دقات ساعة «بيغ بن» لن تسمع بعد 85 عاماً من البث

«هنا لندن»… صوت «BBC» العربي يغيب غداً

26 يناير 2023 11:00 م

- بعد الواحدة من ظهيرة غد الجمعة بتوقيت غرينتش... سيصبح الأمر من الذكريات

حين تعلن عقارب الساعة حلول الرابعة عصر غد الجمعة في الكويت، لن تُسمع دقات ساعة «بيغ بن»، ومعها صوت «هنا لندن» عبر أثير «BBC».

سيغيب الصوت... بل أثير راديو القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، بعد أكثر من 85 عاماً من البث بكل ما يحمله من حنين لدقات تلك الساعة الشهيرة والافتتاحية الشهيرة «هنا لندن»، التي نشأت أجيال عربية وترعرعت على موجاتها وكانت لهم أهم مصادر الخبر الدقيق والتحليل العميق.

بعد الواحدة من ظهيرة غد الجمعة بتوقيت غرينتش، سيصبح الأمر من الذكريات، بعدما جاء قرار الهيئة أواخر سبتمبر الماضي بإغلاق الإذاعة العربية وإذاعات أخرى ضمن خطة «BBC» للهيكلة نتيجة أزمة مالية ألغت بموجبها أيضاً مئات الوظائف في وقت تحتاج المؤسسة إلى توفير 28.5 مليون جنيه إسترليني من الموازنة السنوية التي تبلغ نصف المليار جنيه والتوجه صوب الإعلام الرقمي.

وعزت الهيئة اتخاذها «قرارات صعبة» إلى معدلات التضخم والتكاليف المرتفعة. لكن القرار أثار ذهولاً كبيراً في الأوساط الإعلامية.

فالإذاعة البريطانية إحدى أعرق إذاعات العالم، بدأ بثها عام 1920 من مصنع ماركوني بعبارة «This is London»، وتحولت بعدها بعامين إلى شركة عامة، ثم في 1926 أصبح مسماها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) كشبكة غير تجارية تعمل بمبدأ الخدمة العامة كما أرساه مديرها العام الأول اللورد ريث.

وفي عام 1932، ظهرت الخدمة الإنكليزية العالمية للمتحدثين بها في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية. أما القسم العربي، فهو أول الخدمات غير الناطقة بالإنكليزية وأسس رداً على «إذاعة باري» التي أطلقتها إيطاليا الفاشية للمنطقة العربية عام 1934.

في الثالث من يناير عام 1938، بدأ المذيع أحمد كمال سرور أول بث موجه لمنطقة الشرق الأدنى «هنا لندن... سيداتي سادتي... نحن نذيع اليوم من لندن باللغة العربية للمرة الأولى في التاريخ».

ومنذ ذلك الحين سطرت «BBC» لنفسها تاريخاً ساحراً من الثقة والمصداقية والرصانة وارتبطت بوجدان المستمع العربي.

قرار الإغلاق، أوجع قلوب الكثيرين من العاملين العرب في هذا الصرح العريق، منهم الصحافي المعتمد لدى البيت الأبيض الأميركي ومراسل «BBC» الأسبق في واشنطن عاطف عبدالجواد، الذي روى في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، واقعة مهمة من ذكرياته في «BBC» بأنه أول من أذاع نبأ الغزو العراقي الغاشم للكويت في العالم عام 1990. ويعلق عبدالجواد «بي بي سي غرست لدي أسس المصداقية الصحافية التي اعتمدت عليها طول حياتي».

من جانبه، أشار المذيع محمود المسلمي لـ«كونا» إلى «المكانة الخاصة» التي يحظى بها المستمعون بالكويت، منوهاً بأن البث على موجات «FM» بالكويت كان من أوائل الاتفاقات التي أبرمتها الهيئة، بالإضافة إلى متابعته للشأن الكويتي من خلال فرق عمل كثيرة تزور الكويت لتغطية الانتخابات والفعاليات الثقافية وغيرها.

أما نور الدين زورقي فتحدث لـ«كونا» عن حزنه وحنينه للراديو رغم أنه الآن مذيع رئيس بتلفزيون «BBC»، وهو الذي سيغطي ساعة الإغلاق غداً.

وبصوته الشجي «محمد العجمي بي بي سي... الكويت»، كان أشهر مراسلي الإذاعة البريطانية بمنطقة الخليج يختتم تقاريره على مدار سنوات وروى لـ«كونا» أبرز الأحداث التي غطاها كإطلاق العراق صواريخ سكود باتجاه الكويت في 2003، قائلاً «كنت أول من نقل هذا النبأ وسبقنا به جميع وكالات العالم».