذا ليس بمستغرب كما حدث لغيره من قبل. لكن محور الحديث عن دعوة المغامسي قد يتشعّب حتى يصبح مع الزمن من الأمور الدارجة المقبولة، إذا وجد دعماً من سلطات حاكمة.