المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية احتفل بالذكرى الـ 40 لتأسيسه

«سيفريبا»... سنوات من البحث في «أعماق الكويت»

8 فبراير 2023 11:00 م

- مكرم عباس: فريق التنقيب اكتشف بفيلكا آثار دير وكنيسة وموقع قلعة تضم ما تبقّى من جيش الإسكندر المقدوني

وسط حشد ديبلوماسي وأكاديمي وإعلامي، وحضور شعبي، احتفل المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية «سيفريبا» الذي يتّخذ من الكويت مركزاً رئيسياً له، بالذكرى الـ 40 على تأسيسه، وسط تنويه بما قام به المركز من بحث في تاريخ الكويت القديم، والاكتشافات التي عثر عليها في جزيرة فيلكا، حيث جرت الاحتفالية التي أقيمت أمس، برعاية وحضور السفيرة الفرنسية لدى البلاد كلير لوفليشر، وحملت عنوان «من اليمن الى الكويت» وتخلّلتها لوحات من اللوحات والغناء الشعبي الكويتي.

وفي مؤتمر صحافي على هامش الحفل، قال مدير المركز الدكتور مكرم عباس: «نحتفل بمرور 40 عاماً على مركزنا الذي أسس في صنعاء العام 1982، من قبل عالم الآثار الفرنسي الشهير كريستيان روبان.

ونحيي في هذه الأمسية ذكرى تأسيس هذا المركز، نظراً لأهميته بالنسبة للكويت ولشبه الجزيرة العربية ككل، وهذا المركز لا يهتم فقط بالآثار، وانما يهتم أيضاً بكل العلوم الانسانية والاجتماعية، ونحاول دراسة كل ما ينتج في شبه الجزيرة العربية، انطلاقاً من منهجية علمية دقيقة، وهذه المنهجية هي نفسها التي يتّبعها زملاؤنا في فرنسا وفي غيرها من البلدان، ولكن نحاول أن نعمل مع زملائنا الجامعيين في الكويت ومع مؤسسات ثقافية، ومع مراكز بحوث، لكي نعطي صورة دقيقة وعلمية عن هذه مجتمعات الخليج».

وفي ما يتعلّق بأحدث الاكتشافات التي عُثر عليها في الكويت، أوضح عباس أنه «ما بين عامي 2012 و2013، اكتشف فريق التنقيب الفرنسي وجود آثار لدير وكنيسة، ثم تم الكشف عنها تدريجياً لدراسة هذه الآثار حتى أصبحت الصورة واضحة العام 2018».

وتابع «إضافة الى موقع القلعة الذي نجد فيه حضور ما تبقّى من جيش الاسكندر المقدوني عندما مرّ بفيلكا، ما يعكس وجود حضارة مشتركة ما بين الشرق والغرب، اكتشف الفريق الفرنسي بمؤازرة فريق من الكويتيين وفرق تنقيب أجنبية أخرى، وجود آثار لدير وكنيسة ومجتمع مسيحي يعود الى القرن الثامن»، موضحاً أنه«حتى بعد ظهور الإسلام وتحديداً الفترة العباسية، ظلّ هذا الوجود قائماً في جزيرة فيلكا، ما يعني أنه كان هناك نوع من التعايش بين الإسلام والمسيحية في الكويت».

كما تحدّث عن «اكتشافات في مناطق نجران والحما والعلا بالسعودية، حيث توجد فرق آثار تعمل على ابراز أهمية هذه المنطقة الجغرافية من الجزيرة العربية على المستوى التاريخي والحضاري والانساني، وأصبح لدينا العديد من المعلومات التي غيرت صورتنا بشكل تدريجي عن شبه الجزيرة العربية».

وعن تمويل المركز، أوضح عباس أن«تمويلنا يأتينا من قبل وزارة الخارجية الفرنسية، والمركز الوطني للبحوث العلمية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في فرنسا، كما تدعمنا الكويت دعماً مهمّاً جداً، من خلال توفيرها لمقرّنا، ونشكر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ووزارة الاعلام، لدعمهما لنا في كافة نشاطاتنا».

شبكة معاهد بحثية فرنسية

أعربت السفيرة الفرنسية كلير لوفليشر عن سعادتها للاحتفال بمرور 40 عاماً على المركز، من تأسيسه في اليمن العام 1982، حتى وصوله إلى الكويت قبل 8 سنوات.

وأضافت أن «المركز يعتبر جزءاً من شبكة من المعاهد البحثية الفرنسية في الخارج (وزارة أوروبا والشؤون الخارجية)، ويغطي سبع دول من شبه الجزيرة العربية (اليمن والمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان)، ومقره في مدينة الكويت، وله فرعان في سلطنة عمان (جامعة السلطان قابوس) والإمارات العربية المتحدة (السوربون أبوظبي) وباحث يمثل أنشطتها في اليمن».

انفتاح وثقافة الجزيرة العربية

أكد الدكتور مكرم عبّاس أن «الجزيرة العربية لم تكن صحراء قاحلة، كما نجدها في العديد من الكتب، وإنما كانت تزخر بالحضارة والثقافات، وكانت منفتحة على غيرها من الثقافات المجاورة، فكانت منفتحة على ثقافات الهند والثقافة الرومانية والأفريقية، كما أن هناك حضوراً للعديد من اللغات اللاتينية واليونانية في آثار شبه الجزير العربية، وهذا إن دلّ، فهو يدلّ على وجود العديد من نقاط التلاقي والتلاقح بين هذه المنطقة وبين الثقافات المجاورة، فبإمكاننا أن نقول إن هذه الأبحاث قدّمت صورة جديدة للجزيرة العربية مغايرة عن تلك التي كنا نعرفها».