خواطر صعلوك

الطريقة المُثلى للنسكافيه بالدارسين!

18 ديسمبر 2022 11:00 م

لن أعبّر عن رأيي في هذا المقال عن موضوع إسقاط القروض، أو حتى ما يحدث من تغيير للقيادات على مستوى الدولة، ليس لأن عندي رأياً لا أرغبُ في قوله، وليس لأني أعتقد أنه من الجيد للإنسان أحياناً ألا يُكوّن رأياً، وليس لأن أعلم أنك كقارئ «مُبتلى» بمتابعة ما أكتب، فلا يهمك رأيي أصلاً، ولكن لأني - فعلاً وحقيقة - لا أملك رأياً حول هذين الموضوعين تحديداً، رغم إني أملك آراء أخرى قد تعحبك مثل موضوع (الطريقة المثلى لوصفة النسكافيه مع الدارسين)... ولكن إسقاط القروض وتغيير القيادات... فلا أملك رأياً فيهما.

موضوع إسقاط القروض الذي يهم المواطنين الكويتيين الذين براتب أساسي ومجموعة علاوات، وموضوع تغيير القيادات الذي يهم أعضاء مجلس الأمة، والمناصب الرفيعة في الدولة الذين براتب أساسي ومجموعة كبيرة من الاستثناءات.

وفي الإسقاط -أقصد القروض- هناك 4 فرق، ندعو الله أن يكونوا كلهم في الجنة إن شاء الله.

مُقترض أنهكته المصاريف يريد الإسقاط، ومقترض أنهكته المعرفة والوعي السياسي لا يريد الإسقاط، وغير مقترض عاطفي يريد الإسقاط لأنه يعرف مقترضاً ويحب له الخير، وغير مقترض عقلاني لا يريد الإسقاط لأنه يتكلّم بالحقائق والأرقام فقط.

أعتقد - والله أعلم- أنه لا ينبغي إعطاء رأي في هذا الموضوع، وليحتفظ صاحب الرأي لنفسه في المساحة التي تضم حاله وعائلته ومدى تماسكها، ووضعه الاقتصادي وحالته الأُسرية ومستوى تعليمه، وكل هذه المتغيرات التي تجعل كل رأي فيه إساءة -بغير قصد- للكثيرين، ما يجعل هذا الموضوع ملتهباً دائماً وكالعادة ومنذ أكثر من عشرين سنة... ما الرأي الذي يمكن أن يقوله الصياد لأطفاله على طاولة العشاء، لكي يقنعهم وهم جياع، أن السبب في فراغ الصحون اليوم هو أن الأسماك كلها - ومنذ الفجر- سقطت في شباك أخرى - غير شباكه - لأسباب مجهولة؟

أمّا تغيير القيادات الذي يحدث على مستوى الدولة، ففيه أيضاً فِرقٌ ومذاهبٌ، ندعو الله أن يكون كلهم في الجنة إن شاء الله عدا واحدة.

فرقة مؤمنة بأن ما يحدث من تغيير القيادات هو الحراك الطبيعي والمنطقي في ظل تصحيح المسار.

وفرقة متشككة ومترددة في أن ما يحدث هو فقط تغيير «رجال» ربما يؤدي بنا جميعاً إلى رفع شعار المسلسلات «كلهم رجالة زي بعضيهم»، أو استخدام المقولة السلفية المُحرفة «هم رجال وهم رجال».

وفرقة متوقفة، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ترصد وتراقب وتعمل وتحملُ الكويت على أكتافها بصمت، ولاؤهم مُطلق لرمز الدولة «الأمير والعلم»، يرون أنفسهم في المناصب القيادية «متساوين لأفراد الشعب»، حتى وهم خارج الخدمة يقدّمون حلولهم ومبادراتهم.

وفرقة تُظهر خلاف ما تبطن، تؤيد التغيير في القيادات لأنه في صالحها، فإذا لم يُعطوا - حسب وعيهم الوطني- من الغنائم، انقلب إيمانهم بتصحيح المسار إلى ثلاثٍ وسبعين شُعبة، أعلاها أن يطعنوا في القيادات الجديدة بلا دليل، وأدناها أن يطعنوا أيضاً في القيادات القديمة بلا دليل وبيّنة.

أما لماذا لا أملك رأياً في ما يحدث من تغيير القيادات، فلأني أعتقد -والله أعلم- أنّ النظام البيئي العام لحركة الإنجاز والعمل في المؤسسات بطيء، وبالتالي ودون قصد أيضاً فإن إعطاء رأي في هذا الموضوع الآن وفي هذا الوقت، فيه إساءة لشخصيات لم تأخذ فرصتها بعد، وشخصيات أخذتها في ظل نظام خانق، وشخصيات حان دورها حسب السلم الوظيفي سواء بالترقية أو بالتقاعد... وقيادات الدولة والمناصب الرفيعة، والرأي - إذا غاب عنه الدليل - ينحرف إلى إساءة دون أي اعتبار لأسرهم وعوائلهم وكون منهم من حان موعد تقاعده، أو رغبته الشخصية في ترك العمل المؤسسي، أو أي ظروف ومتغيرات لا يعلمها إلا الله.

وأعذرني عزيزي القارئ على الإطالة، فإنه ينبغي للكاتب أحياناً ألّا يُعطي رأياً، ويتحول فقط إلى مرآة للمجتمع. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan@