21 مايو الذكرى الثامنة لرحيل المرحوم جاسم محمد الخرافي

عبدالسلام عبدالله الشطي يكتب: منافسون وليسوا بخصوم

21 مايو 2023 10:00 م

كنت أعد مقالي السنوي، ومن أبرز ما فيه ما طلبه مني بعض الإخوة من عرض بعض المواقف التي جمعتني معه وآخرين، ولكن ما حدث من تغيير وحل مجلس 2020 وبدأنا بالاستعداد لانتخابات 2023، فلا بد أن أتطرق إلى حياته الانتخابية والتي عاصرته فيها وتساير الواقع.

بدأتُ العملَ مع المرحوم جاسم الخرافي حين أعلن ترشحه لمجلس الأمة 1975، وهي المرة الأولى التي يترشّح فيها كما هي المرة الأولى لي بالتصويت بعد أن بلغت السن التي تسمح لي به.

فقد كنت بالنادي (القادسية)، فأشار عليّ المرحوم عبدالمحسن الفارس بالعمل مع جاسم الخرافي، وطبعاً كلمة (لا) لا تقال لواحد مثل الفارس، فحكم صدر وعليّ التنفيذ. ذهبنا إلى ديوان القبلة، وقال عبدالمحسن، هذا عبدالسلام من عيالنا وابن الشامية جاء ليعمل معك بالانتخابات وليس ليصوّت (أمر واقع).

كما أنّ والدي،رحمه الله، قال لي بالحرف الواحد ولد عبدالمحسن الخرافي مرشح نفسه ولم يقل ولد محمد الخرافي، لأن علاقته كانت مع الجد عبدالمحسن بسفن السفر وجلب الماء من شط العرب، ونقل الصخور من منطقة عشيرج إلى المكان الذي شيدت به نقعة الخرافي، فعليك التصويت له مع ربعك وكانت عـندي ديوانية صغيرة صوتوا لجاسم وإلا سكرت الديوانية (أمر واجب التنفيذ).

من هنا انطلق العمل بمجال لا أعرفه ولم أمارسه من قبل، ومع شخص لا أعرف عنه إلّا القليل، لكنني أحسست بأن العمل سيكون فيه الكثير من المتعة والمعرفة وكسب أشخاص لا أعرفهم من قبل ليسوا بسنك ولا مقامك، فلم يعطوني الفرصة لأرتقي إليهم، بل نزلوا إليّ لأستفيد، فأعطوني دروساً مازلت أنعم بها وأمارسها في حياتي.

ومما قاله لي في أول جلسة إننا نخوض الانتخابات لنسعى إلى أن يصل إلى المجلس من هو أحق أن يمثلنا ويعطي الكويت ما تستحق وإن معنا من المرشحين منافسين وليسوا بخصوم.

له طريقة يكسب بها من خالفوه الرأي. فمن يصدق أن المرحوم جاسم القطامي في ندوة بمقر الخرافي ويقول جاسم الخرافي شخص يجب أن ينتخب! كما كان المرحوم سامي المنيس رفيق استشاراته، وأيضاً المرحوم الدكتور أحمد الخطيب استفاد منه الكثير من الأمور الدستورية، فالعلاقة بينهما قوية.

فقد كانت له كاريزما جبارة في كسب أشخاص أساساً ليسوا معه، فقد كنت معه في جولة انتخابية، فقال لي اذهب إلى منطقة الشويخ لديوان كان كل من فيه لا يقف معي والآن جميعهم مفاتيح لي، وفعلاً هذا ما أحسست فيه عند زيارتهم.

يجعل كل من يعمل معه وكأنه جاسم الخرافي، فلا يعيبك بخطأ ارتكبته، إنما يشد على يديك بالنصح.

نصائح ودروس قدمها لي ومازلت أعمل بها:

1 - اجعلوا الأمانة ومخافة الله أمام أعينكم.

2 - لا تسيئوا للآخرين وقابلوا السيئة بالحسنة.

3 - أنت جاسم الخرافي، فاحذر بتصرفك (حمل ثقيل).

4 - عامل الجميع باللطف والمحبة، أي كان توجههم.

خاض الانتخابات لتسعة مجالس نجح فيها جميعاً 75 - 81 - 85 - 96 - 99 - 2003 - 2006 - 2008 - 2009، ولم يشارك في انتخابات 92 التي كانت بعد التحرير. أصبح رئيساً لمجلس الأمة خمس مرات.

إذا تطرّقت للمرحوم جاسم الخرافي والانتخابات، لا بد أن أشيد وأذكر مدرسة أخرى، ألا وهو عضيده المرحوم ناصر الخرافي، فهو صاحب عقلية تبهرك بالعمل معه، فقد كنا نجتمع معه ونسير على خط هو خطه لنا ليس فيه إعوجاج تبهر بنتائج ومعلومات يسوقها إلينا بشكل يجعلك تحس بأن هذا الرجل يعرف عنك ما لا تعرفه أنت عن نفسك والانتخابات. «رحمك الله يا بومرزوق».

وأخيراً، يجب أن أذكر جملة كان يرددها ويضعها على لوحة في مدخل الديوان بعد كل انتخابات، وهي (ثقتكم أمانة)، ومازلت محتفظاً بها إلى الآن. «رحمك الله يا بوعبدالمحسن»، فقد كنت مدرسة لا تحدها جدران الفصول.