حركة تسييل ودائع نشطة في ظل حالة عدم اليقين وتوقعات الركود

أين تتجه مئات مليارات الدولارات النازحة من البنوك عالمياً؟

1 مايو 2023 10:00 م

- أسواق الأسهم تعيش تذبذباً والعقار يتجه للهبوط
- الذهب والسندات الحكومية ملاذان آمنان والذكاء الاصطناعي خيار استثماري مُحتمل
- «جي بي مورغان»: تريليون دولار خرجت من بنوك أميركية نصفها ذهب لصناديق حكومية
- 75 ملياراً ودائع فرّت من «كريدي سويس» بالربع الأول و«فيرست ريبابليك» فقد 40.8 في المئة

تسببت أزمة انهيار 3 مصارف أميركية، إضافة إلى بنك كريدي سويس السويسري، في سحب مئات مليارات الدولارات من الودائع عالمياً، سواءً من البنوك المأزومة أو من أخرى خشي المودعون من امتداد تأثير «قطع الدومينو» عليها.

ووفقاً لـ«جي بي مورغان» فإن البنوك الأميركية الأضعف خسرت نحو تريليون دولار من الودائع منذ العام الماضي، نصفها خرج من تلك المصارف في مارس الماضي بعد انهيار بنك سيليكون فالي، منوهاً إلى أن نصفها ذهب إلى بنوك أميركية أكبر، في حين أن الـ500 مليار دولار الأخرى توجهت إلى صناديق أسواق المال الحكومية.

وحسب بيانات الاحتياطي الفيديرالي تراجعت الودائع في القطاع المصرفي الأميركي بنحو 76.2 مليار دولار خلال الأسبوع المنتهي في 12 أبريل الماضي.

وكمثال على البنوك المأزومة، كشف «كريدي سويس» الأسبوع الماضي عن تسجيله صافي تدفقات خارجة بقيمة 61 مليار فرنك سويسري أي ما يعادل 68 مليار دولار في الربع الأول من العام الجاري، مع استمرار تلك التدفقات الخارجة، في حين أن ودائع العملاء تراجعت 67 مليار فرنك، أي نحو 75 مليار دولار، في الثلاثة أشهر الأولى من 2023 التي لم تشهد تجديداً كبيراً لدى «كريدي سويس» للودائع التي انتهى أجلها.

أما بنك «فيرست ريبابليك» الأميركي فتراجعت ودائعه بنحو 40.8 في المئة خلال الربع الأول إلى 104.5 مليار دولار.

وأمام هذه التدفقات الخارجة من القطاع المصرفي عالمياً، وتوقعات الركود الاقتصادي عالمياً، يكون السؤال مشروعاً حول أين ستحط تلك المبالغ الكبيرة رحالها، وما هي المنافذ الاستثمارية المتوافرة أمامها حالياً؟

ولعل ما يزيد وجاهة هذا السؤال أن هذه التدفقات الخارجة قد يكون من بينها ودائع من مستثمرين في الشرق الأوسط، سواءً كانت سيادية أو لشركات أو لأفراد.

أسواق الأسهم

ترى تقارير محلية ودولية أن أسواق الأسهم حول العالم، وبعد الخسائر التي تكبدتها نتيجة الهلع الذي أصاب المستثمرين بسبب انهيار مصارف في أميركا وسويسرا، تعيش حالياً حالة عدم يقين تستمر معها حالة التذبذب في أدائها.

ولفت مركز الشال في تقرير له إلى أنه إلى جانب ضبابية أوضاع مستويات التضخم، والتهديد الذي يرتفع ويخفت بين الحين والآخر بالاستمرار بزيادة أسعار الفائدة، دخل النفط ساحة المعركة بعد خفض «أوبك+» لإنتاجها دعماً للأسعار.

سوق العقار

أما بالنسبة للاستثمار في القطاع العقاري، فيتوقع عقاريون اتجاهاً هبوطياً للأسعار هذا العام، إذ أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى تروي العديد من المستثمرين في شراء العقارات، ما يعرّض القطاع إلى الركود عالمياً.

ووفقاً لـ«بلومبيرغ» تتعرض قروض عقارية بقيمة 175 مليار دولار للتعثر في السداد، أي ما يفوق بنحو 4 أضعاف حجم التعثر في القطاعات الأخرى التي تأتي بعد قطاع العقار من حيث الحجم.

وبسبب ارتفاع أسعار الفائدة وانتهاء حقبة الأموال السهلة، يعاني العديد من أسواق العقارات حالة من الجمود، في ظل مطالبة بعض البنوك للمقترضين ببيع الأصول، أو المخاطرة بالحجز على العقارات محل الرهن، مع مطالبة الملاك بدفعات إضافية من رأس المال.

