أضواء

ما وراء حرق المصحف الشريف في السويد

24 يناير 2023 11:00 م

لم تكن المرة الأولى أو الأخيرة التي يتم فيها حرق المصحف الشريف في أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية. فالقوم اعتادوا حرق المصحف الشريف مع ظهور اليمين المتطرّف في تلك الدول التي تدّعي احترام التعددية وثقافة الآخرين وأديانهم.

ما قام به السياسي اليميني المتطرّف السويدي راسموس بالودان، من حرق المصحف الشريف لم يكن عفوياً بناءً على حرية التعبير التي يتباهون بها والتي تغلب عليها المعايير الازدواجية، بل له دوافعه السياسية كذلك حيث يسود التوتّر العلاقات بين تركيا والسويد على خلفية رفض تركيا قبول السويد الانضمام إلى «حلف الناتو» ما لم تقم الأخيرة بمنع نشاط حزب العمال الكردستاني الإرهابي على أراضيها وتسليم كبار زعاماته الفارين لمحاكمتهم في تركيا.

تجاوز الحكومة السويدية عن فعلة المتطرّف راسموس، كجريمة كراهية لن ينفع في تجاوز التوتّر السياسي بين الدولتين وسيزيد من حدّتها حيث يضيف إليها بعداً دينياً يتعدى بعدها السياسي.

دائماً يلوذ الغربيون بخدعة التعبير عن الحرية عندما يسيئون إلى رموزنا الإسلامية أو الإسلام. وهي محاولة فاشلة لأن الحرية لا تسمح بارتكاب جريمة كراهية ضد الآخرين، وهي جريمة يحاسب عليها القانون الأوروبي. وبذلك يكون الرئيس الفرنسي ماكرون، قد ارتكب حماقة عندما دافع عن الكاريكاتير الذي أساء إلى نبينا محمد، صلى الله عليه وسلّم، ونشرته جريدة شارل إيبدو الفرنسية.

الكاتب السويدي إيفيد لارسون كتب مقالاً عن حرية التعبير. تساءل فيه «هل يمكن حرق علم الشواذ وهو رمز مهم للإنسانية في السويد وأوروبا؟ وهل يمكن حرق كتاب التوراة وهو الكتاب المقدس لليهود»؟ أجاب: «ولكن لأن الشذوذ رمز للإنسانية والفخر ويمثل فئة اجتماعية تعاني من الاضطهاد فإن القوانين في السويد تعتبر أن حرق علم الشواذ هو بمثابة جريمة كراهية... ولا يمكن منح تصريح تظاهر لفعل ذلك»! أما حرق التوراة وعلم إسرائيل يقول الكاتب: «هي جريمة في القانون السويدي ولهذا لو وجدت الشرطة أن حرق التوراة وعلم إسرائيل قد يكون عمل يشير لمعاداة السامية فلن تسمح بذلك لأنه جريمة»!. ودائماً يعامل الحرق كجريمة معاداة السامية!

هنا نرى كيف يتلاعب الغرب في مسألة الحرية، حيث يكيفونها حسب معاييرهم الفاسدة. وكما قال الكاتب في نهاية مقاله: «في الغرب كانت العلمانية والإلحاد هما من كتبا لنا ما هي حريات التعبير وما هو مسموح وما هو غير مسموح... أما الحرية الكاملة فمنحتها لنفسها فقط». ويقصد بذلك «دون الآخرين»!