«خطف الحبيب» تُرجم إلى الفرنسية... «أبواب الجنة»

طالب الرفاعي لـ «الراي»: عنوان الرواية... يشكّل أهمية كبيرة في إيصالها إلى القارئ

24 أبريل 2023 10:00 م

- الإنسان يبحث دائماً عن عمل أدبي وفني يشبهه... ويساعده على فهم نفسه
- منشغل بقراءات وبحث تاريخي لكتابة رواية... تتناول أحداثها فترة منعطف في تاريخ الكويت

فيما صدرت أخيراً ترجمة رواية «خطف الحبيب» إلى الفرنسية تحت عنوان «أبواب الجنة»، كشف رئيس «الملتقى الثقافي» الروائي الأديب طالب الرفاعي عن أن عنوان الرواية يشكّل أهمية كبيرة في إيصالها للقارئ، عازياً أسباب تغيير اسم روايته المذكورة إلى أن العنوان الأصلي لها كان سيوحي للقارئ الفرنسي بشيء خلاف عنوانها العربي.

وأوضح الرفاعي في حوار مع «الراي» أنه منشغل بقراءات تاريخية كثيرة لكل ما يتعلق بفترة منعطف من فترات المجتمع الكويتي، كما يخطط لإصدار عمل في شأنها، متى سنحت الفرصة.

في غضون ذلك، تطرق إلى تكريمه خلال شهر فبراير الماضي من الجمهورية الفرنسية «بوسام فارس في الآداب والفنون» مبيناً أن التكريم في أحد تجلياته هو اعترافٌ بمكانة ما قدمه الإنسان في أي مجال من المجالات.

• في البداية نود تهنئتك لمناسبة صدور ترجمة رواية «خطف الحبيب» إلى الفرنسية، ونسأل عن الفترة الزمنية التي تمَّ خلالها إنجاز هذه الترجمة؟

- رواية «خطف الحبيب» هي الرواية العربية الوحيدة التي طُبعت ونُشرت في جميع عواصم الوطن العربي وفي وقت واحد، وذلك في منتصف سبتمبر 2021، حيث نُشرت لدى 14 دار نشر عربية، وشكّل ذلك مبادرة روائية ثقافية عربية غير مسبوقة.

وفي أحد المساءات وصلني اتصال من الصديق الطيب العروسي من باريس، يخبرني بأن المترجم الفرنسي المعروف الدكتور «لوك باربلسكو-Luc Barbulesco» قرأ الرواية وأعجب بها وهو يريد ترجمتها.

على أثر ذلك قام بالتواصل مع الصديق العزيز الأستاذ فاروق مردم بيك، مدير النشر العربي في دار النشر الفرنسية الأكثر اهتماماً بالأدب العربي «أكت سود/ سندباد ACTES SUD/Sindbad» وبعد قراءة الرواية بنسختها العربية، وافقت الدار على النشر، وبدأ المترجم الترجمة، ولحين الإعلان عن صدور الرواية بنسختها وعنوانها الفرنسي «أبواب الجنة» قبل أيام.

• عنوان الرواية الأصلي «خطف الحبيب»، فلماذا غُيّر العنوان؟

- العنوان يشكّل أهمية كبيرة في إيصال العمل للقارئ، ولأن الترجمة الفرنسية الحرفية لعنوان الرواية كان سيوحي للقارئ الفرنسي بشيء خلاف عنوانها العربي، جرى الاتصال بي من قِبل الأستاذ فاروق مردم بيك، وطُرحت عناوين عدة، ولحين توافقنا على عنوان «أبواب الجنة»، فالكتاب في الغرب هو حصيلة نقاش ووجهات نظر وفي كل ما من شأنه خدمة الكتاب والكاتب والناشر.

• في هذه الرواية، ظلت النهاية «مفتوحة» كما لو أنها تمهيد لإصدار جزء ثانٍ لها، فما صحة هذا التخمين؟

- جميع أعمالي الروائية وحتى القصصية أكتبها بنهايات مفتوحة، فليس من نهاية مغلقة في حكايات الواقع الإنساني الذي نحيا. ولذا ظنَّ بعض قراء «خطف الحبيب» بأن هناك جزءاً ثانياً من الرواية، لكن هذا الأمر ليس في خاطري، فأنا ومنذ فترة منشغل بقراءات تاريخية كثيرة لكل ما يتعلق بفترة منعطف من فترات المجتمع الكويتي، وأخطط لإصدار عمل في شأنها لو استطعت ذلك.

• نتمنى أن تستطيع، ولكن ما الذي يحول دون استطاعتك؟

- الكتابة الروائية بالنسبة إليّ تأخذ مرحلتين، الأولى التحضير، والثانية الكتابة، وأثناء التحضير يحاول الكاتب الإلمام بجميع العناصر التي تخصّ ما يودّ ويخطط لكتابته.

