«المشكلة ليست بالفنانين الشباب... بل إن الوضع أصبح مادياً»

جاسم النبهان لـ «الراي»: طُلب مني تجويد 10 آيات يومياً

29 مايو 2023 10:00 م

- لدينا ثروة لغوية لا تُقدر باللغة العربية وبلهجتنا الكويتية
- «زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون»... الفنانون الشباب
- صقلت موهبتي في التدرب على أصوات عمالقة الطرب العربي

اعتبر الفنان القدير جاسم النبهان أن موهبة الصوت والالقاء التي يتميز بها هي نعمة من عند الله، «ولقد صقلتها في التدريب على الأداء الصوتي وتطويره، من خلال استماعي و(تقليدي) لعمالقة الطرب العربي».

وأوضح النبهان لـ «الراي» أنه وخلال تواجده في الإذاعة خلال منتصف الستينات من القرن الماضي، نصحه المخرج الراحل علي الزفتاوي بتجويد عشر آيات من القرآن الكريم يومياً لتطوير الأداء الصوتي، «وهو ما فعلته بالفعل».

كما أشار إلى أن اللغة العربية تحمل ثروة لغوية ضخمة، بالإضافة إلى اللهجة الكويتية ومفرداتها والشعر النبطي ومعانيه، مشدداً على الفنانين الشباب الاستمرار بالقراءة، اليوم وغداً وبعد غدٍ...

• بغض النظر عن أدائك التمثيلي المُبهر، تتمتع أيضاً بفن الالقاء وبنبرة صوت قوية ميزتك في الكثير من الأعمال التي شاركت بها، سواء كانت مسلسلات إذاعية أو أوبريتات وطنية، ومنها على سبيل المثال أوبريت «طيور الدار» الذي أديت من خلاله شخصية «الراوي» باتقان على مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، فهل ترى أنها موهبة أخرى تُضاف إلى موهبتك في التمثيل؟

- أراها نعمة من عند الله سبحانه وتعالى، ولقد صقلتها في التدريب على الأداء الصوتي وتطويره، من خلال استماعي و«تقليدي» لعمالقة الطرب العربي، من طراز محمد عبدالوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ، وغيرهم.

كما لا أنسى الدور الكبير للمخرج علي الزفتاوي رحمه الله، الذي شجعني على هذا الأمر حين كنا معاً في الإذاعة بين عامي 1964 و1965، إذ طلب مني تجويد 10 آيات من القرآن الكريم يومياً، ثم أعود إليه في اليوم التالي من أجل «التسميع». وبالفعل، نفذت ما نصحني به، حتى تطوّر أدائي الصوتي وأصبحت لديّ موهبة الالقاء في اللغة العربية إلى جانب الأداء التمثيلي.

• وهل هذا الأمر أسهم في انغماسك أكثر باللغة العربية؟

- بكل تأكيد، فنحن لدينا ثروة لغوية لا تقدر بثمن في لغتنا الجميلة. وكذلك الحال بالنسبة إلى اللهجة الكويتية، فهي غنية أيضاً بالمفردات، فضلاً عن الشعر النبطي ومعانيه العميقة، فهناك أبيات تجدون فيها من الحكمة والوصف والثراء الشيء الكثير، كأشعار حمود الناصر البدر، أو محمد بن لعبون، حين يقول: «رجالهم مايسفه إلا اللي شاب... مثل القرع يفسد الى كثر لبه».

• هل يجب على الفنان أن يكون مثقفاً؟

- نعم. وبالذات الفنان المسرحي، فهي عملية بحث مستمرة لا تنحصر في عمر أو زمن، فالأهم أن تقرأ اليوم وغداً وبعد عام وأعوام. هكذا يستفيد الجميع سواء كان فناناً أو أي شخص آخر. ولقد تعوّد جيلنا على الأعمال الإذاعية الثقيلة مثل «نافذة على التاريخ» وغيره، لأن فيها مكتسبات ثقافية عدة، ساعدتنا على التثقف، خصوصاً وأن الكتّاب آنذاك كانوا رائعين جداً.

• دائماً ما نرى الفنانين الكبار حاضرين في المجالس الثقافية، في وقتٍ يغيب فيه غالبية الممثلين الشباب؟

- سأجيب كما قال الفلاح العجوز للملك كسرى أنوشروان حين سأله الأخير: «يا هذا متى تأكل ثمار ما تزرع وهي لا تثمر إلا بعد سنين»، فأجابه الفلاح: «زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون». وهذا كان ديدن الأولين عندما دخلنا نحن المسرح، على غرار المسرحي الكبير زكي طليمات وعبدالرحمن الضويحي ومحمد النشمي وعبدالله خريبط، وغيرهم ممن مدّوا أياديهم لنا لنكمل المشوار. ولا ينبغي للفنانين الشباب الإخفاق في تحقيق النجاح من بعدنا.

• برأيك، ما هي مشكلة الجيل الحالي من الفنانين؟

- المشكلة لا تكمن بالفنانين فقط، بل إن الوضع بأكمله أصبح مادياً. فالمادة حين تطغى على القيمة الفنية تكون المشكلة. جمهورنا إلى الآن ينحاز إلى الأعمال السابقة التي تعتمد على السمع قبل النظر، فالأذن تعشق قبل العين أحياناً، ولكن الجمهور اليوم يعتمد على المرئي فقط، وما يشاهده من صورة جميلة بصرف الطرف عمّا يسمعه ويتخيله.

أتمنى احتضان الأكاديميين من خريجي المعهدين الموسيقي والمسرحي في المراكز الثقافية المهمة، مثل مركز الشيخ جابر الثقافي ومركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي، لتفعيل دور الشباب بشكل أكبر، كي يتعرف الجمهور الكويتي على الطاقات الشبابية الموجودة.