الإنجازات الطبية الأبرز عالمياً خلال 2022

31 ديسمبر 2022 11:00 م

شهد العام 2022 إنجازات ملهمة في مجالات العلوم الطبية والصحية، بما في ذلك علاجات واعدة لحالات مرضية مميتة كمرض التصلب اللويحي المتعدد ومرض الذئبة، بالإضافة إلى ابتكار علاجات أكثر تطوراً للسمنة وتساقط الشعر.

وصحيح أن بعض هذه الابتكارات - مثل زرع أعضاء خنازير في البشر - لا تزال بعيدة عن كونها علاجات إشاعة، فإن العام 2022 شهد عدداً من الإنجازات التي من شأنها أن تعمل بالفعل على تحسين صحة وحياة البشر.

نسلط الضوء في التقرير التالي على أبرز تلك الإنجازات الطبية:

عدسات لاصقة تحوي أدوية

في مارس 2022، وافقت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية على أول عدسات لاصقة لا تساعد فقط في تحسين الرؤية ولكن أيضاً توصل الدواء إلى العيون بشكل فعال.

تم تطوير العدسات بواسطة شركة جونسون آند جونسون ويتم بيعها كجزء من علامتها التجارية Acuvue الخاصة بالعدسات اللاصقة التي تستخدم لمرة واحدة. وتطلق تلك العدسات المبتكرة مضادات هيستامينية إشاعة الاستخدام تسمى كيتوتيفين، والتي من المتوقع أن تساعد في منع أو معالجة حكة العين الناجمة عن الحساسية لمدة تصل إلى 12 ساعة.

وعلى الرغم من أن هذه العدسات هي عبارة عن تطبيق بسيط نسبياً، يأمل الأطباء في إمكانية استخدام هذه التقنية قريباً للمساعدة في معالجة أمراض ومشاكل العين الأكثر خطورة، مثل إعتام عدسة العين (الكاتاراكت) وزرقة العين (الغلوكوما).

حقبة جديدة لمعالجة تساقط الشعر

منذ عقود، يدرس بعض العلماء ما إذا كانت فئة من الأدوية المستخدمة بالفعل لمعالجة أمراض المناعة الذاتية - والمعروفة باسم مثبطات JAK - قد تكون قادرة أيضاً على المساعدة في معالجة نوع معين من تساقط الشعر وهو النوع المعروف باسم داء الثعلبة.

وفي شهر يونيو، أقرت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية هذا العمل عندما وافقت على دواء Baricitinib كأول مثبط لمعالجة داء الثعلبة الحاد.

وبينما يمكن لبعض الأشخاص الاستفادة من العلاجات الحالية، فإنه لا توجد حتى الآن أي أدوية محددة تهاجم السبب الجذري للحالة. ويمكن للأشخاص الذين يعانون من داء الثعلبة الشديد أن يفقدوا كل الشعر على مدار الجسم وفروة الرأس.

وفي التجارب السريرية، اتضح أن دواء Baricitinib استعاد كميات كبيرة من الشعر لدى نحو ثلث هؤلاء المرضى بأعلى جرعة.

زرع أعضاء الخنازير في البشر

على مدار الخمسة عشر شهراً الماضية، قطع العديد من فرق البحث خطوات كبيرة في مجال نقل الأعضاء من الحيوانات وزرعها جراحياً في البشر. وفي هذا الإطار، تم إثبات قدرة أعضاء الخنازير المعدلة وراثياً على النجاة من رحلة العبور الأولي إلى جسم الإنسان دون المعاناة من الرفض الحاد.

وكان فريق من جامعة ألاباما الأميركية هو أول فريق طبي سجل زرع كليتين من خنزير في مريض توفي دماغياً في يناير.

وعلى الرغم من أهمية هذه الإنجازات، فإنها تعتبر بمثابة الخطوة الأولى لجعل زراعة الأعضاء حلاً واقعياً لمعالجة النقص المزمن في أعضاء المتبرعين البشريين.

لكن كانت هناك انتكاسات أيضاً. ففي شهر مارس 2022، توفي رجل مصاب بمرض عضال بعد أن أصبح أول متلق حي لقلب خنزير معدل بشكل غير متوقع بعد شهرين من العملية، وربما كانت وفاته بسبب عدوى خفية انتقلت إليه عن طريق قلب الخنزير.

نجاح «الحبة المتعددة» لأمراض القلب

في أغسطس 2022، اجتازت حبّة مكونة من ثلاثة في واحد لأمراض القلب - والمعروفة أيضاً باسم «الحبة المتعددة» - أكبر اختبار لها حتى الآن.

وفي تجربة كبيرة متعددة الجنسيات شملت مرضى ناجين من نوبات قلبية، ثبت أن الحبة المتعددة تمنع المزيد من النوبات القلبية والسكتات الدماغية أكثر مما تفعله الرعاية الطبية القياسية.

وكما هو مأمول، كان المرضى أيضاً أكثر قدرة على الاستمرار في تناول الأدوية المجمعة بانتظام أكثر من أولئك الذين يتناولون علاجات متعددة بشكل فردي.

ومن المتوقع أن تمهد هذه النتائج الطريق أمام الحبة المتعددة التي طورتها شركة Ferrer وتمت الموافقة عليها في دول الاتحاد الأوروبي باسم Trinomia، لتصبح معتمدة على نطاق أوسع.