لكن، وفي أحيان كثيرة، خصوصاً بالشأن التاريخي، وبعد أن يُنهي الكاتب قراءاته يجد صعوبة كبيرة في وضع الحكاية التاريخية ضمن قالب روائي مقنع، يتوافر على الحبكة والتشويق والإثارة وأخيراً الرؤية والرسالة. وأنا هنا أتكلم عن نفسي، من دون إلزام أي كاتب بطريقتي، أكف عن محاولة الكتابة، وأكتفي بما حققته من قراءات بوصف القراءات زاد معرفي بالدرجة الأولى.

• في شهر فبراير الماضي، تمَّ تكريمك من الجمهورية الفرنسية، «بوسام فارس في الآداب والفنون» بكتاب من وزيرة الثقافة الفرنسية، في مقر السفارة الفرنسية، وبحضور سفيرة فرنسا في الكويت، فما الذي تطمح إليه مستقبلاً؟

- التكريم، وفي أحد تجلياته هو اعترافٌ بمكانة ما قدمه الإنسان في أي مجال من المجالات، ومن هنا فإن تكريم الجمهورية الفرنسية، بإرثها الفكري والفلسفي والثقافي والإنساني المؤثّر على مستوى العالم، لهو تكريم مهم وكبير، وأنا أرى أن «وسام فارس الآداب والفنون»، هو وسام على صدر الثقافة الكويتية، وهو تكريم يخصّ طالب الرفاعي، بقدر ما يمسّ كل كاتب كويتي، ومن هُنا فهو تكريم للمنجز الإبداعي الكويتي، ويُشرفني ويشعرني بالسعادة أن أقف هذا الموقف.

أما بخصوص طموحي المستقبلي، فهو كتابة أعمال إبداعية بحس إنساني وفني رفيعين، تكون كفيلة بإضافة رصيد إيجابي لرصيدي ككاتب وإنسان.

• في حفل التكريم هذا، أشارت السفيرة الفرنسية في الكويت كلير لوفليشر، بأن تكريمك يأتي بسبب ترجمة خمس روايات من أعمالك للغة الفرنسية، بما مدَّ جسراً بين قضايا وبيئة الكويت والقارئ الفرنسي، وأيضاً لتعاونك في الكثير من الفعاليات، التي تنعقد في «الملتقى الثقافي» مع أنشطة وشخصيات فرنسية كالمترجمين والمفكرين، فما رأيك في ذلك؟

- في ما يخص القضايا التي نقلتها رواياتي للقارئ الفرنسي، فأنا ومنذ بدأت الكتابة في منتصف السبعينات جعلتُ من قضايا راهن المجتمع الكويتي موضوعاً أساسياً لي، ومتنًا لجميع أعمالي الروائية والقصصية، وهذا يأتي من قناعتي بأن شيئاً من مهمة الأدب ينصب في تسليط الضوء على بؤر الاحتدام الإنساني والاجتماعي، وتقديم رؤى مختلفة في تشخيصها، ومن ثم ترك المساحة للقارئ لتكوين رأي يخصّه حيالها، وهذا بعينه ما استشعره وانكشف عليه القارئ الفرنسي بأن يكون وجهاً لوجه أمام البيئة الكويتية وقضايا المجتمع الكويتي.

أما في ما يخص تعاوني مع الملحقية الثقافية الفرنسية عبر «الملتقى الثقافي»، فكما تعلمون فإن «الملتقى» هو صالون أدبي ينعقد في بيتي مع كوكبة من أدباء وفناني الكويت منذ ما يزيد على العقد من الزمن، وهو يستضيف في نقاشاته المحلي والعربي والأجنبي، بما في ذلك أكثر من لقاء جرى تنسيقه خلال السنوات الماضية حول الترجمة إلى اللغة الفرنسية، وحضور الأدب الفرنسي، وهذا يأتي مُتسقاً مع أهداف الملتقى ورسالته الثقافية.

• يُنظر إليك اليوم بأنك الروائي الخليجي، الذي تعتبر أعماله الأكثر ترجمةً إلى اللغة الفرنسية، فهل لدى القارئ الفرنسي الشغف لقراءة الروايات العربية؟

- بخصوص ترجمة رواياتي للغة الفرنسية، فقد صدر لي حتى اللحظة خمس روايات، وجميعها صدرت عن دار أكت سود/ سندباد (ACTES SUD/Sindbad)، وهي كما يأتي: «في الهُنا»، عام 2016، بترجمة «ماتيلدا شيفر-Mathilde Chevre»، و«ظل الشمس»، عام 2018، بترجمة «د. منصف الخميري-Moncef Khemiri»، و«النجدي»، عام 2020، بترجمة «د. وائل الربضي و د. أيزابيل برنارد-Wael Rabadi et Isabell Bernard»، و«حابي»، عام 2022، بترجمة «د. وائل الربضي و د. أيزابيل برنارد-Wael Rabadi et Isabell Bernard»، «خطف الحبيب»، وعنوانها بالفرنسية إلى «أبواب الجنة»، عام 2023، بترجمة «لوك باربلسكو-Luc Barbulesco».

