د. إبراهيم الهدبان / ما أكذب الأميركيين وما أشبه اليوم بالبارحة

1 يناير 1970 06:25 ص
قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جونز ان هناك احتمالاً بأن تقوم إيران بمهاجمة إسرائيل بواسطة «حزب الله» و«حماس» بسبب الضغوطات التي تواجهها. بالأمس قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس: «إن هناك علاقة بين صدام وبن لادن، وإن صدام يمتلك أسلحة الدمار الشامل. ولهذا وجب قيام الأميركيين بقلب نظام الحكم في العراق». ثم وبعد التخلص من صدام اتضح أن التصريحات الأميركية هي مجموعة من الأكاذيب، وأنهم أدخلوا

المنطقة في حال من الفوضى كانت هي في غنى عنها. اتضح أنه لا توجد علاقة بين بن لادن وصدام، واتضح أنه لا توجد أسلحة للدمار الشامل، وأن العراق فُرضت عليه حال من عدم الاستقرار تسببت في تهديد استقرار منطقة الخليج.

اليوم يخرج علينا الأميركيون بالسيناريو نفسه فيقولون إن إيران قد تهاجم إسرائيل إن استمر الضغط عليها. كما أن الهجوم سيكون عن طريق الفلسطينيين في الضفة وغزة بقيادة «حماس»، وعن طريق «حزب الله» في لبنان. إيران التي تعيش حالاً من الفوضى والأوضاع الاقتصادية الصعبة يزعم الأميركيون أنها ستتحرش بإسرائيل وسوف تقوم بضربها، كما أن «حماس» والفلسطينيين الذين يموتون من الجوع، والذين تآمر عليهم اليهود الإسرائيليون والأميركيون ويهود العرب، والذين ضرب عليهم حصار لن يلبث حتى يزهق أرواح الأطفال والنساء قبل الرجال سوف (كما يزعم الأميركيون) يتحرشون بإسرائيل، وذلك لفك الحصار عن إيران. الفلسطينيون ضحايا العدوان الإسرائيلي سوف يهددون إسرائيل المسكينة المسالمة، وذلك كي يفكوا الحصار عن إيران. كما أن «حزب الله» الذي خاض حرباً ضد الصهاينة تبعها تدمير للبنان على يد آلة الحرب الإسرائيلية المدعومة بأحدث ما توصل إليه العقل الأميركي من سلاح سوف يدخل حرباً جديدة فقط كي يدافع عن إيران. الخطاب الأميركي بالتأكيد ليس موجهاً إلى العرب ولا إلى حكوماتهم، فهولاء يعلمون أن هذه جميعها أكاذيب، وأن الأميركيين لا يحتاجون لإقناع العرب أو لموافقتهم، إن هم أرادوا ضرب إيران. لكن المستهدفين هما الشارع الأميركي والقيادة الإيرانية. فمن جهة يريد الرئيس باراك أوباما - الذي اتضح أنه لا يختلف كثيراً عن الرئيس جورج بوش الابن في ما يتعلق بالتزامه المطلق والأعمى بسلامة وأمن إسرائيل حتى لو اضطر الأمر إلى اتهام الفلسطينيين الأبرياء الذين ذبحوا في غزة ذبح النعاج - أن يقول إن الفلسطينيين هم الجناة وأن الإسرائيليين هم الضحية. لعل السيد أوباما يريد أن يبرر ضربة قريبة إلى إيران، أو أنه يريد أن يقنع الإيرانيين أن الضربة مقبلة لا محالة، وذلك كي يخاف القادة الإيرانيون، وكي تزداد حال الفوضى في الشارع الإيراني.

لقد غسلنا أيدينا فعلاً من الحكومة الأميركية، سواء كانت بقيادة بوش أو أوباما، ولم نعد نؤمن ولو للحظة بأن الشعب الفلسطيني سوف تنصفه أميركا. لذا فإننا نقول: لك الله يا غزة، ولك الله أيتها الضفة الغربية، ولك الله يا قدس ويا أقصى، فلقد انقطعت حبال الأمل في الأرض، ولم يبقَ لكم سوى حبال الرجاء في السماء.

من جهة أخرى، فإن على الخليج أن يستعد للمزيد من المؤامرات والاضطرابات التي سوف يسببها الأميركيون والصهاينة، خصوصاً إن هم قاموا بضرب إيران وتعريضنا إلى الانتقام من قبل القيادة الإيرانية. ولذلك علينا أن نتوقف عن شراء السلاح الأميركي الذي لن يفيدنا إن قامت مواجهة بين الأميركيين وإيران، فنحن في مرمى الصواريخ الإيرانية، كما أن إيران تستطيع إبادتنا بسلاحها التقليدي والكيماوي، ولا تحتاج إلى السلاح النووي.



د. إبراهيم الهدبان

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت