كان الحجابُ في زمن الجاهلية غطاءً شكلياً يُربط في أعلى الرأس وتتحرّك جوانبه فلا يخفي الرقبة والأُذن والصدر، فأتى الشرع مهذّباً لصورته، قال تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور/31... يقول الإمام القرطبي والإمام الفخر الرازي: «إنّ نساء الجاهلية كن يشددن خُمُرهن من خلفهن فتُكشف نحورهن وقلائدهن فأُمرن أن يضربن مقانعهن على الجيوب ليتغطى بذلك أعناقهن ونحورهن وما يحيط به من شعر وزينة من الحلي في الأذن والنحر وموضع العقدة منها». انتهى...
فالمراد لبس الحجاب بصورة تختلف عن زمن الجاهلية؛ فإنها تربط الغطاء بإحكام حول الوجه، فلا يكشف -الجيب- الصدر، وإنما تضرب هذا الموضع أي تشده حتى لا يُفتح الجانبان فتكشف ما أخفته.
أمّا غطاء الوجه فإنه عادة عربية بدوية قديمة معروفة، تلبسه المرأة في الجاهلية قبل ظهور الإسلام، ولما جاء الإسلام تركه لأعراف الناس؛ لم يأمر به ولم ينه عنه... فالمرأة مخيّرة في لبسه إن رأت أنه الأفضل لها، فهي قناعة فكرية، ومن لبسته من باب العادات أو رغبت في لبسه، وجب عليها لبسه باحترام؛ فلا تشوه صورة لباس المرأة بالشكل اللافت الذي نراه اليوم، كمن تظهر نصف الوجه أو الرقبة، أو تلبس البرقع الشفاف بصورة القِناع، فهو شكل جديد مخالف للشرع وقريب من زمن الجاهلية، فالشرع يرشد المرأة إلى اللباس المحتشم.
وخلاصة القول، المطلوب من المرأة غطاء الشعر أي الحجاب فهو واجب لا خلاف فيه، وأما غطاء الوجه فهي مخيّرة فيه بشكله المهذّب، فكشف الوجه أو ستره حرية شخصية.
aaalsenan @