وعن مدى إقبال القارئ الفرنسي على الروايات العربية، فكما تعلمون تُترجم فرنسا سنوياً من جميع الآداب العالمية، وللأسف نسبة المترجم من اللغة العربية تكاد تكون ضئيلة، وعند هذا الضئيل يتوقف القراء الفرنسيون حيال الأدب العربي، والروائي تحديداً، ومؤكد هناك من يتابع ويستحسن هذا الأدب، خصوصاً إذا كانت الرواية العربية المترجمة تمسَّ، في شيء من حكايتها وفنّياتها وحبكتها، وعي وشؤون القارئ الفرنسي. وكوني الكاتب الخليجي الذي تعتبر أعماله الأكثر ترجمةً إلى اللغة الفرنسية، فهذا يجعلني في تحدٍ ومسؤولية دائمة.

• لماذا تستند في معظم أعمالك الروائية إلى أحداث حقيقية؟

- أرى أن الفن هو محاكاة للواقع تقوم على الوعي والخيال واللغة لخلق واقع فني قائم بذاته، وقادر على أن يتجاوز واقع الحياة، المحكوم بقوانين اجتماعية قاسية لا تسمح لأحد بتجاوزها. فهناك على أرض الواقع أماكن وقضايا محجوزة للفن وحده، ووحده يستطيع الدخول إليها، وهذا ما يجعلني، وفي جميع أعمالي الروائية والقصصية، أفتش في قضايا الواقع وعيش الإنسان.

فالإنسان يبحث دائماً عن عمل أدبي وفني يشبهه ويساعده على فهم نفسه، وإدراك شيء من قوانين الواقع الذين يحيط به. فالفن في جوهره يساعد الإنسان على تجاوز صعوبات الواقع الذي يعيشه، ويمنحه الفرصة لعيش لحظة أمل خارج واقعه المؤلم.

• ما هي الرواية التي أخذت من وقتك وجهدك أكثر من سواها؟ وهل تُغطي الرواية كلفة إصدارها خلال البيع؟

- رواية «حابي»، وبالنظر إلى كونها تعالج قضية إنسانية حقيقية شائكة، بتحول فتاة كويتية إلى شاب نتيجة ولادتها بخلل خلقي، كانت تحتاج إلى جرأة في طرحها بمنعطفاتها الحادة، ولهذا استغرقت مني قرابة السنتين من البحث والدراسة والكتابة والمراجعة ولحين صدورها.

وفي ما يخص مدى إمكانية أن تغطّي أي رواية كلفة إصدارها، فلتكن رواية «حابي» مثالاً على ذلك، فلقد اشتغلت بها لمدة سنتين، وحين ذهبت بها للنشر، لم تأتني بما يعادل نصف قيمة راتبي الشهري.

وأكاد أكون متأكداً من أن هذا الوضع ينطبق على معظم الروائيين العرب، فهم لا يعتاشون على مردود كتاباتهم البائس، بل البعض منهم يصرف على تلك الكتابات. فالروائي العربي، وتحديداً المتفرّغ للكتابة، يكتب لأنه لا يستطيع التخلي عن الكتابة، وهو أيضاً لا يعرف حرفة سواها!

الرواية المترجمة وفقد الإحساس

بسؤاله عمّا إذا كانت الرواية العربية تفقد إحساس كاتبها الأصلي عند ترجمتها إلى لغات أجنبية، كما حدث في روايته «النجدي» التي تمت ترجمتها إلى الإنكليزية، والفرنسية، والإسبانية، والإيطالية، والصينية، والتركية والهندية، ردّ الرفاعي: «حقيقة يصعب عليَّ الرد على هذا السؤال، فأنا لا أقرأ إلى جانب العربي إلا باللغة الإنكليزية وبالتالي يمكنني الحكم على مدى نجاح الترجمة في نقل عوالم الرواية. أما بخصوص اللغات الأخرى، فأحياناً أستمع لردود الأصدقاء الذين يقرأون الرواية بلغة ثانية وهم أصلاً قراء باللغة العربية، سواء كان رأيهم استحساناً أو عدمه، وحينها لا أملك عمل أي شيء فقد صدر العمل وما كان كان!».

التوقيع مع «Netflix»

حول إمكانية تحويل إحدى رواياته إلى مسلسل درامي أو فيلم سينمائي، علّق الرفاعي بالقول: «الكاتب الروائي تنتهي مهمته الأساسية لحظة إنجاز روايته، وتبقى قضية تحويل عمله إلى مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي معلّقة باهتمام المنتجين، ولقد قمت قبل فترة بتوقيع عقد مع (Netflix) لتحويل روايتي (حابي) إلى مسلسل تلفزيوني درامي، كما أقوم حالياً بدراسة عرض لتحويل روايتي (النجدي) لفيلم بمواصفات عالمية».