أضواء

ذكرى النكبة

23 مايو 2023 10:00 م

مرّت علينا منذ أسبوع الذكرى السنوية لنكبة فلسطين والتي تصادف الخامس عشر من مايو. كانت مأساة للشعب الفلسطيني وللعرب والمسلمين قاطبة لأن فلسطين اقتطعت من جسد الوطن العربي والإسلامي وسلّمت إلى الصهاينة الغرباء المحتلين. لكن الذكرى عبرت دون أن يشعر بها أحد، أو تنال حقها من الاهتمام بوسائلنا الإعلامية.

ولعل تكرّر نكباتنا نحن العرب كان سبباً رئيساً في تشتيت انتباهنا حيث غطّت على نكبة فلسطين. فهناك نكبة السودان بدأت منذ أسابيع عدة والسودانيون واقعون بين فكي الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين يخوضان حرباً ضروساً بالأسلحة كافة بين أحياء المدن السودانية. سبقتها نكبة اقتطاع الجنوب السوداني من السودان وإقامة دولة جنوب السودان. وإلى الشمال من السودان تعيش ليبيا نكبة تقاطب بين كيانين شرقي وغربي شبه منفصليّن وهما على أهبة الاستعداد للانزلاق في حرب جديدة بعد سنين عديدة من المواجهات العسكرية والخلافات السياسية.

لبنان كذلك يعيش نكبة في ظل الوصاية الإيرانية التي أفقدته سيادته وتسببت في تردي أوضاعه الاقتصادية والسياسية والأمنية وانهيار عملته. وجارته سورية يعيش الملايين من شعبها لاجئين في المخيمات خارج بلادهم بعد قمعهم بلا هوادة وتدمير مساكنهم من قبل نظامها الطائفي وحليفيه الإيراني والروسي، ونكبة السوريين هي الأقرب إلى نكبة الشعب الفلسطيني. ناهيك عن نكبة العراق ونكبة اليمن وهما يعيشان الظروف نفسها التي يعيشها لبنان بعد التمدّد الإيراني وتدخله في شؤونهما الداخلية، ما يسقط شعار الأمن العربي.

لا يخفى أن التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يقل تأثيراً عن تأثير نكبات العرب في إهمال ذكرى النكبة، لأن التطبيع يستلزم الابتعاد عن الإشارة إلى معاناة الشعب الفلسطيني أو الدفاع عن حقوقه فضلاً عن تجنّب إدانة جرائم الصهاينة المحتلين.

إهمال العرب لنكبة فلسطين يقابله اهتمام المفوضية الأوروبية على لسان ممثلته الألمانية أرسولا فون ديرلاين، بذكرى قيام الكيان الصهيوني منذ 75 عاماً. امتدحت أرسولا الكيان الصهيوني بأنه انفراجة بعد الهولوكوست، وحلم قد تحقق، متألق بديموقراطيته في قلب الشرق الأوسط. لم تشر إلى نكبة الفلسطينيين التي عجّلت بقيام الكيان الصهيوني وكأن شيئاً لم يكن، وترفض الاعتراف بحق الإنسان الفلسطيني في أن يعيش حياة كريمة، لتثبت بغباء أن الاتحاد الأوروبي سقط في اختبار حقوق الإنسان.

العرب أمرهم غريب. مقصرون في الدفاع عن حقوقهم العادلة التي يقرها القانون الدولي بينما يدافع الصهاينة وحلفاؤهم عن أباطيلهم وجرائمهم التي تخرق القانون الدولي.