بوضوح

منظومة التعليم في الكويت

26 يناير 2023 11:00 م

ليست مسألة تسريب الامتحانات- التي طالعتنا بها مختلف وسائل الإعلام في الآونة الاخيرة- هي المعضلة الوحيدة التي تواجه التعليم في الكويت، بل إنها نتاج لما أفرزه الفساد الذي ينخر في الأعماق، من دون أن تراه أعيننا، أو نشعر به بصورة واضحة وصريحة.

فالفساد -كما هو معروف- لا يحبّ الضوء ولا يشعر بالراحة إلا في الظلام الدامس، ولا يعشّش إلا في النفوس الخربة، التي لا تسعى للخير، ولا ينمو ويترعرع إلا في بيئة عفنة، لذا فإنه يفضل أن يكون مختفياً غائباً عن الأعين، ومتخذاً من التضليل والعتمة سبيلاً لوجوده.

لذا، فإن أثره فتّاك ومدمر، لأننا نتعامل فيه مع أشباح نشعر بآثارها وضرباتها المؤلمة ولكننا لا نراها، كي نستخدم معها الأسلحة القانونية، ونحاربها وجهاً لوجه، ومع ذلك فإن أجهزتنا الأمنية والرقابية استطاعت بفضل الله، وبفضل اليقظة والفطنة، أن تكشف هذه الوجوه التي لا تريد لنا خيراً، ومن ثم دفعت بها إلى القضاء ليقول فيهم قوله المستحق.

وبالعودة إلى منظومة التعليم في بلدنا الحبيب الكويت، فإننا لن نعرج كثيراً لموضوع تسريب الامتحانات الأخيرة، والقبض على بعض الضالعين فيها، ولكننا سنتحدث عن عصب وصلب الموضوع، والذي يتمثل في أمور عدة لعل من أهمها، المناهج التعليمية التي هي بأمس الحاجة إلى إعادة مراجعتها، والاستعانة باختصاصيين كويتيين في المجال التربوي- وهم كثر- لغربلة هذه المناهج في مختلف الأمور العلمية والتعليمية وكذلك التربوية، من خلال تقوية المواضيع التي تحتاج تقوية، وحذف ما لا طائل منها.

كما يجب أن تكون هناك رغبة ملحة لرفع مستوى المعلم ماديّاً وأدبياً، من خلال تحسين دخله، وإبراز دوره المهم والحيوي، كي تكون مهنة التعليم جاذبة وليست طاردة، وهذا الأمر سيساهم في أن تكون لدينا كوادر وطنية متميزة من معلمين أجلاء، نستطيع بوجودهم صناعة منظومة تعليمية كويتية متقنة.

كما يجب الارتقاء بالمستوى الثقافي للمعلم وتثقيفه، من خلال دورات تدريبية جادة ومنتظمة، وتشجيعه على تطوير قدراته من خلال الحوافز التي تمنح له، لدفعه إلى الارتقاء بحسه الثقافي والمهني.

فإن فعلنا ما تقدّم... فإننا لن نكون بحاجة إلى محاربة الغش أو تسريب الامتحانات، ولن نحتاج لجاناً لمتابعة الفساد، لأننا ببساطة شديدة قدّرنا المعلم، ووضعناه في سدة المسؤولية، والذي بدوره سيكون جاداً في تدريسه للتلاميذ والطلبة، ومن ثم فإننا سنحصل على خريجين متميزين، لديهم الكفاءة للدخول إلى الجامعات والمعاهد، بقدرة على الاجتهاد والتفوّق.

وهذا كله سيكون في مصلحة الوطن، الذي نريده متطوراً ومرفوع الهامة، بأبنائه المخلصين.

اللهم احفظ الكويت، وأميرها وولي عهدها الأمين، وأهلها، وكل مقيم على أرضها الطيبة، من كل مكروه.