خواطر صعلوك

التعليم والسوق والنتيجة!

16 مارس 2023 10:00 م

عزيزي القارئ، يتعلّم أبناؤك عبر طُرق تدريس قائمة على الحفظ والتلقين، وكاتمة لأي نقاش أو صياغة ذاتية، وليس ضمن تقييم درجات الطلبة حب الاستطلاع والتساؤل، ضمن منهج جيد ولكنه معزول عن المجتمع ومشكلاته بسبب كثرة الحساسيات، ومع اختبارات تحصيلية ونهائية تركز في جوهرها على المعلومات.

يتخرّج أبناؤنا لسوق العمل وأول معلومة تقابلهم هي أن النجاح مرتبط بالعلاقات بين جميع المرؤوسين وجميع الرؤساء في كل أرجاء المجتمع والدولة، وهي علاقة أساسها المديح والإطناب، وليس التعامل مع المشاكل وإيجاد الحلول والبدائل والذي يتطلب نقاشاً وبحثاً ومنهجية وصياغة ذاتية.

في كتابه «دراسات نظرية حول العلوم الاجتماعية» يتساءل الدكتور شفيق الغبرا - رحمه الله - عن أزمة الباحث الاجتماعي ليطرح الأسئلة ويقوّم ويعلن نتائج أبحاثه بعقل استقلالي.

وبسبب عدم تقدير البحث العلمي الاجتماعي وقدرته على حل الكثير من المشاكل، أصبح لدينا جيش من الحاصلين على رسائل الماجستير والدكتوراه من أجل الترقية الإدارية أو المكانة الاجتماعية، وليس من أجل البحث العلمي في مشاكل المجتمع وتطبيق الحلول.

كيف للباحث التاريخي أن يبدع وهو يعمل في حقل مليء بالحساسيات، حساسية القبيلة والعوائل والطوائف والمرأة والرموز، وأزمة الحصول على المعلومات...‏ معاناة ثقافية في كل التخصصات وليس التاريخ فقط. تخيل مدى الانغلاق في المدى والإبداع الذي نعيشه... في الدراما والكتابة والإذاعة وكل أدوات الخطاب الثقافي، بسبب كثرة الحساسيات.

الباحث هنا عليه أن يأخذ جائزة فقط لأنه يبحث بين حقل ألغام ويستطيع أن يخرج بنتائج ترضي الجميع.

تماماً مثل الكاتب الذي يُرضي الجميع، ومثل العمل الفني الذي يُشعرك أن الجميع بخير، ومثل عضو مجلس الأمة الذي يُسمع الجميع ما يرغبون في سماعه، ومثل الفرد الاجتماعي الذي يردد ما يردده الجميع، وما يغيب عن الجميع أنّ كل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

moh1alatwan@