علاج جيني لمرض الهيموفيليا

في نوفمبر 2022، وافقت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية على أول دواء من نوعه لمرض الهيموفيليا من النوع B (نزف الدم الوراثي)، وهو حالة نادرة تقوض قدرة الشخص على تخثر الدم بشكل صحيح. ذلك الدواء - المسمى الآن Hemgenix - هو علاج يقدم نسخة وظيفية من الجين الذي يعاني من خلل وظيفي لدى المصابين بالهيموفيليا B.

لكن هذا الدواء لن يأتي بثمن منخفض، فمن المتوقع أن تبلغ تكلفته 3.5 مليون دولار لكل مريض، وهو أعلى سعر قائم حتى الآن لدواء يتألف من جرعة واحدة.

لكن شركة CSL Behring المصنعة للدواء تتوقع له أن يكون مفيداً لأنه سيقلل من عدد المرات التي يحتاج فيها المرضى إلى دفعات باهظة الثمن من عامل التخثر المفقود لديهم.

علاج محتمل لمرض الذئبة

في سبتمبر 2022، نشر علماء في ألمانيا بحثاً مثيراً للاهتمام، وإن كان لا يزال مبكراً، وهو البحث الذي يمكن أن يبشر بعصر جديد لمعالجة مرض الذئبة. ففي تجربة محدودة، وجدوا أن مرضى الذئبة الذين تلقوا دواء معيناً للسرطان قد تمتعوا بفترة تراجع لمرضهم لمدة وصلت إلى 17 شهراً.

يُطلق على ذلك الدواء اسم المعالجة بالخلايا التائية، وهو يعمل عن طريق تعديل الخلايا التائية للمريض في المختبر لاستهداف أنواع معينة من السرطان بشكل أفضل ثم إعادة حقنها في جسم المريض.

وافترض الباحثون أن هذه الخلايا التائية المعدلة يمكن أن تستهدف أيضاً الخلايا المناعية المضللة التي تنتج الأجسام المضادة الذاتية المسؤولة عن مرض الذئبة.

وحتى الآن، يبدو أنهم على حق. فلقد شهد جميع المرضى الخمسة في الدراسة تحسناً في الأعراض بعد المعالجة بالخلايا التائية، إلى جانب فقدان كامل للأجسام المضادة الذاتية التي تنجم عن مرض الذئبة.

دواء للسمنة يشبه العلاج الجراحي

في شهر مايو 2022، أعلنت شركة Eli Lilly الأميركية عن نتائج تجربة المرحلة الثالثة لدواء Tirzepatide الذي يعالج السكري من النوع الثاني والسمنة.

ولوحظ من خلال نتائج التجارب أن الأشخاص الذين تناولوا الجرعات الأعلى من الدواء فقدوا 22 في المئة من وزن الجسم الأساسي، وهو معدل أعلى بكثير من متوسط فقدان الوزن الذي لوحظ في أولئك الذين تلقوا نصائح حول النظام الغذائي والتمارين الرياضية.

ومنذ ذلك الحين، تمت الموافقة على عقار Tirzepatide من جانب إدارة الأغذية والعقاقير كدواء لداء السكري من النوع 2 (يُباع تحت الاسم التجاري Mounjaro).

ومن المتوقع أن تستكمل شركة Eli Lilly إجراءات طلبها للحصول على موافقة لاستخدام هذا الدواء كعلاج للسمنة أيضاً بحلول منتصف العام 2023.

فيروسات لمكافحة السرطان!

في سبتمبر 2022، كشف علماء أميركيون عن نتائج المرحلة الأولى من تجارب سريرية لطريقة جديدة لمعالجة السرطان تعتمد على تجنيد فيروسات معينة للقتال نيابة عن الجسم ضد السرطان.

ويُطلق على العلاج الفيروسي الجديد اسم RP2، وهو سلالة معدلة وراثياً من فيروس الهربس البسيط 1 المسؤول عن معظم حالات الهربس الفموي لدى البشر.

وإذ طورته شركة Replimune، يقوم RP2 بقتل الخلايا السرطانية انتقائياً وتعزيز قدرة الجهاز المناعي على استهداف السرطان.

ومن بين 39 مريضاً مصاباً بسرطان متقدم تم إعطاؤهم RP2- إما بمفرده أو بالاشتراك مع علاج مناعي - بدا أن 25 في المئة مرضى استجابوا له، ما يعني أن سرطاناتهم توقفت عن النمو أو تقلصت، في حين بدا أن 20 في المئة تمتعوا بفترات تراجع كامل للمرض استمرت لمدة 15 شهراً على الأقل.

معالجة مرض وراثي مميت... في الرحم

في شهر نوفمبر 2022، أبلغ الأطباء في الولايات المتحدة وكندا عن حالة طبية هي الأولى من نوعها، حيث تمكنوا من البدء في معالجة مرض وراثي قاتل لدى جنين داخل الرحم، وهو الأمر الذي ساعد على ما يبدو في منع المضاعفات القاتلة التي قتلت أشقاء الجنين.

وكان قد تم تشخيص المرض لدى الطفلة الجنين بمرض بومبي، وهو حالة نادرة تمنع المصابين به من تكسير الغلايكوجين المخزن في الجسم.

غالباً ما يموت أولئك الذين يعانون من بداية مرض بومبي مبكراً أو يصابون بمشاكل حادة في النمو في غضون سنوات، حتى عندما يتم إعطاء العلاجات القياسية بعد الولادة بفترة وجيزة.

ويبدو أن الاستراتيجية قد نجحت. فلقد تجنبت تلك الطفلة المشاكل التي عانى منها إخوتها، مثل تضخم القلب عند الولادة.

وبعد عامين تقريباً، حققت الطفلة مراحل نموها في الوقت المحدد.