مجرد رأي

قرار وزاري

28 مايو 2023 10:00 م

لدى مدراء الصناديق المالية والمحافظ الاستثمارية قاعدة عمل تقليدية في البورصة يحافظون على انعاشها باستمرار دون أي خروج عن النص.

مفاد هذه القاعدة أنه في نهاية كل فترة مالية من السنة يقوم المدير بتجميل بياناته المالية قدر الإمكان، وبالتالي تحسين صورته، بما يشي أن أداءه خلال الفترة الفصلية المنتهية كان موفقاً رغم كل التحديات التي واجهته، وبالطبع يتكرر هذا السلوك تلقائياً في نهاية ميزانية كل ربع.

نظرياً، قد لا يعني هذا السلوك تحقيق أي أضرار على المساهمين ولا على السوق، لكن محاسبياً قد تقود هذه الممارسة إلى تراكم التحديات، وارتفاع فاتورة أي قرار خاطئ يسعى المدير لـ«طمطمته» أو تحسين عمله أمام المساهمين الذين يستطيعون إنهاء عمله إذا بدا لهم أنه صاحب صورة غير متحركة قياساً بنظرائه من المديرين.

لكن هذا السلوك يخالف لحد كبير قواعد النزاهة التي تعتمد على الشفافية وتفادي أي قرارات في اللحظات الأخيرة قد تحمل مخاطر مستقبلاً.

وبالانتقال من عالم البورصة إلى عالم السياسة... المسافة في الكويت ليست بعيدة، فبعض الوزراء لا يختلفون كثيراً في طريقة تعاطيهم مع القرارات التي تسبق التشكيل الحكومي عن آلية عمل مدير الصندوق، أو المحفظة الاستثمارية، فكلاهما يسعى من وراء قراره إلى تجميل بياناته وتعزيز موقفه، بغض النظر عن تفاصيل قراره، وأضراره مستقبلاً، ما دام الغرض فقط تعزيز الصورة الحالية للمسؤول.

في الفترة الأخيرة لحظ أن بعض الوزراء اتجهوا إلى إصدار قرارات تنظيمية أو تشكيل لجان تحقيق أو تكليف بمناصب قيادية، وإن جاز التوصيف غير مفهومة، والهدف منها تجميل صورتهم أمام الرأي العام وسمو رئيس الوزراء، أملاً في أن يلفت نظر سموه في التشكيل المقبل والمرتقب بعد انتخابات 6 يونيو المقبل، وإعادة توزيره.

وهنا تبرز مخاطر توقيت تصدير القرارات الوزارية وتحديداً خلال الفترة الرمادية التي تسبق التشكيل الحكومي، باعتبار أنه يخشى أن تكون مدفوعة بأهداف الغرض منها شعبوية وتجميلية لصورة الوزير.

ولذلك، دائماً تجد في الاقتصادات المتقدمة أن القرارات الوزارية لا تتخذ إلا خلال الفترة التي تشهد استقراراً سياسياً، أما في حال ضبابية المشهد وعدم حسم مستقبل الوزير المعني يكون غير مقبول منه إصدار أي قرارات خصوصاً التنظيمية مالم تكن هناك ضرورة ملحة لاصدارها.

الخلاصة:

لابد أن ينأى الوزير بنفسه عن موطن الشبهات باصداره بعض القرارات الوزارية ما قبل تشكيل الحكومة، ولعل هذا السبب ما دفع مجلس الوزراء إلى وقف قرارات النقل والندب قبل تشكيل الحكومة، حيث المخاوف تتزايد من إمكانية أن يستغل الوزير خصوصاً الذي لا يعقد آمالاً عريضة على عودته صلاحياته بإصدار قرارات غير مستحقة، أو غير مدروسة، ما يتطلب تعميم هذا الإجراء في الفترة الرمادية التي تسبق تشكيل الحكومة باعتبارها مرحلة هدوء وتخطيط دون إصدار أي قرارات إلا الملحة منها.