د. يعقوب أحمد الشراح / صدى الكلمة / إعلان الرياض واللغة العربية

1 يناير 1970 11:21 م

إعلان الرياض الصادر عن القمة العربية التي عقدت يومي 28 و29 مارس من العام 2007 أشار الى مجموعة كبيرة من القضايا المفصلية التي أولاها القادة أهمية بالغة في الدورة التاسعة عشرة لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في الرياض في المملكة العربية السعودية. ومن هذه القضايا المهمة الاجماع على النهوض باللغة العربية. فالقادة أكدوا على استعادة روح التضامن العربي، وحماية الأمن العربي الجماعي، ونبذ أشكال الغلو، والتطرف كلها، وعدم تمييع الهوية العربية، وتقويض الروابط التي تجمع الدول العربية.

وقد أعلنوا عن عزمهم على «العمل الجاد لتحصين الهوية العربية ودعم مقوماتها ومرتكزاتها وترسيخ الانتماء اليها في قلوب الاطفال والناشئة الشباب وعقولهم، باعتبار ان العروبة ليست مفهوماً عرقياً عنصرياً، بل هي هوية ثقافية موحدة تلعب اللغة العربية، دور المعبر عنها والحافظ لتراثها، واطار حضاري مشترك قائم على القيم الروحية الأخلاقية والانسانية يثريه التنوع والتعدد، والانفتاح على الثقافات الانسانية الأخرى، ومواكبة التطورات العلمية والتقنية المتسارعة من دون الذوبان او التفتت او فقدان التمايز».

هذا العزم الذي أبداه القادة عزم يحتاج الى تفعيل، لانه يجسد الواقع المزري الذي تعيشه اللغة العربية حاليا، في العالم العربي الذي انقسم على نفسه فأصبح عالما يدين أكثر الى الثقافة الاجنبية، لغة وتراثا وقيما وعلما ومعرفة وصناعة واستهلاكا لدرجة الانصهار في حضارة لا تمت أو تتصل بأي شيء لها علاقة بحضارته وثقافته التي يتحدث عنها.

وإذا نظرنا الى اللغة العربية كمثال واحد يعكس مدى الاختلال الحاصل في نسيج الثقافة والهوية والوجود العربي لوجدنا انها أنصع مثالاً يجسد الضياع والخوف من المستقبل. فغالبية مؤسسات التعليم العربي أصبحت اليوم تعلم الاطفال والشباب العربي بلغة غير اللغة العربية، وهو ما يلاحظ في المدارس الأهلية والحكومية والجامعات على مختلف أنواعها. بل ان عناصر تشجيع التعليم باللغة الاجنبية أصبحت مرتبطة كشرط أساسي للتعيين في الوظائف بعد التخرج، فالطالب المتخرج في جامعة أجنبية له الافضلية في التعيين مقارنة بزميله المتخرج في جامعة عربية. والأخطر من ذلك كله ان تعليم الاطفال يبدأ في العالم العربي باللغة الاجنبية خصوصا في مدارس اللغات والمدارس الخاصة، فهل بعد ذلك يستطيع القادة العرب ان يترجموا توصياتهم في شأن اللغة العربية إلى أفعال على أرض الواقع ام ان اعلان الرياض اضافة أخرى الى التوصيات القممية السابقة التي لاوجود لها عملياً؟

الأمل كبير في ان يتحقق ما يوصي به القادة العرب، وان تعطى العناية الكبيرة باللغة العربية في مؤسسات التعليم، وان تسارع القطاعات التربوية لترجمة هذه التوصية على الأرض من خلال اتخاذ تدابير فاعلة، اهمها ضرورة التدريس باللغة العربية في مؤسسات التعليم العالي، وتفعيل تدريس العربية في المدارس، وتحسين طرق تعلمها بشتى الوسائل.


د. يعقوب أحمد الشراح


كاتب كويتي

[email protected]