مشاهدات

الرياضة فن وأخلاق

21 مايو 2023 10:00 م

الرياضة أخلاق قبل كل شيء، ومبادئ يجب أن يتحلّى بها الرياضي في أي لعبة كانت، ولا حياد عن هذا المبدأ مهما أوتي اللاعب من كفاءة وجدارة في اللعبة، ومهما تميز وأحرز الألقاب والميداليات، تبقى الأخلاق قبل كل شيء، فاللاعب يجب أن يكون رياضياً بدناً وخُلُقَاً.

(الرياضة فن وأخلاق) شعار يتباهى به جميع الرياضيين، فالفن والمهارة نجدهما فى الأداء الرياضي أثناء ممارسة اللاعبين للألعاب الرياضية، وكذلك الأخلاق يجب أن تكون مرادفة للاعبين أثناء أدائهم الرياضي، وهذه الأخلاق يجب أن يتحلّى بها جميع اللاعبين والجماهير والإداريين المسؤولين في الأندية الرياضية وتكون مرافقة لهم طوال عملهم في المجال الرياضي.

جاء في الحديث الشريف: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير).

لقد دعا الإسلام إلى ممارسة الأنشطة الرياضية المفيدة، وهي مجموعة من الأعمال يقوم بها الإنسان بصورة فردية أو جماعية لغرض تنمية الجسم وتدريبه وإشغال الوقت وتهذيب السلوك، وعدم إيقاع الأذى المقصود بالناس، وقد وصى النبي الأكرم - صلى الله عليه وآله وسلم- على الاهتمام بما يقوي الجسد ويحفظهُ صحيحاً سليماً، ومن ذلك التربية الرياضية التي تسهم في بناء الجسد بناءً سليماً.

لسوء الحظ في الكثير من الأحيان نجد البعض من اللاعبين والجماهير وأيضاً الإداريين المسؤولين عن الفرق الرياضية يقومون بحركات غريبة ومنافية للأخلاق الرياضية، يخرجون عن طورهم، ويتصرفون تصرفات تعّكر صفو بعض المباريات بحيث يدخلون الملعب وهم مشحونون ومتوترون، ثم يقومون باللعب العنيف والخشونة والصراخ والتطاول على الآخرين والاشتباك معهم، وينتهي الأمر بتعرضهم لإصابات بليغة وكذلك تحطيم مدرجات الملعب والسيارات في المواقف المجاورة للملعب، وكل هذه الأعمال تدل على عدم الالتزام بالأخلاق الرياضية التي هي سمة يجب أن يلتزم بها الرياضيون، وتكون وصمة عار في جبين كل من يقوم بتلك الأفعال المستهجنة.

أيها اللاعبون: اعلموا أنكم في الملاعب تلعبون مع إخوانكم وزملائكم، فإذا أصبتم أي لاعب ممن يلعب معكم فإنه سيبتعد عن اللعب مع ناديه مستقبلاً، وكذلك سيبتعد عن اللعب والمشاركة في المسابقات الدولية لتمثيل الوطن.

ولذلك فمن الواجب الحرص على اللعب بروح وأخلاق رياضية، فالروح الرياضية فن وتكتيك قبل أن تكون مصارعةً وعراكاً وخشونةً وتلفظاً بألفاظ بذيئة قد تطول وتتعدى اللاعب إلى أسرته.

فمن المحزن أن يخرج مثل هذه التصرفات من بعض اللاعبين ونحن في مجتمع مسلم يقدر ويحث على التعامل الأخلاقي الحسن مع الآخرين، وهذا السلوك مستهجن من الجميع ويؤخذ عليهم لأن الرياضة كما قلنا خلق وفن وأدب وليست مشادات وعنتريات وفرد عضلات.

وهذه التصرفات تنعكس بالضرورة على السلوك العام فرداً وجماعة ويجب وقفها فوراً وتطبيق اللوائح والعقوبات بحق اللاعب المتجاوز وإلاّ انتشرت بين اللاعبين كالوباء.

لماذا ارتبطت الرياضة بالتعصب والغوغائية؟

لماذا خرجت الألعاب الرياضية عن أهدافها الحقيقية؟

ما هي الأسباب التي تؤدي إلى سلوك هذا النهج المشين؟

الجواب عن هذه التساؤلات هو عدم تطبيق العقوبات!

وللأسف فقد شاهدنا قبل أيام قليلة منظراً بعيداً عن الأخلاق الرياضية أساء لكل الرياضيين في مباراة تطوّر الأمر فيها إلى اشتباكات بين الإداريين في المقصورة الرئيسية، وامتدت هذه الاشتباكات إلى الجماهير، وللأسف تعرّض رجل أمن بسبب محاولته القيام بواجبه بفرض الأمن على أرض الملعب ومخالفة كل من يثير الشغب للحفاظ على سلامة الجميع، الى مشادة وتدافع مع الجماهير، ما تسبب في سقوطه من أعلى المدرجات إلى الأسفل وإصابته بإصابات بليغة، ما استدعى الأمر إلى إطلاق النار في الهواء من قِبل رجال الأمن للسيطرة على هذا الانفلات البغيض!

