أما بعد...

وقفات في تاريخنا السياسي (1)

1 يوليو 2023 10:00 م

حريٌ بقارئ التاريخ السياسي الكويتي أن تستوقفه بعض المحطات التاريخية والتي تكون مصدر فخر واعتزاز برجالات هذا البلد المعطاء وما قاموا به، فمن خلال القراءة (الحدرية) لسيرتهم نستشعر بطولاتهم وكيف ضحوا وعانوا وناضلوا من أجل رفعة البلاد وتطورها وازدهارها.

وإن من أولى هذه المحطات في تاريخ الكويت السياسي هي تلك المطالبات في المشاركة السياسية والتي كانت في 24 فبراير 1921، حيث اجتمع مجموعة من وجهاء وأعيان البلاد وتقدموا برفع عريضة لحاكم الكويت آنذاك الشيخ / أحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، مطالبين بتلك العريضة الموافقة على تأسيس مجلس شورى يُعنى بالمساهمة والمعاونة في تسيير وإدارة شؤون البلاد على أساس العدل والانصاف.

(جديرٌ بالذكر أن مقدمي العريضة لم يكن منهم أحد عضواً في مجلس الشورى، وهذا إن دل على شيء فانما يدل على ان مطالبتهم كانت للكويت وحسب ولم تكن ليظفروا بما يطلبون لأنفسهم. فرحمهم الله رحمة واسعة).

وقد لقيت هذه المطالبة القبول والموافقة المباشرة من الشيخ أحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، وتأسس مجلس الشورى في ابريل 1921، وكان عدد أعضاء المجلس بعد تشكيله واعتماده 12عضواً برئاسة المغفور له السيد / حمد عبدالله الصقر. إلا أنه وبعد فترة قصيرة حل المجلس نفسه نتيجة لخلافات شخصية ومنازعات بين أعضاء المجلس، والذي كان للمعتمد البريطاني دور فعال وواضح في إذكاء واحياء هذه الخلافات بين أعضاء المجلس.

ما يدل دلالة واضحة على ان بريطانيا لم تكن موافقةً أو قابلةً بوجود كهذا مجلس، بل كانت تسعى لإفشاله وتعطيله وإلغاء دوره.

ولكن ومع قصر مدة المجلس إلا أن له إنجازات ملموسة ومساهمات مهمة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والتنموية... سعى المجلس من خلال عزيمة أعضائه على تحقيقها، وإن من أهم هذه الإنجازات هي انشاء المجلس البلدي عام 1934 وانشاء مجلس المعارف عام 1936 وتأسيس دائرة الصحة. لم يكن لمجلس1921على بساطة عدد أعضائه وقصر مدته الزمنية التي لا تتجاوز الأربعة أشهر عائق في مساهمة تطوير حال البلاد.

بل إن مجلس 1921 يعتبر أولى الخطوات والمحاولات لترسيخ مبدأ المشاركة السياسية وبذرة النواة لروح الحياة الديموقراطية التي ننعم بها اليوم. وهو من وجهة نظري تجربة سياسية مبدئية ناجحة و(كورس تمهيدي) بامتياز.

رحم الله الرعيل الأول من الآباء والاجداد، فقد كانوا مستشعرين لمسؤولياتهم جاعلين الكويت وأهلها نصب اعينهم خاطين لنا على آثارهم طريق العزة والازدهار والذي لا أتمنى نحيد عنه اليوم أو ننحرف عنه...

Twitter: @Fahad_aljabri

Email: [email protected]