رقي

بعين النضج

12 يوليو 2023 10:00 م

نعم لقد أصبحت أرى بعين النضج...

النضج مُكلف جداً ولا يقاس بعدد السنين، وإنما بالتجارب والخبرة وبصقل الشخصية من خلال الألم ومعرفة كيفية جعل من الحزن أداة لتهذيب النفس البشرية والتغير إلى الأفضل.

النضج هو مرورك برحلة، مزيجة من الفرح والسعادة والألم والحزن والفشل والنجاح.

النضج هو ليس مادياً وإنما حسياً، نستشعره بالأفكار والقرارات والمواقف.

يكون للإنسان الناضج فكرياً رؤية ثاقبة وفاحصة وناقدة تنبع من الداخل، من عمق الفكر والتي تتجاوز الانتصار للذات إلى توجيه النقد البناء لها، ومعالجة نقاط ضعفه وتمكين نقاط قوته، وما ذلك إلا انعكاس لِما في ذهنه ونتاج لكل ما مر به، ويرى الشخص الناضج ذاته من خلال سلوكه وانطباعاته وعمله.

ترتبط درجة نضج فكر الإنسان بمخزونه المعرفي والفكري والثقافي ومهاراته العليا، وحصيلة تجاربة، كما أن يقاس نضج تفكيره أيضاً بمدى تصالحه مع ذاته رغم كل ما فيها من عيوب وخلل، ويكون قابلاً لتغيير تصوراته وآرائه ليصبح شخصاً سوي التفكير ويحترم الاختلاف ويجعل منه جسراً للمعرفة والتواصل.

الشخص الناضج فكرياً عندما يرى بهذه العين فإنه يكون أكثر قابلية لتغير آرائه إلى الصواب، ويرفض ربط نفسه بفكرة تشل من فعالية عقله.

وإنما شخص مرن قابل للتغير، لذلك، غالباً نرى بأن الناضج فكرياً يرفض أن يكون تابعاً أعمى لأنها تفرض على المنتمين إليها أفكاراً معينة تجعلهم ينحصرون في دائرة معينة غير قابله للتغير وخاضعة للتبعية.

فالعقل الناضج مفكر واعٍ لا يمكنه أن يحيا في وسط تعتبر أفكاره وتصوراته كلها مقدسة وحقائق ثابتة لا نقاش ولا جدال فيها.

النضوج الفكري هو أعلى قمم التوازن، والناضج لا ينحاز فكره إلى القداسة وإنما تقبل كل العيوب والأخطاء ومعالجتها للأفضل، واحتضان جميع الإيجابيات وجعلها على نطاق أوسع، والنضج لا يختصر عند نقطة معينة وإنما الإنسان الناضج هو دائماً متعطش للمعرفة والفكر والثقافة ودائماً يسعى لإصلاح نفسه وفكره ومجتمعه.

عندما يصل الإنسان إلى النضج يرتفع يسما عقله وروحه، يترفع عن الجهل، يترفع عن النقاشات العقيمة، يبتعد عن العقول العمياء، يبتعد عن المقارنات وإطلاق الأحكام، يبتعد عن العلاقات السامة والمستنزفة.

الناضج هو من يكون له ذائقة مستقلة و تفكيره الخاص ومساحته الواسعه التي بنيت من معرفة وثقافة وأدب وحصيلة تجارب هذبت عقله وروحه، النضوج هو ليس تعداد لسنوات أو أيام، النضوج هو ذلك الارتقاء ما بين العقل والتفكير واحتياجات النفس البشرية ومعرفة كيفية الموازنة بينهما، فيما ينطبق على المبادئ والأسس الصحيحه التي تسمو بعقل الإنسان وترفع درجته.