وهنا يستدعي الأمر إلى وقفة جادة من المسؤولين لمنع تكرار هذه التصرفات بتفعيل القوانين التي تنظّم سير هذه المباريات والتي يفترض فيها التحلي بالأخلاق الحميدة، فالمباراة في النهاية ستنتهي بخسارة فريق وفوز آخر، أو بالتعادل لتظل العلاقة ودية بين الجميع، ويجب القبول بهذه الأمور بطيب نفس، فهذا من أخلاق الرياضة.

ولا بد لإدارتي الفريقين من محاسبة مَن أساء الأدب، ونسي نفسه، وتصرف على هواه، فلا حق للفائزين القيام بتلك التصرفات، ولا حق للخاسرين أيضاً في تعكير صفو أجواء المباريات.

تقع جميع الأندية تحت مظلة هيئة الشباب والرياضة، وهي مؤسسة من مؤسسات الدولة وبالتالي تنطبق عليها القوانين واللوائح حالها حال أي مؤسسة بالدولة ضمن الإطار القانوني العام للدولة، وكذلك الحال مع الاتحادات الرياضية الأخرى والتي تظلها مظلة هذه القوانين، ويكمن الخلل في هذه المشكلات التي تحدث في المجال الرياضي في عدم قيامها بدورها المنوط بها من تطبيق وتفعيل قوانين العقوبات لكل من يخرج عن الأخلاق الرياضية، فلذلك يتمادى البعض من المسؤولين وأيضاً اللاعبين ويتجاوزون حدود اللياقة الأخلاقية، وذلك لاطمئنانهم بعدم الجدية في تطبيق العقوبات!

إذاً، الخلل في المؤسسات الرياضية المعنية وعدم الالتزام الجدي بتطبيق وتفعيل قانون العقوبات، بل يجب تغليظ العقوبات سواء الغرامات المالية والإيقاف، بل العزل لكل من يتمادى وينتهج تلك الأفعال غير الرياضية، والذي إن تم تطبيقه فإنه حتما سيكون رادعاً لكل مَن يتجاوز الخطوط الحمراء.

وللأسف وصل الحال بنا إلى عدم احترام البزة العسكرية والاعتداء على أحد افرادها دون خوف ولا رادع!

لقد زاد الفوضى والشغب في الملاعب الكويتية ولا يوجد انضباط فيها، ولجنة الانضباط في الاتحاد الكويتي لا تتخذ أي عقوبات صارمة ضد كل من يسلك هذا السلوك المشين من مسؤول أو لاعب، وبلغ الاستهتار أن وصل الأمر إلى لاعب محترف انتهج التطاول بسبب هذا التراخي وعدم المحاسبة.

فيجب أن ترجع هيئة الشباب والرياضية واللجنة الأولمبية إلى هيبتها، ويكون لهما دور فاعل في المحاسبة للحد من الانفلات الذي يحدث بالملاعب.

الجماهير الرياضية أغلبها من جيل الشباب، فالهدف الأسمى من ذلك هو نشر ثقافة الرياضة واللعب النظيف، والذي هو (فن وأخلاق ) بدلاً من القيام بالشغب والاعتداء بالألفاظ النابية ورمي قناني المياه والمشروبات الغازية.

ولابد لإدارتي الفريقين من محاسبة من أساء الأدب، ونسي نفسه، وتصرف على هواه، فلا حق للفائزين القيام بتلك التصرفات، ولا حق للخاسرين أيضاً في تعكير صفو أجواء المباريات وتأجيج الجماهير.

الرياضة تجمع الفرقاء

يختلف السياسيون ويتفق الرياضيون، قام الشهيد الشيخ / فهد الأحمد، رئيس الاتحاد الكويتي السابق بإقامة مباراة ودية جمعت منتخبي الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العراقية بعد حرب دامية استمرت لسنوات طويلة بينهما.

أُقيمت المباراة في الكويت على ملعب كاظمة واطلق اسم ملعب (الصداقة والسلام) على الاستاد في هذا اللقاء التاريخي، والكل كان متخوفاً من التداعيات التي قد تحدث أثناء هذا اللقاء، ولكن المباراة اتسمت بالروح والأخلاق الرياضية العالية بالرغم من تداعيات الوضع السياسي الملتهب، ويسجل هذا الحدث للكويت وللشهيد فهد الأحمد، والذي على يديه تحققت المقولة (الرياضة تجمعنا وهي فن وأخلاق).

قَالُوا لِمَنْ عرفَ الرِّيَاضَة فِتْنَة إنَّ الرِّيَاضَةَ تَصْنَع الخلق الرَّفِيع

اللهمّ احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.