وبلغت مستويات تعثّر سداد القروض العقارية في أوروبا أعلى مستوياتها في نحو 10 سنوات، نتيجة شح السيولة، حسبما أظهرت دراسة لشركة «ويل، غوتشال آند مانجيز» للمحاماة.

استثمارات الركود

وفي ظل حالة التذبذب التي تعيشها أسواق الأسهم وتراجع القطاع العقاري، ومع حالة عدم اليقين وتوقعات بإمكانية حدوث ركود اقتصادي عالمي، تبقى هناك بعض الملاذات الاستثمارية، التي يمكن أن تجد الودائع المسحوبة من البنوك العالمية طريقها إليها، نذكر منها:

1 - الاستثمار في الذهب:

يصنف الذهب على مر التاريخ في مقدمة الملاذات الآمنة.

وشهدت أسعار الذهب ارتفاعات قوية الفترة الماضية مع زيادة مخاوف انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود، حيث يزيد الطلب على المعدن الأصفر كأداة رئيسية للتحوط ضد التضخم. ولعل ارتفاع الطلب على الذهب ليس سببه مخاوف الركود الاقتصادي أو ارتفاعات التضخم فقط، بل تصاعد توقعات استمرار تراجع الدولار في الفترة المقبلة، مع استعداد «الفيديرالي» لتغيير سياساته النقدية وتخفيض الوتيرة القوية لرفع الفائدة.

2 - السندات الحكومية:

منذ وقوع أزمة 2008، تربعت السندات الحكومية على عرش أهم الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها الناس وقت الأزمات، وتكمن مميزات السندات مقارنة بالذهب بأنها توافر عائداً بجانب الحفاظ على قيمتها.

3 - الذكاء الاصطناعي:

لا تزال استثمارات الذكاء الاصطناعي في بدايتها، فيما يمكن الاستثمار في الصناديق التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وتحلّل السوق وتستثمر من أجل عملائها، حيث تساعد تلك الاستثمارات في التخلص من الصداع والاستثمار بشكل أكثر دقة بناء على دقة البيانات.

«جيه بي مورغان» يستحوذ على «فيرست ريبابليك»

ذكرت جهات تنظيمية في الولايات المتحدة أن أصول بنك «فيرست ريبابليك» صُودرت كما أُبرم اتفاق لبيعه إلى شركة «جيه.بي مورغان تشيس» القابضة، ليصبح بذلك ثالث بنك أميركي ينهار خلال شهرين.

وأفادت السلطات التنظيمية في بيان بأن «جيه.بي مورغان»، أحد البنوك الكبيرة في «وول ستريت»، سيستحوذ على معظم أصول «فيرست ريبابليك» وجميع الودائع لديه بما في ذلك الودائع غير المؤمّن عليها.

وكشفت إدارة الحماية المالية والابتكار في ولاية كاليفورنيا في وقت سابق أمس، أن ملكية «فيرست ريبابليك» انتقلت لها، كما عينت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع حارساً قضائياً على البنك.

وقدرت المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع أن تكلفة صندوق تأمين الودائع ستبلغ نحو 13 مليار دولار.

ووفقاً لبيان للمؤسسة، بلغ إجمالي أصول «فيرست ريبابليك» 229.1 مليار دولار حتى 13 أبريل الماضي، فيما بلغت الودائع 103.9 مليار دولار.

وسيُعاد فتح فروع البنك المنهار والبالغ عددها 84 في 8 ولايات بوصفها فروعاً لـ«جيه بي مورغان».

لا تأثير محلياً

فيما أكد بنك الكويت المركزي، وكذلك بنوك الكويت، انكشافها المحدود جداً وغير المؤثر على المصارف الأميركية، فإن الودائع في القطاع المصرفي محلياً لم تتأثر بسحوبات الودائع من بنوك عدة حول العالم.

هذا الأمر يمكن إرجاعه بصفة رئيسية إلى قانون الضمان الحكومي للودائع في البنوك، إذ تعد الكويت الدولة الوحيدة في العالم التي تضمن كل الودائع المصرفية.

وبيّنت آخر إحصائية لـ«المركزي» أن إجمالي الودائع في بنوك الكويت ارتفع بما قيمته 118 مليون دينار (+0.25 في المئة) في فبراير الماضي مقارنة بيناير، لتصل إلى 47.324 مليار، فيما سجلت ارتفاعاً بنحو 414 مليوناً (+0.88 في المئة) في أول شهرين من العام الجاري، وبلغ ارتفاعها 1.86 مليار (+4.09 في المئة) مقارنة بفبراير من العام الماضي.